ختان الإناث، الحقائق والأضرار

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 05 سبتمبر 2022
ختان الإناث، الحقائق والأضرار

يعرَّف ختان الإناث (Female Circumcision) طبياً باسم التشويه التناسلي للإناث (Female Genital Mutilation)، وهو العملية التي يتم فيها قطع أو كيّ الأعضاء التناسلية للطفلة الأنثى دون أي سبب طبي يوجب هذا الإجراء.

تجرى هذه العملية في العادة على فتيات بعمر أصغر من 15 سنة (غالباً قبل سن البلوغ)، وتعتبر جريمة يعاقب عليها القانون في الكثير من البلدان حول العالم.

وهي عملية مؤلمة جداً ويمكن أن تؤدي إلى أذية ومخاطر صحية شديدة بعد إجرائها، إضافة إلى الآثار المدمرة على المدى البعيد من ناحية الغريزة الجنسية، الولادة والصحة النفسية.

 

أنواع عمليات ختان الإناث

تقسم منظمة الصحة العالمية (WHO) إجراءات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى أربعة أنواع رئيسية، هي:

النوع الأول: ويعرف باسم قطع البظر (Clitoridectomy)

حيث يتم استئصال البظر (Clitoris) جزئياً أو كلياً (البظر هو جزء من الأعضاء التناسلية الأنثوية؛ حسّاس وقابل للنعوظ إي الانتصاب).

وفي حالات نادرة - يتم قطع البظر باستئصال القلفة (الطيّة الجلدية التي تحيط بالبظر، وتقابل القلفة المحيطة بالقضيب لدى الذكر).

النوع الثاني: يشار إليه بالاستئصال أو القطع (Excision)

حيث يتم التخلص من البظر والشفرين الصغيرين جزئياً أو كلياً (الشفر الصغير هو طية جلدية داخلية في المهبل) كما قد يكون هذا النوع من الختان مع استئصال الشفرين الكبيرين أو بدونه.

(الشفر الكبير هو الطية الجلدية الخارجية التي تحجب فتحة المهبل).

النوع الثالث: يعرف باسم التبتيك أو الختان التخييطي (Infibulation)

يتم هذا النوع من الختان بتضييق الفوهة المهبلية بإحداث سدادة في مدخل المهبل، حيث يتم تشكيل السدادة بقطع الشفرين الصغيرين، أو الكبيرين ووضعهما في مدخل المهبل باستخدام قطب.

مع استئصال البظر أو عدم استئصاله (قطع البظر).

النوع الرابع من أنواع الختان

ويشمل جميع الممارسات الأخرى التي تُجرى على الأعضاء التناسلية الأنثوية بدواع غير طبية، مثل وخز تلك الأعضاء وثقبها وشقّها وحكّها وكيّها.

 

مناطق انتشار الختان حول العالم

يعتقد البعض أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية عادة إسلامية، ويستخدمون هذه الحجة لنشرها في المناطق المتدينة والمحافظة، لكن الأدلة الإحصائية تظهر أن هذه العادة مرتبطة بمناطق معينة أكثر من كونها مرتبطة بدين أو بآخر.

وتظهر الإحصائيات التي يعرضها موقع خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة (NHS) أن مواطني هذه الدول هم الأكثر قياماً بإجراء الختان على بناتهم:

  • مصر.
  • اريتريا.
  • اثيوبيا.
  • غامبيا.
  • غينيا.
  • اندونيسيا.
  • ساحل العاج (كوت ديفوار).
  • كينيا.
  • ليبيريا.
  • ماليزيا.

يتضح مما سبق أن ختان الإناث تقليد محلي في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، حتى أنه يمارس في دول غير إسلامية بسبب الخرافات المحلية والمغالطات الشائعة حوله من حالة ربطه بالطهارة والعفة.

وهذا ما أدى إلى وصول عدد الإناث المختونات في وقتنا الحالي إلى تقديرات تتراوح بين 100 حتى 140 مليون امرأة.

 

ما سبب القيام بهذه العملية؟

تملك المجتمعات البشرية المختلفة عديداً من الأسباب التي تدفعها لختان بناتها، وهذه الأسباب قد تتغير مع الزمن بعد كشف زيف الأسباب القديمة واختلاق حجج ومغالطات جديدة.

ويكون الدافع الرئيسي على الأهل لإجرائها هو الضغط الاجتماعي من المحيط الذي لا يتقبل الفتاة باعتبارها فتاة محترمة شريفة إلا إذا أجرى لها أهلها هذه العملية، ومن الأسباب الأخرى:

  1. الحفاظ على العذرية: هذه الممارسات تجعل ممارسة الجنس أمراً مؤلماً وغير ممتع، وهذا يضمن عدم قيام الفتاة بأي تصرف مخالف للعادات ومهدد لشرف العائلة حتى الزواج.
  2. الطهارة: تعتقد بعض المجتمعات أن الأعضاء الجنسية الظاهرة التي تولد بها الأنثى نجاسة يجب التطهر منها وقطعها.
  3. مرحلة تحول: في بعض البلدان يكون طقس الختان معبراً عن انتقال الأنثى من كونها طفلة إلى امرأة بنظر المجتمع.
  4. شرط للزواج: في بعض البلدان أيضاً يشترط الرجال بشكل عام أن تكون الفتاة مختونة كي يقبلوا بها كزوجة، لذلك تكون فرصة الفتاة غير المختونة في الحصول على شريك حياة قليلة، وهذا يدفعها إلى الخضوع لعملية الختان.
  5. السعادة الجنسية!: الإيمان غير المنطقي بكون ختان الأنثى يزيد من السعادة الجنسية الذي يشعر بها الرجل لدى ممارسة الجنس معها.
  6. واجب ديني: بالرغم من عدم وجود تعليمات متعلقة بختان الإناث في أي نص ديني.
 

لماذا يعتبر ختان الإناث ممارسة خطيرة صحياً؟

يمكن أن يسبب تشويه الأعضاء التناسلية عدداً من المشاكل الصحية المباشرة والتراكمية على المدى البعيد، وتعتمد شدة الإصابات الناجمة عن الختان على:

1. نظافة الأدوات المستخدمة

بسبب كون ختان الإناث أمراً ممنوعاً يعاقب عليه القانون في بلاد عديدة ولا تجريه المشافي العامة، تجرى معظم هذه العمليات في السر.

ويكون ذلك باستخدام أدوات غير طبية لم يتم تعقيمها بطريقة مثالية، ويكون مكان إجراء العملية في الأغلب منزلاً عادياً غير مجهز بما يكفي.

من ناحية أخرى يستغل الأطباء في بعض البلدان - مثل مصر - ثغرات قانونية مما يسمح لهم بإجراء العملية في مركز صحي مجهز ومعقم.

2. خبرة الشخص الذي يؤدي العملية ونوع الأدوات المستخدمة لإجرائها

غالباً ما يتم قطع الأعضاء التناسلية باستخدام شفرات معدنية، سكاكين أو قطع زجاجية حادة، حتى أنه لا يتم تعقيمها بين عملية ختان وأخرى.

وفي النوع الثالث من الختان الذي يتضمن قطباً تجري الخياطة أحياناً باستخدام أدوات خياطة القماش التي لا تكون معقمة.

3. نوع الإجراء خلال الختان

إذ يسبب النوع الثالث من ختان البنات؛ مشاكل صحية أكثر من تلك التي يسببها الأول والثاني.

4. الحالة الصحية العامة للفتاة أو المرأة

حيث يتم إجراء عمليات الختان في حالات قد لا تكون الأنثى فيها مهيئة صحيا لهذا الإجراء الجراحي.

 

ما هي التأثيرات الصحية التي تحدث مباشرة بعد العملية؟

تختلف هذه التأثيرات بسبب العديد من العوامل كما ذكرنا سابقاً، لكن العواقب التالية قد تحدث جميعها أو بعضها في الفترة التالية للختان:

  1. الألم المبرح: خاصة أن الفتيات لا يحصلن عادة على أي نوع من التخدير أو الأدوية المسكنة للألم قبل العملية أو بعدها.
  2. نزف شديد: قد تحدث صدمة نزفية عند إجراء جرح واسع لدى فتاة صغيرة، ويستلزم هذا الأمر نقلها إلى قسم الإسعاف في أسرع وقت ممكن.
  3. إنتان الجرح: في حال عدم علاج هذه الحالات فهي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الفتاة، ودخولها في صدمة إنتانية أو حتى وفاتها.
  4. الأذية الجسدية: في حال تمت العملية دون موافقة الفتاة، وقام المحيطون بها بضربها أو تثبيتها حتى ينتهوا من الختان.
  5. مشاكل في التبول: أهم هذه المشاكل شعور بالحرقة والألم عند التبول.
  6. الكزاز وأمراض أخرى منتقلة بالدم: مثل فيروس العوز المناعي البشري (HIV) الذي ينتقل عن طريق أدوات الجراحة الملوثة.
  7. الموت: تبقى تفاصيل هذه الحالات مجهولة بسبب التعتيم الكبير الذي يجريه الأهالي والسلطات المحلية على جرائم كهذه، ومن المعروف أن عدداً كبيراً من الفتيات يفقدن حياتهن بسبب تشويه الأعضاء التناسلية، إلا أن ذلك لا يتم ذكره في التقارير الطبية في أغلب الأوقات.
 

ما هي تأثيرات ختان الأنثى على المدى البعيد؟

من الصعب حصر جميع الآثار التي يحملها أمر مثل الختان على صحة الأنثى، لكنه يسبب بالتأكيد تأثيرات هامة على صحتها الجسدية والنفسية والجنسية.

هنا أيضاً قد تتفاوت هذه الآثار بحسب نوع العملية المجراة على الأنثى، إذ يبدو أن النوعين الثاني والثالث يسببان مضاعفات طويلة الأمد أكثر من النوع الأول، ومن هذه المضاعفات المتأخرة نذكر:

1. الإنتانات والالتهابات التناسلية

مثل الخراجات التناسلية (الخراج Abscess هو كيس مملوء بالجراثيم والقيح يجب فتحه وتنظيفه حتى يتم التخلص منه) والأمراض الإنتانية المنتقلة عبر الدم مثل التهاب الكبد الفيروسي من النمط B.

كما يبدو أن التهابات المجاري البولية والمهبل وفيروس العوز المناعي البشري تترافق مع النمط الثالث من ختان الإناث أكثر من غيره.

يرجع هذا الأمر عبر تقدير الخبراء إلى أن الأذية المحدثة على جدار المهبل في عملية الختان تجعله أكثر قابلية للتمزق وحدوث الخدوش والجروح لدى ممارسة الجنس.

وهذا ما يقود إلى ارتفاع خطورة التقاط فيروس العوز المناعي البشري وباقي العوامل الممرضة المنتقلة بالجنس.

2. مشاكل متعلقة بممارسة الجنس

يسبب النمطان الثاني والثالث بشكل خاص تشكل ندوب في المنطقة التناسلية للأنثى وهذا ما يقود إلى الشعور بألم يزداد لدى ممارسة الجنس.

يتطور بعد ذلك إلى برود جنسي لدى المرأة يترافق مع جفاف المهبل وانخفاض المتعة الجنسية بشكل عام، يمكن أن يسبب تشكل الندوب نقصاً في مرونة المهبل لأن نسيج الندبة يكون أقل مرونة من النسيج المهبلي الطبيعي.

لذلك لا يتمدد بشكل كاف عند الجماع أو الولادة.

3. الاكتئاب والقلق

في غالبية الأحيان تكون الفتاة جاهلة تماماً بتفاصيل العملية ولا تدري ما يحدث لها، وتحدث فيما بعد آثار مشابهة لاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

كما تُسبب القلق والإحراج من زيارة الطبيب بالنسبة للفتيات أو النساء اللاتي يعشن في بلاد ليست معتادة على موضوع ختان الإناث.

4. دورات شهرية طويلة ومؤلمة

قد يسبب النمط الثالث من الختان تضيق مخرج المهبل إلى حد لا يسمح لدم الدورة الشهرية بالخروج بشكل كامل، وهذا يسبب ألماً وبقاء دم الدورة الشهرية إلى وقت متأخر.

كما يهيئ لحدوث الالتهابات التناسلية بشكل متكرر.

5. مشاكل بولية

تحدث أيضاً في النمط الثالث أكثر من غيره، لأنه قد يعيق الجريان الطبيعي للبول، ويسبب الركود البولي الناتج زيادة احتمال حدوث التهابات المجاري البولية.

إضافة إلى ترسب الأملاح في البول الراكد مما يؤهب لتشكل حصيات بولية مشابهة لتلك التي تتشكل في الكليتين.

6. النواسير البولية التناسلية

الناسور (Fistula) هو قناة أو طريق لا يجب أن يكون موجوداً في الحالة الطبيعية، وفي حال إجراء عملية جراحية من قبل أشخاص غير مختصين يمكن أن تتضرر مكونات المنطقة البولية التناسلية.

فتتشكل فتحة تصل الإحليل (الأنبوب الذي يمر عبره البول بين المثانة وفتحة التبول) مع جوف المهبل، وهذا يسبب سلس بول مستمر بسبب عدم القدرة على التحكم بإخراج البول.

كما يسبب روائح كريهة في المنطقة التناسلية مما يدفع الفتاة إلى الشعور بالخجل من جسدها والانسحاب من المجتمع بشكل تدريجي.

 

كيف يؤثر ختان الإناث على الحمل والولادة؟

لا يسبب الختان عادة مشاكل في فترة الحمل، لكن العديد من الاختلاطات قد تحدث بسببه أثناء الولادة ومنها:

  • مخاض طويل وعسير: بسبب تضيق المخرج الذي يجب أن يمر عبره الجنين، وعدم قدرته على التمدد بشكل كافٍ.
  • نزوفات كبيرة بعد الولادة.
  • إجراء عمليات قيصرية: في معظم الأحيان لا تكون هناك حاجة إلى إجراء عملية قيصرية لدى المرأة المختونة، ولكن عدم وجود خبرة كافية لدى الطبيب في التعامل مع حالات مشابهة قد يدفعه إلى قرار إجراء جراحة قيصرية.

على أية حال، كما أن تقدير حالة المرأة والتنبؤ بتلاؤم مهبلها مع المخاض قد يكون صعباً، وهنا يفضل إجراء العملية القيصرية خوفاً من حدوث مضاعفات لا يمكن تداركها أثناء الولادة،

كما أن خطورة ولادة طفل منخفض الوزن، إضافة إلى المشاكل التنفسية عند الولادة، ولادة الأجنة الميتة أو الموت بعد الولادة بفترة قصيرة تزداد في حالة تعرض الأم لتشويه الأعضاء التناسلية.

 

ما هو السبيل إلى التخلص من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث حول العالم؟

تعمل الكثير من المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسف، إضافة إلى مبادرات محلية منتشرة حول العالم على مكافحة ظاهرة ختان الإناث بالعديد من الوسائل مثل:

  • سن قوانين تمنع ختان الإناث: وهكذا أصبحت هذه العمليات ممنوعة في معظم البلدان، حتى في بعض الدول التي تكثر فيها هذه الظاهرة مثل مصر وأريتريا وساحل العاج.
  • التعاون مع شخصيات نسائية محلية: هنا تقوم امرأة ذات مستوىً تعليمي عالٍ واحترام واسع من قبل النساء المحليات بتوضيح أخطار الختان على صحة الطفلات الصغيرات والنساء على حد سواء.

وقد أثبتت هذه الطريقة أثرها في المجتمعات المنغلقة المحافظة.

  • تحضير أنشطة ثقافية: قد تكون هذه الأنشطة على شكل ندوات ثقافية، مسرحيات أو نشاطات ترفيهية للأطفال لكي يتعلموا مع أهاليهم أن أعضاء الجسم الطبيعية ليست نجسة أو قذرة، ولا فائدة من تشويهها غير المبرر.

وختاماً.. لا يزال الطريق طويلاً للوصول إلى عالم خالٍ من الانتهاكات الجسدية بحق المرأة والطفولة، إلا أن الخطوات الصغيرة التي تتم في هذا الإطار بدأت بتحقيق نتائج ملموسة.

ويبقى تثقيف الأهالي هو الخطوة الأهم في محاربتها لأن الأهل لا يحبون تشويه أطفالهم أو إلحاق أضرار دائمة على المستوى الجسدي والنفسي، ويجب توعيتهم بأنهم لا يفعلون الصواب.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار