محمود صباغ: مؤسساتنا المعرفية مقصرة.. أين الصحافة؟

  • تاريخ النشر: الخميس، 16 أكتوبر 2014 آخر تحديث: الإثنين، 07 فبراير 2022
محمود صباغ
محمود صباغ هو كاتب ومخرج ومنتج سعودي، يهتم بالتاريخ والانثروبولوجيا، يعمل في مجال السينما وإنتاج الوثائقيات، جعل من اليوتيوب وجهته المفضلةحيث نجح في صناعة الترفيه دون تكلفوابتذال، رصد كل  خبايا عالم الكرة بقصص واقعية، كان لتجربة «كاش» دور في نجاحه حيث وجّه رسائل اجتماعية وفكرية بأسلوب غير مسبوق.
 
محمود صباغ: مؤسساتنا المعرفية مقصرة..  أين الصحافة؟
 
محمود صباغ بين الكتابة الصحافية وبين التدوين أين يجد نفسه أكثر وإن كانت متقاربة إلى حد ما ؟
أحاول أن أكون صانع أفلام هذه الأيام. مع اعتزازي بالتدوين والكتابة. 
 
هل إخترت الكتابة لصحيفة الوطن تحديداً  ... ولماذا توقفت مقالاتك على الرغم من تحقيقك لنجاح كبير ؟
الوطن حينها توفرت على مناخ صحافي تنافسي. كانت جوهرة الصحف في الرأي. توقفت عندما تلاشى ذلك المناخ... ولا أخفيك. كانت ملامح كتاباتي يغلب عليها الطابع النخبوي. والأسلوب التقليدي. لقد انقلبت على هذا.. الكتابة الصحفية بالأسلوب التقليدي تجاوزتها الآن. لو صار لي عودة ستكون بأسلوب وجوهر مختلفين.
 
أنت أحد المهتمين بالتاريخ والأنثروبولوجيا .. متى بدأت معك قصة إستقراء التاريخ والغوص في سلوك وطبائع البشر ؟
بدأت كشغف. ثم تطور الأمر حتى وجدت اني استثمرت وقت غير قليل في الاطلاع والاستنباط والمذاكرة. شهور بين الوثائق البريطانية و الوثائق العثمانية والمؤلفات والمخطوطات وميكروفيلم الصحف القديمة. بين أرشيف جامعة برينستون وجامعة كولمبيا ومكتبة نييورك بالجادة الخامسة بمانهاتن. كان حصيلة كل هذا أبحاث منشورة وأخرى لا تزال قيد التطوير. 
لا أخفيك أن هذا أفزعني. سألت نفسي ماذا أريد أن أكون؟ حين استقر بي الأمر مع صناعة الأفلام- وجدت أيضاً ان الاشتغال بتوثيق الذاكرة وتهذيبها وتقديمها في أعمال جمالية وإبداعية ليست بالمسألة المتناقضة. الفنون تتضافر. ربما هذا كان عزاءي. 
 
محمود صباغ: مؤسساتنا المعرفية مقصرة..  أين الصحافة؟
 
من خلال إبحارك في التاريخ الحجازي .. هل تعتقد أن ثمة فجوة في كتابة وتوثيق الصلة بين تاريخنا الحديث وبين بعض ماتعرضه من خلال مدونتك الشخصية ؟
مؤسساتنا المعرفية مقصرة. أين الصحافة؟ أين الجامعة؟ أين بيوت الفنون؟ أين مؤسسة التلفزيون؟ كلها مقصرة ازاء قضية الذاكرة ورصد تطورات الوعي والذوق المحلي... 
 
دراستك للصحافة والإخراج .. إلى أين وصلت وماذا قدمت حتى الآن ؟
درست ماجستير الصحافة والأفلام الوثائقية في كلية الصحافة بجامعة كولمبيا في نييورك. هذه الجامعة تعد الأعرق في هذا المجال عالميا. بعد التخرج كنت شديد الاعتزاز بذلك. صحيح لا ازال على ذات الاعتزاز.. لكن تجاربي اللاحقة الذاتية في مدينة نيويورك أعطتني مادة وثقة أكبر من أي تجربة جامعية. انا أعد نفسي لذلك.. خريج مدينة نييورك بعنفوانها وايقاعها وقيمها المعرفية وخصائصها الفنية وتنوعيتها وطاقاتها المتراكمة.
 
بدأت عالم الإنتاج عن طريق اليوتيوب ...لماذا لم تدلف من الباب الواسع وأعني بذلك التلفزيون ؟
لأن المستقبل هو الانترنت. 
 
محمود صباغ: مؤسساتنا المعرفية مقصرة..  أين الصحافة؟
 
حكاية مسلسل كاش أردت لها أن تتمحور القصة حول لاعب كرة . هل هذا إعتراف بإرتفاع هامش الحرية في الرياضة والإسقاط من خلالها على زوايا أخرى ؟
ربما غياب أطر العمل السياسي في بلادنا -بغض النظر عن مبرراته- حمل الناس لنقل صراعاتهم الاجتماعية والطبقية في المتوفر من المؤسسات: الأندية الرياضية.. الأندية الأدبية.. عمادات الكليات الجامعية.. انتخابات المجلس البلدي. الخ.. من هنا ربما جاء هامش الحرية الأرحب في الرياضة. 
نادي مثل الاتحاد بالنسبة لمراقب مثلي يجسد صورة مصغرة -مكتملة الملامح والأبعاد- لتطور الوعي والعمل السياسي في المدينة، ومسرح لتصفية الصراعات الاجتماعية فيها. 
 
كيف تصف لنا ولادة فكرة مسلسل « كاش» اليوتيوبي ؟ وكذلك ردة الفعل على ماعرض من حلقات حتى الآن ؟
مسلسل كاش هو باكورة إنتاجات محليّون. وهو عمل عصامي في كامل أطوار التجربة. فنيا وإنتاجيا وتسويقيا وتوزيعيا. نحن نبني قاعدتنا التوزيعية من خلال هذا المسلسل... ونختبر ونتعلم.. ننجح مرة ونخفق مرتين. لكن نتعلم.
 
فيما لو عرض عليك تحويله إلى مسلسل تلفزيوني .. هل ستقبل ؟
لا. المسلسل كتب ليتماشى مع روح الانترنت. في إيقاعه. مدته. حبكته الدرامية. ناهيك أن التوجه الاستثماري هو الاستثمار في محتوى الويب. 
 
محمود صباغ: مؤسساتنا المعرفية مقصرة..  أين الصحافة؟
 
العام الماضي عرض التلفزيون السعودي ممثلا بالقناة السعودية الأولى مسلسلا يحكي طبيعة البيئة الحجازية والحارات المكية القديمة وكان يحمل اسم « أهل البلد» نقلا عن بعض قصص الراحل أحمد السباعي.. هل شاهدته بحكم اهتمامك بالتاريخ ؟ ومامدى رضاك عنه فنيا ؟ 
فاشل فنيا وإنتاجياً وتسويقياً. بل ومعيب في حقنا كسعوديين. يفتقر إلى أي قيمة أصالة أو قيمة ابتكار . هذا النوع من المسلسلات بات يُعطى على أساس المحاصصة المناطقية .. وهو أساس رجعي وبائس.. وفق آلية -غير معلنة- لدعم منتجين هم مخرجين قدامى أو أصدقاء للعاملين في جهاز التلفزيون بمنطق أقرب هو «للشرهات» من التخطيط أو الرؤية أو الجودة. 
 
أنت قريب من صناعة المحتوى اليوتيوبي وأبطاله .. لماذا أصبح هو الخيار الأول لمواهبنا الشابة بدلا عن الأقنية والأوعية الأخرى ؟
المكان الذي تتجه إليه المواهب سيكون هو الأكثر تأثيراً.. و بالتالي الأكثر جاذبية . 
 
من خلال رصد لما قدم من أعمال « حجازية « خلال العقدين الماضيين للتلفزيون السعودية يتضح للمتتبع الركاكة والضعف الواضح في معظمها .. إلام تعزوا السبب؟
لأن الحجاز تحول في أفهامهم إلى فلكلور. هذا مأزق حصر الثقافة والبيئة والإحساس الحجازي في قالب أحادي . 
 
محمود صباغ: مؤسساتنا المعرفية مقصرة..  أين الصحافة؟
 
دائما ماتستخدم مصطلح .. الفكر الريعي أو النظام الريعي أو الإقتصاد الريعي .. في عالم الإنتاج للمحتوى الفني أيا كان سينمائي /تلفزيوني/هل له نصيب أم أن الفكر المؤسساتي هو الغالب ؟
الذهنية الريعية هي انعكاس الهيكل الاقتصادي على السلوك الاجتماعي والفردي. 
 
كنت منزعجا من التنظيم الأخير لمحتوى الإعلام الإلكتروني  والمدونات ولوائحه التي صدرت أعتقد في 2010؟ هل لازلت عند رأيك وتعتبره فضيحة دولية بحسب تعليقك على صدوره آنذاك ؟؟
روح الويب عصية على الرقابة والتقنين بأساليب الستينات الميلادية. زمن التأميم والقبضة الحديدية انتهى . 
 
من خلال براعتك في الكتابة الصحافية من خلال استقصاء سريع لعدد من كتاباتك .. ماهي النصيحة التي تزجيها للكتاب الجدد أو الوصفة الأسرع للنجاح من خلال الكتابة الصحافية ؟
لم أكتب مقال صحافي من زمان . لا أعرف. الكاتب الوحيد الذي يكتب بإبتكار في صحافتنا هو سعيد الوهابي . ممكن أن يراقبوا تجربته. 
 
محمود صباغ: مؤسساتنا المعرفية مقصرة..  أين الصحافة؟
 
حينما يمسك محمود صباغ بالريموت كنترول .. إلى أين الوجهة تلفزيونيا في وقت فراغك.. أخبار /برامج / مسلسلات ... الخ ؟
لا أتفرج على التلفزيون . و لا أملك جهاز تلفزيون في بيتي . هذا هو الوضع من أكثر من عشر سنوات. 
 
مشاريعك المستقبلية في المدى المنظور؟ وعلى المدى الطويل ؟
منصبة كلها في تأسيس وترسيخ قناة محليّون. المزيد من المحتوى المحلي المصنوع بأيدي محلية . نريد أن نطور منتجنا.. نتلافى أخطاء البدايات.. ونطور من قدراتنا الإنتاجية لنصل إلى إنتاج عدد طموح سنوياً من الأعمال.