قصائد رثاء

  • تاريخ النشر: الإثنين، 16 يناير 2023
قصائد رثاء

يعرف الرِثاء بأنه تِعداد خِصال الميت مع التفجّع عليه، والتأسّي والتعزّي بما كان يتصف به من صفات حسنة، ويتألف قِوامُ القصيدة الرثائية في الأغلب من عناصر أربعة، حيث ترد على النحو التالي: الاستهلال وهو حتمية الموت، ويليها التفجّع ومن معانيه تحديد أسباب الفاجعة وكيف حدثت وزمانها ومكانها ثم إبراز تأثير الفاجعة في أهل المرثي وفي الراثي، ثم العنصر الثالث وهو التأبين ويكون بتعداد خصال الميت وترد مختلفة باختلاف سنّ المرثي إن كان شابا أو كهلا، مثل الشجاعة والعفة والعدل والعقل والكرم، وإن كان طفلا فإنّ المعاني تأتي عن البراءة والطهر والغضاضة والنضارة، وإن كان شيخا فإن التأبين سينهض على معاني الوقار والتوبة والورع، وإن كان امرأة فله معان تخصّ محاسن النساء الخَلقية والخُلقية والعنصر الرابع فيتضمّن التأسّي والتعزّي. [1]

قصيدة إبراهيم الرياحي

هَلَمُّوا بني أمّي إلى جنّة المأوى

تَرَوْا حُسْنَ ما فيها من الْمَنِّ والسَّلْوَى

إلى مجلسٍ طابت عناصر سرّه

بفضل الإِلهِ عالمِ السرّ والنَّجْوَى

جرت فيه من فَيْضِ الرّسول سحابةٌ

فهو كما تدري حصونٌ من البّلْوَى

على كلّ ذي شَأْوٍ فأصبح في الورى

عَلِيَّ الذّرى لا يدركون له شَأْوَا

فَقُلْ للّذي ينهاك عن طيب نشره

ويعذل ما لي عن محاسنه سَلْوَى

إلى حضرة الأَزْكَى المكمّل مَنْ له

بَرَاهِنُ فضلٍ عن جميع الورى تُرْوَى

إمام الهدى هو ابْنُ عيسى محمّدٌ

شريفُ الورى أَصْلاً وأَكْرَمُهُمْ مَثْوَى

قديماً عَلاَ حتى تمهّد ذروةً

تُذَرّي فحولَ النّاس ما دونها ذروى

ألا يا ابنَ عيسى مَنْ يساويك رفعةً

وهل يستوي أعلى الروائح بالأَسْوَا

حِمَاك وإلا ما تُنالُ حمايةٌ

وحُسْنُكَ أَوْ كُلُّ المحاسن لا تُهوى

وفيك وإلاّ ما تَوَشَّحُ مِدحَةٌ

ومنك وإلاّ مَنْ يجيب بذي الشّكْوَى

ففيك أماني يا مُناي ومنيتي

وأترك من يروي ملاميَ لا يروى

وأقتل نفسي في رضاك صبابةً

إلى أن أرى وَجْهَ العواذل لي يُشْوَى

دعوني ولومي في ابن عيسى فإنّني

أرى لَوْمَهُ أشهى من المنّ والسّلوى [2]

قصيدة أبو البقاء الرندي - مرثية الأندلس

لِكُل شَيءٍ إذا مَا تَم نُقْصَانُ

فَلا يُغَر بِطيْبِ العَيْشِ إنْسَانُ

هيِ الأمُوْرُ كَمَا شَاهَدْتُهَا دُوَلٌ

مَنْ سَرهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أزْمَانُ

وهَذِهِ الدارُ لا تُبْقِي عَلِى أحَدٍ

وَلاَ يَدُوْمُ عَلى حَالٍ لَهاَ شَانُ

فَاسأل بَلَنْسِيَةَ مَا شَأنُ مَرْسِيَةَ

وَأيْنَ شَاطِبَةٌ أمْ أيْنَ جَيانُ

وَأينَ قُرْطٌبَةُ دَارُ العُلُوْمِ فَكَمْ

مِنْ عَالِمٍ قَدْ سَمَا فِيهَا لَهُ شَانُ

وأيْنَ حِمْصُ وَما تَحْوِيهِ منْ نُزَهٍ

وَنَهْرُهَا العَذْبُ فَياضٌ وَمَلآنُ

تَبْكِي الحَنيِفيةُ البَيْضَاءُ مِنْ أسَفٍ

كَمَا بَكى لِفِرَاقِ الإلْفِ هَيْمَانُ

حَتّى المَحَاريْبُ تَبْكِي وَهْيَ جَامِدَةٌ

حَتى المَنابِرُ تَبْكِي وَهْيَ عِيْدَانُ

يَا غَافِلاً وَلَهُ فِي الدّهْر مَوْعِظَةٌ

إنْ كُنْتَ فِي سِنَةٍ فالدّهْرُ يَقْظَانُ

يَا راكِبيْنَ عِتَاق الخَيْلِ ضامِرةً

كأنها فِي مَجَالِ السَبْقِ عُقْبَانُ

أعِنْدَكُمْ نَبَأٌ مِنْ أهْلِ أنْدَلُسٍ

فَقَدْ سَرَى بِحَدِيْثِ القَوْمِ رُكْبَانُ

كَمْ يَسْتَغِيْثُ بِنَا المُسْتَضْعَفُوْنَ وَهُمْ

قَتْلَى وَأسْرى فَمَا يَهْتَز إنْسَانُ

لِمَا التقَاطُعُ فِي الإسْلام بَيْنَكُمُ [3]

قصيدة حسان بن ثابت

بطيبة رسـم للرسـول ومعهـد
منير وقد تعفو الرسـوم وتهمـد
ولا تمتحي الآيات من دار حرمـة
بها منبر الهادي الذي كان يصعـد
وواضـح آثـار وباقـي معالـم
وربع له فيه مصلـى ومسجـد
بها حجرات كان ينزل وسطهـا
من الله نـور يستضـاء ويوقـد
معارف لم تطمس على العهد آيها
أتاها البلى فـالآي منهـا تجـدد
عرفت بها رسم الرسول وعهـده
وقبرا بها واراه في الترب ملحـد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت
عيون ومثلاها من الجفن تسعـد
يذكرن آلاء الرسول ومـا أرى
لها محصيا نفسي فنفسـي تبلـد
مفجعة قد شفهـا فقـد أحمـد
فظلـت لآلاء الرسـول تعـدد
وما بلغت من كل أمـر عشيـره
ولكن لنفسي بعد ما قد توجـد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها
على طلـل الـذي فيـه أحمـد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت
بلاد ثوى فيها الرشيـد المسـدد [4]

قصيدة المهلهل

أَهاجَ قَذاءَ عَينِيَ الإِذِّكارُ

هُدُوّاً فَالدُموعُ لَها اِنحِدارُ

وَصارَ اللَيلُ مُشتَمِلاً عَلَينا

كَأَنَّ اللَيلَ لَيسَ لَهُ نَهارُ

وَبِتُّ أُراقِبُ الجَوزاءَ حَتّى

تَقارَبَ مِن أَوائِلِها اِنحِدارُ

أُصَرِّفُ مُقلَتَيَّ في إِثرِ قَومٍ

تَبايَنَتِ البِلادُ بِهِم فَغاروا

وَأَبكي وَالنُجومُ مُطَلِّعاتٌ

كَأَن لَم تَحوِها عَنّي البِحارُ

عَلى مَن لَو نُعيتُ وَكانَ حَيّاً

لَقادَ الخَيلَ يَحجُبُها الغُبارُ

دَعَوتُكَ يا كُلَيبُ فَلَم تُجِبني

وَكَيفَ يُجيبُني البَلَدُ القِفارُ

أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ

ضَنيناتُ النُفوسِ لَها مَزارُ

أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ

لَقَد فُجِعَت بِفارِسِها نِزارُ

سَقاكَ الغَيثُ إِنَّكَ كُنتَ غَيثاً

وَيُسراً حينَ يُلتَمَسُ اليَسارُ

أَبَت عَينايَ بَعدَكَ أَن تَكُفّا

كَأَنَّ غَضا القَتادِ لَها شِفارُ

وَإِنَّكَ كُنتَ تَحلُمُ عَن رِجالٍ

وَتَعفو عَنهُمُ وَلَكَ اِقتِدارُ

وَتَمنَعُ أَن يَمَسَّهُمُ لِسانٌ

مَخافَةَ مَن يُجيرُ وَلا يُجارُ

وَكُنتُ أَعُدُّ قُربي مِنكَ رِبحاً

إِذا ما عَدَّتِ الرِبحَ التِجارُ

فَلا تَبعَد فَكُلٌّ سَوفَ يَلقى

شَعوباً يَستَديرُ بِها المَدارُ

يَعيشُ المَرءُ عِندَ بَني أَبيهِ

وَيوشِكُ أَن يَصيرَ بِحَيثُ صاروا

أَرى طولَ الحَياةِ وَقَد تَوَلّى

كَما قَد يُسلَبُ الشَيءُ المُعارُ

كَاَنّي إِذ نَعى النّاعي كُلَيباً

تَطايَرَ بَينَ جَنبَيَّ الشَرارُ

فَدُرتُ وَقَد عَشِيَّ بَصَري عَلَيهِ

كَما دارَت بِشارِبِها العُقارُ

سَأَلتُ الحَيَّ أَينَ دَفَنتُموهُ

فَقالوا لي بِسَفحِ الحَيِّ دارُ

فَسِرتُ إِلَيهِ مِن بَلَدي حَثيثاً

وَطارَ النَومُ وَاِمتَنَعَ القَرارُ

وَحادَت ناقَتي عَن ظِلِّ قَبرٍ

ثَوى فيهِ المَكارِمُ وَالفَخارُ

لَدى أَوطانِ أَروَعَ لَم يَشِنهُ

وَلَم يَحدُث لَهُ في الناسِ عارُ

أَتَغدوا يا كُلَيبُ مَعي إِذا ما

جَبانُ القَومِ أَنجاهُ الفِرارُ

أَتَغدوا يا كُلَيبُ مَعي إِذا ما

حُلوقُ القَومِ يَشحَذُها الشِفارُ

أَقولُ لِتَغلِبٍ وَالعِزُّ فيها

أَثيروها لِذَلِكُمُ اِنتِصارُ

تَتابَعَ إِخوَتي وَمَضوا لِأَمرٍ

عَلَيهِ تَتابَعَ القَومُ الحِسارُ

خُذِ العَهدَ الأَكيدَ عَلَيَّ عُمري

بِتَركي كُلَّ ما حَوَتِ الدِيارُ

وَهَجري الغانِياتِ وَشُربَ كَأسٍ

وَلُبسي جُبَّةً لا تُستَعارُ

وَلَستُ بِخالِعٍ دِرعي وَسَيفي

إِلى أَن يَخلَعَ اللَيلَ النَهارُ

وَإِلّا أَن تَبيدَ سَراةُ بَكرٍ

فَلا يَبقى لَها أَبَداً أَثارُ [5]

  1. "رثاء" ، المنشور على موقع ar.wikipedia.org
  2. "ابيات شعر في رثاء الموتى" ، المنشور على موقع eqrae.com
  3. "أفضل قصائد الرثاء" ، المنشور على موقع almrsal.com
  4. "أفضل القصائد الحزينة في شعر الرثاء" ، المنشور على موقع rjeem.com
  5. "أجمل قصائد الرثاء بالفصحى في الشعر العربي : روائع خالدة" ، المنشور على موقع analbahr.com
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار