قصائد جرير بن عطية

  • تاريخ النشر: الخميس، 15 ديسمبر 2022
قصائد جرير بن عطية

جرير بن عطية الكلبي اليربوعي التميمي (33 - 110 هـ) شاعرُ من بني كليب، ولد في بلاد نجد، وهو من أشهر شعراء العرب في فن الهجاء وكان بارعًا في المدح أيضًا، كان جرير أشعر أهل عصره حيث كان من أغزل الناس شعراً، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمانه ويساجلهم، فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل.

بدأ حياته الشعرية بنقائض ضد شعراء محليين ثم تحول إلى الفرزدق «ولج الهجاء بينهما نحوا من أربعين سنة» وإن شمل بهجائه أغلب شعراء زمانه، مدح بني أمية، ولازم الحجاج زهاء العشرين سنة. وصلت أخباره وأشعاره الآفاق وهو لا يزال حيا، واشتغلت مصنفات النقد والأدب به، كما اقترن ذكره بالفرزدق والأخطل. [1]

قصيدة ما هاج شوقك

ما هاجَ شَوقَكَ مِن عُهودِ رُسومِ
بادَت مَعارِفُها بِذي القَيصومِ
هِجنَ الهَوى وَمَضى لِعَهدِكَ حِقبَةٌ
وَبَلينَ غَيرَ دَعائِمِ التَخيِيمِ
وَلَقَد نَراكِ وَأَنتِ جامِعَةُ الهَوى
إِذ عَهدُ أَهلِكِ كانَ غَيرَ ذَميمِ
فَسُقيتِ مِن سَبَلِ الغَوادي ديمَةً
أَو وَبلَ مُرتَجِسِ الرَبابِ هَزيمِ
قَد كِدتَ يَومَ قُشاوَتَينِ مِنَ الهَوى
تُبدي شَواكِلَ سِرِّكَ المَكتومِ
آلى أَميرُكَ لا يَرُدُّ تَحِيَّةً
ماذا بِمَن شَعَفَ الهَوى بِرَحيمِ
كُنّا نُواصِلُكُم بِحَبلِ مَوَدَّةٍ
فَلَقَد عَجِبتُ لِحَبلِنا المَصرومِ
وَلَقَد رَأَيتُ وَلَيسَ شَيءُ باقِياً
يَوماً ظَعائِنَ سَلوَةٍ وَنَعيمِ
فَإِذا احتَمَلنَ حَلَلنَ أَوسَعَ مَنزِلٍ
وَإِذا اِتَّصَلنَ دَعَونَ يالَ تَميمِ
وَإِذا وَعَدنَكَ نائِلاً أَخلَفنَهُ
وَإِذا طُلِبنَ لَوَينَ كُلَّ غَريمِ
فَاِعصي مَلامَ عَواذِلٍ يَنهَينَكُم
فَلَقَد عَصَيتُ إِلَيكَ كُلَّ حَميمِ
وَلَقَد تَوَكَّلَ بِالسُهادِ لِحُبِّكُم
عَينٌ تَبيتُ قَليلَةَ التَهويمِ
إِنَّ اِمرَأً مَنَعَ الزِيارَةَ مِنكُمُ
حَنَقاً لَعَمرُ أَبيهِ غَيرُ حَليمِ
يَرمينَ مِن خَلَلِ السُتورِ بِأَعيُنٍ
فيها السَقامُ وَبُرءُ كُلَّ سَقيمِ
يا مَسلَمَ المُتَضَيِّفونَ إِلَيكُمُ
أَهلَ الرَجاءِ طَلَبتُ وَالتَكريمِ
كَم قَد قَطَعتُ إِلَيكَ مِن دَيمومَةٍ
قَفرٍ وَغولِ صَحاصِحٍ وَحُزومِ
لا يَأمَنونَ عَلى الأَدِلَّةِ هَولَها
إِلّا بِأَشجَعَ صادِقِ التَصميمِ
كَيفَ الحَديثُ إِلى بَني داوِيَّةٍ
مُتَعَصِّبينَ لَدى خَوامِسَ هيمِ
أَبصَرتِ أَنَّ وُجوهَهُم قَد شَفَّها
ما لا يَشُفُّكِ مِن سُرىً وَسَمومِ
وَيَقولُ مَن وَرَدَت عَلَيهِ رِكابُنا
أَمِنَ الكُحَيلِ بِهِنَّ لَونُ عَصيمِ
تَشكو جَوالِبَ دامِياتٍ بِالكُلى
أَو بِالصَفاحِ وَغارِبٍ مَكلومِ
حَتّى استَرَحنَ إِلَيكَ مِن طولِ السُرى
وَمِنَ الحَفا وَسَرائِحِ التَخديمِ
نامَ الخَلِيُّ وَما تَنامُ هُمومي
وَكَأَنَّ لَيلِيَ باتَ لَيلَ سَليمِ
إِنَّ الهُمومَ عَلَيكَ داءٌ داخِلٌ
حَتّى تُفَرِّجَ شَكَّها بِصَريمِ
ما أَنصَفَ المُتَوَدِّدونَ إِلى الرَدى
وَحَمَيتُ كُلَّ حِماً لَهُم وَحَريمِ
لَو يَقدِرونَ بِغَيرِ ما أَبلَيتُهُم
لَسُقيتُ كَأسَ مُقَشَّبٍ مَسمومِ
وَوَجَدتُ مَسلَمَةَ الكَريمِ نِجارُهُ
مِثلَ الهِلالِ أَغَرَّ غَيرَ بَهيمِ
أَنتَ المُؤَمَّلُ وَالمُرَجّى فَضلُهُ
يا اِبنَ الخَليفَةِ وَاِبنَ أُمِّ حَكيمِ
لَلبَدرُ وَاِبنُ غَمامَةٍ رِبعِيَّةٍ
أَصبَحتَ أَكرَمَ ظاعِنٍ وَمُقيمِ
وَنَباتُ عيصِكُمُ لَهُ طيبُ الثَرى
وَقَديمُ عيصِكَ كانَ خَيرَ قَديمِ
لَمّا نَزَلتُ بِكُم عَرَفتُم حاجَتي
فَجَبَرتَ عَظمي وَاِستَجَدَّ أَديمي
وَلَقَد حَبَوني بِالجِيادِ وَأَخدَموا
خَدَماً إِلى مِئَةٍ بَهازِرَ كومِ
حَيَّيتُ وَجهَكَ بِالسَلامِ تَحِيَّةً
وَعَرَفتُ ضَربَ كَريمَةٍ لِكَريمِ
وَاللَهُ فَضَّلَ والِدَيكَ فَأَنجَبا
وَعَدَدتَ خَيرَ خُؤولَةٍ وَعُمومِ
أَرضَيتَنا وَخُلِقتَ نوراً عالِياً
بِالسَعدِ بَينَ أَهِلَّةٍ وَنُجومِ
أَنتَ اِبنُ مُعتَلَجِ الأَباطِحِ فَاِفتَخِر
مِن عَبدِ شَمسَ بِذِروَةٍ وَصَميمِ
وَلَقَد بَنى لَكَ في المَكارِمِ وَالعُلى
آلُ المُغيرَةِ مِن بَني مَخزومِ
وَبِئالِ مُرَّةَ رَهطِ سُعدى فَاِفتَخِر
مِنهُم بِمَكرُمَةٍ وَفَضلِ حُلومِ
المانِعينَ إِذا النِساءُ تَبَذَّلَت
وَالجاسِرينَ بِمُضلِعِ المَغرومِ
ما كانَ في أَحَدٍ لَهُم مُستَنكِراً
فَكُّ العُناةِ وَحَملُ كُلَّ عَظيمِ
وَبَنى لِمَسلَمَةَ الخَلائِفُ في العُلى
شَرَفاً أَقامَ بِمَنزِلٍ مَعلومِ [2]

قصيدة ألا حيَّ الديارَ بسعدْ إنيَّ

أَلا حَيِّ الدِيارَ بِسَعدَ إِنّي
أُحِبُّ لِحُبِّ فاطِمَةَ الدِيارا
أَرادَ الظاعِنونَ لِيُحزِنوني
فَهاجوا صَدعَ قَلبي فَاِستَطارا
لَقَد فاضَت دُموعُكَ يَومَ قَوٍّ
لَبينٍ كانَ حاجَتُهُ اِدِّكارا
أَبيتُ اللَيلَ أَرقُبُ كُلَّ نَجمٍ
تَعَرَّضَ حَيثُ أَنجَدَ ثُمَّ غارا
يَحِنُّ فُؤادُهُ وَالعَينُ تَلقى
مِنَ العَبَراتِ جَولاً وَاِنحِدارا
إِذا ما حَلَّ أَهلُكِ يا سُلَيمى
بِدارَةِ صُلصُلٍ شَحَطوا المَزارا
فَيَدعونا الفُؤادُ إِلى هَواها
وَيَكرَهُ أَهلُ جَهمَةَ أَن تُزارا
كَأَنَّ مُجاشِعاً نَخَباتُ نيبٍ
هَبَطنَ الهَرمَ أَسفَلَ مِن سَرارا
إِذا حَلّوا زَرودَ بَنوا عَلَيها
بُيوتَ الذُلِّ وَالعَمَدَ القِصارا
تَسيلُ عَلَيهِمُ شُعَبُ المَخازي
وَقَد كانوا لِسَوأَتِها قَرارا
وَهَل كانَ الفَرَزدَقُ غَيرَ قِردٍ
أَصابَتهُ الصَواعِقُ فَاِستَدارا
وَكُنتَ إِذا حَلَلتَ بِدارِ قَومٍ
رَحَلتَ بِخِزيَةٍ وَتَرَكتَ عارا
تَزَوَّجتُم نَوارَ وَلَم تُريدوا
لِيُدرِكَ ثائِرٌ بِأَبي نَوارا
فَدينُكَ يا فَرَزدَقُ دينُ لَيلى
تَزورُ القَينَ حَجّاً وَاِعتِمارا
فَظَلَّ القَينُ بَعدَ بِكاحِ لَيلى
يُطيرُ عَلى سِبالِكُمُ الشَرارا
مَرَيتُم حَربَنا لَكُمُ فَدَرَّت
بِذي عَلَقٍ فَأَبطَأَتِ الغِرارا
أَلَم أَكُ قَد نَهَيتُ عَلى حَفيرٍ
بَني قُرطٍ وَعِلجَهُمُ شُقارا
سَأُرهِنُ يا اِبنَ حادِجَةَ الرَوايا
لَكُم مَدَّ الأَعِنَّةِ وَالحِضارا
يَرى المُتَعَبِّدونَ عَلَيَّ دوني
حِياضَ المَوتِ وَاللُجَجَ الغِمارا
أَلَسنا نَحنُ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ
غَداةَ الرَوعِ أَجدَرَ أَن نَغارا
وَأَضرَبَ بِالسُيوفِ إِذا تَلاقَت
هَوادي الخَيلِ صادِيَةً حِرارا
وَأَطعَنَ حينَ تَختَلِفُ العَوالي
بِمَأزولٍ إِذا ما النَقعُ ثارا
وَأَحمَدَ في القِرى وَأَعَزَّ نَصراً
وَأَمنَعَ جانِباً وَأَعَزَّ جارا
غَضِبنا يَومَ طِخفَةَ قَد عَلِمتُم
فَصَفَّدنا المُلوكَ بِها اِعتِسارا
فَوارِسُنا عُتَيبَةُ وَاِبنُ سَعدٍ
وَقَوّادُ المَقانِبِ حَيثُ سارا
وَمِنّا المَعقِلانِ وَعَبدُ قَيسٍ
وَفارِسُنا الَّذي مَنَعَ الذِمارا
فَما تَرجو النُجومَ بَنو عِقالٍ
وَلا القَمَرَ المُنيرِ إِذا اِستَنارا
وَنَحنُ الموقِدونَ بِكُلِّ ثَغرٍ
يُخافُ بِهِ العَدوُّ عَلَيكَ نارا
أَتَنسَونَ الزُبَيرَ وَرَهنَ عَوفٍ
وَعَوفاً حينَ عَزَّكُمُ فَجارا [3]

قصيدة طرقت لميس وليتها لم تطرق

طَرَقَت لَميسُ وَلَيتَها لَم تَطرُقِ
حَتّى تَفُكَّ حِبالَ عانٍ موثَقِ
حَيَّيتُ دارَكِ بِالسَلامِ تَحِيَّةً
يَومَ السُلَيَّ فَما لَها لَم تَنطِقِ
وَاِستَنكَرَ الفَتَياتُ شَيبَ المَفرِقِ
مِن بَعدِ طولِ صَبابَةٍ وَتَشَوُّقِ
قَد كُنتُ أَتبَعُ حَبلَ قائِدَةِ الصِبا
إِذ لِلشَبابِ بَشاشَةٌ لَم تُخلَقِ
أَقُفَيرَ قَد عَلِمَ الزُبَيرُ وَرَهطُهُ
أَن لَيسَ حَبلُ مُجاشِعٍ بِالأَوثَقِ
ذُكِرَ البَلاءُ فَلَم يَكُن لِمُجاشِعٍ
حَملُ اللِواءَ وَلا حُماةُ المَصدَقِ
نَحنُ الحُماةُ بِكُلِّ ثَغرٍ يُتَّقى
وَبِنا يُفَرَّجُ كُلُّ بابٍ مُغلَقِ
وَبِنا يُدافَعُ كُلُّ أَمرِ عَظيمَةٍ
لَيسَت كَنَزوِكَ في ثِيابِ الكَرَّقِ
قَد أَنكَرَت شَبَهَ الفَرَزدَقِ مالِكٌ
وَنَزَلتَ مَنزِلَةَ الذَليلِ المُلصَقِ
حَوضُ الحِمارِ أَبو الفَرَزدَقِ فَاِعلَموا
عَقَدَ الأَخادِعِ وَاِنشِناجَ المِرفَقِ
شَرُّ الخَليقَةِ مَن عَلِمنا مِنكُمُ
حَوضُ الحِمارِ وَشَرُّ مَن لَم يُخلَقِ
كَم قَد أُثيرَ عَلَيكُمُ مِن خِزيَةٍ
لَيسَ الفَرَزدَقُ بَعدَها بِفَرَزدَقِ
ذَكوانُ شَدَّ عَلى ظَعائِنَكُم ضُحىً
وَسَقى أَباكَ مِنَ الأَمَرِّ الأَعلَقِ [4]

  1. "مقال جرير" ، المنشور على موقع ar.wikipedia.org
  2. "قصيدة ما هاج شوقك من عهود رسوم" ، المنشور على موقع aldiwan.net
  3. "قصيدة ألا حيَّ الديارَ بسعدْ إنيَّ" ، المنشور على موقع diwandb.com
  4. "قصائد الشاعر جرير" ، المنشور على موقع sotor.com
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار