قصائد يزيد بن معاوية

  • تاريخ النشر: الجمعة، 04 نوفمبر 2022
قصائد يزيد بن معاوية

يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي (26 - 64 هجري)، عاش مع أخواله لأمه فترة طفولته عندما طلق والده الصحابي معاوية والدته ميسون بنت بحدل، إلا أن يزيد لم يستمر في العيش هناك، إذ عاد إلى دمشق بأمر من والده ليحضر مجالسه ويستفيد من سياسته، حيث كان شاعراً فصيحاً، خطيباً، كريماً، وشجاعاً، غير متكلف في حياته. [1]

قصيدة نالت على يدها ما لم تنله يدي

نَالَتْ عَلى يَدِها مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي
نَقْشًا عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَدِي
أَنَّهُ طُرْقُ نَمْلٍ في أَنامِلِها
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْها السُّحْبُ بِالْبَرَدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِها مِنْ كلِّ نَاحِيَةٍ
وَنَبْلُ مُقْلَتِها تَرْمِي بِهِ كَبِدِي
خافَتْ عَلى يدِها من نُبْل مُقلَتها
فألبَسَت زِندَها دَرْعًا من الزّرَد
مَدّت مواشِطَهَا في كَفّها شَرَكًا
تصيدُ قَلْبي به منْ داخِل الجَسَد
إِنْسِيَّةٌ لَوْ بَدَتْ لِلْشَّمْسِ ما طَلَعَتْ
مِنْ بَعْدِ رُؤْيَتِها يَوْمًا عَلى أَحَدِ
سَأَلْتُهَا الوَصْلَ قَالَتْ أَنْتَ تَعْرِفُنا
مَنْ رَامَ مِنَّا وِصالًا مَاتَ بِالكَمَدِ
وَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا في الحُبِّ مَاتَ جَوىً
مِنَ الغَرامِ وَلَمْ يُبْدِئْ وَلَمْ يُعِدِ
فَقُلْتُ أَسْتَغْفِرُ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَلٍ
إِنَّ المُحِبَّ قَلِيلُ الصَّبْرِ وَالجَلَدِ
قَدْ خَلَّفَتْنِي طَريحًا وَهْيَ قَائِلَةٌ
تَأَمَّلوا كَيْفَ فِعْلُ الظَّبْيِ بِالأَسَدِ
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَني وَمَضى
بِاللَهِ صِفْهُ وَلا تَنْقُصْ وَلا تَزِدِ
فَقَالَ أَبْصَرْتُهُ لَوْ مَاتَ مِنْ ظَمَأ
وَقُلْتِ قِفْ عَنْ وُرُودِ المَاءِ لَمْ يَرِدِ
قَالَتْ صَدَقْتَ الوَفَا في الحُبِّ عَادَتُهُ
يَا بَرْدَ ذاكَ الَّذي قَالَتْ عَلَى كَبِدِي
وَاسْتَرْجَعَتْ سَأَلَتْ عَنِّي فَقِيلَ لَهَا
مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ دَقَّتْ يَدًا بِيَدِ
وَأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤا مِنْ نَرْجِسٍ
وَسَقَتْ وَرْدًا وَعَضَّتْ عَلَى العُنَّابِ
بِالبَرَدِ وَأَنْشَدَتْ بِلِسَانِ الحَالِ قَائِلةً
مِنْ غَيْرِ كُرْهٍ وَلا مَطْلٍ وَلا جَلَدِ
وَاللَهِ مَا حَزِنَتْ أُخْتٌ لِفَقْدِ أَخٍ
حُزْني عَلَيْهِ وَلا أُمٌّ عَلَى وَلَدِ
هُمْ يَحْسُدُوني عَلَى مَوْتِي فَوا أَسَفِي
حَتَّى عَلَى المَوْتِ لا أَخْلوُ مِنَ الحَسَدِ [2]

قصيدة وسيارة ضلت عن القصد بعدما

وَسَيّارَةٍ ضَلَّت عَنِ القَصدِ بَعدَما

تُرادِفُهُم جُنحٌ مِنَ اللَيلِ مُظلِمُ

فَأَصغوا إِلى صَوتٍ وَنَحنَ عِصابَةٌ

وَفينا فَتىً مِن سُكرِهِ يَتَرَنَّمُ

أَضاءَت لَهُم مِنّا عَلى النَأيِ قَهوَةٌ

كَأَنَّ سَناها ضَوءُ نارٍ تَضَرَّمُ

إِذا ما حَسوناها أَضاءوا بِظُلمَةٍ

وَإِن قُرِعَت بِالمَزجِ ساروا وَعَمَّموا

أَقولُ لِرَكبٍ ضَمَّتِ الكَأسُ شَملَهُم

وَداعي صَباباتِ الهَوى يَتَرَنَّمُ

خُذوا بِنَصيبٍ مِن نَعيمٍ وَلَذَّةٍ

فَكُلٌّ وَإِن طالَ المَدى يَتَصَرَّمُ

وَلا تُرجِ أَيّامَ السُرورِ إِلى غَدٍ

فَرُبَّ غَدٍ يَأتي بِما لَيسَ تَعلَمُ

لَقَد كادَتِ الدُنيا تَقولُ لِاِبنِها

خُذوا لَذَّتي لَو أَنَّها تَتَكَلَّمُ

أَلا إِن أَهنى العيشِ ما سَمَحَت بِهِ

صُروفُ اللَيالي وَالحَوادِثُ نُوَّمُ [3]

قصيدة طرقتك زينب والركاب مناخة

طَرَقَتكَ زَينَبُ وَالرِكابُ مُناخَةٌ

بِجُنوبِ خَبتٍ وَالنَدى يَتَصَبَّبُ

بِثَنِيَّةِ العَلَمَينِ وَهناً بَعدَما

خَفَقَ السِماكُ وَجاوَرَتهُ العَقرَبُ

فَتَحِيَّةٌ وَسَلامَةٌ لِخَيالِها

وَمَعَ التَحِيَّةِ وَالسَلامَةِ مَرحَبُ

أَنّى اِهتَدَيتِ وَمَن هَداكِ وَبَينَنا

فَلَجٌ فَقُنَّةُ مَنعِجٍ فَالمَرقَبُ

وَزَعَمتِ أَهلكِ يَمنَعونَكِ رَغبَةً

عَنّي فَأَهلي بي أَضَنُّ وَأَرغَبُ

أَوَلَيسَ لي قُرَناءُ إِن أَقصَيتِني

حَدِبوا عَلَيَّ وَفيهِمُ مُستَعتِبُ

يَأبى وَجَدِّكِ أَن أَلينَ لِلَوعَةٍ

عَقلٌ أَعيشُ بِهِ وَقَلبٌ قُلَّبُ

وَأَنا اِبنُ زَمزَمَ وَالحَطيمُ وَمَولِدي

بَطحاءُ مَكَّةَ وَالمَحَلَّةُ يَثرِبُ

وَإِلى أَبي سُفيانَ يُعزى مَولِدي

فَمَنِ المُشاكِلُ لي إِذا ما أُنسَبُ

وَلَو أَنَّ حَيّاً لِاِرتِفاعِ قَبيلَةٍ

وَلَجَ السَماءَ وَلَجتُها لا أُحجَبُ [4]

قصيدة جاءت بوجه كأن البدر برقعه

جَاءَتْ بِوَجْهٍ كَأَنَّ البَدْرَ بَرْقَعَهُ
نُوراً عَلَى مَائِسٍ كالغُصْنِ مُعْتدِلِ
إحْدى يَدَيْها تُعاطينِي مْشَعْشَعةً
كَخَدِّها عَصْفَرَتْهُ صبْغَةُ الخَجَلِ
ثُمَّ اسْتَبَدَّتْ وقالَتْ وهْيَ عالِمَة
بِمَا تَقُولُ وشَمْسُ الرَّاحِ لَمْ تَفِلِ
لاَ تَرْحَلَنَّ فَمَا أَبْقَيْتَ مِنْ جَلَدِي
مَا أَستَطِيعُ بِهِ تَودِيعَ مُرْتَحِلِ
وَلاَ مِنَ النَّومِ مَا أَلقَى الخَيَالَ بِهِ
وَلاَ مِنَ الدَّمْعِ مَا أَبْكِي عَلَى الطَّلَلِ [5]

قصيدة جاء البريد بقرطاس يخب به

جاءَ البَريدُ بِقُرطاسٍ يَخُبُّ بِهِ
فَأَوجَسَ القَلبُ مِن قِرطاسِهِ فَزَعا
قُلنا لَكَ الوَيلُ ماذا في صَحيفَتِكُم
قالوا الخَليفَةُ أَمسى مُثبَتاً وَجِعا
مادَت بِنا الأَرضُ أَو كادَت تَميدُ كَما
كَأَنَّ ما عَزَّ مِن أَركانِها اِنقَلَعا
مَن لَم تَزَل نَفسُهُ توفي عَلى شَرَفٍ
توشِكُ مَقاديرُ تِلكَ النَفسُ أَن تَقَعا
لَمّا وَرَدتُ وَبابُ القَصرِ مُنطَبِقٌ
لِصَوتِ رَملَةَ هُدَّ القَلبُ فَاِنصَدَعا [6]

قصيدة بِجَمعِ جَفنَيكِ مَنُّ البُرءِ وَالسَقَمِ

بِجَمعِ جَفنَيكِ مَنُّ البُرءِ وَالسَقَمِ 

لا تَسفِكي مِن جُفوني بِالفِراقِ دَمي

إِشارَةٌ مِنكِ تُعييني وَأَفصَحُ ما

رُدَّ السَلامُ غَداةَ البَينِ بِالعَنَمِ

تَعليقُ قَلبي بِذاتِ القُربِ يُؤلِمُهُ

فَليَشكُرِ القُرطُ تَعليقاً بِلا أَلَمِ

تَضَرَّمَت جَمرَةٌ في ماءِ وَجنَتِها

وَالجَمرُ في الماءِ خافٍ غَيرُ مُضطَّرِمِ

وَما نَسيتُ وَلا أَنسى تَحَشُّمَها

وَميسَمُ الحُرِّ عَقلٌ غَيرُ ذي غَلَمِ

حَتّى إِذا طاحَ عَنها المِرطُ مِن دَهَشٍ

وَاِنحَلَّ في النَظمِ عَقدُ السِلكِ في الظُلَمِ

وَظِلتُ أَلثَمُ عَينَيها وَمِن عَجَبٍ

أَنّي أَقَلُّ أَسِيّاً فَاِسفِكِنَّ دَمي [7]

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار