مساعدة الطفل في أعمال المنزل

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
مساعدة الطفل في أعمال المنزل

بحسب تقرير لمجلة ديلي ميل (Daily Mail) البريطانية نشرته في 18 حزيران/يونيو عام 2012، فإن ما يقارب ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و 16 سنة لا يساعدون أهاليهم بأي شيء في المنزل، بينما يمضي الأهل ما يقارب 4 ساعات في القيام بأعباء المنزل كحد أوسط، وبحسب التقرير حتى لو ساعد بعض الأطفال أهاليهم فإن تلك المساعدة لا تشكل نصف الأعباء وتكون مقابل مبلغ مالي كمكافأة لهم!

ولطالما اشتكت صديقتي من طفلها الذي يبلغ من العمر 8 سنوات؛ حيث لا يساعد أمه في أي من الواجبات المنزلية، فيرمي ثيابه المتسخة على الأرض، ولا يرتب ألعابه بعد الانتهاء منها، بالإضافة إلى أنه يطلب مبلغ مالي منها ليشتري الحلوى من البقال في كل مرة يساعدها في ترتيب سريره، كمكافأة له معتبراً أن أي مساعدة يقدمها يجب أن تكون بلا مقابل.. سنتعرف خلال هذا المقال على الفرق بين تحمل المسؤولية والطاعة، الأعمال التي يمكن للطفل القيام بها في المنزل لمساعدة والديه، وخطوات تعليم الطفل المسؤولية.

الأمور التي يمكن للطفل أن يساعد بها حسب عمره

لكل عمر مقدرته واستطاعته في المساعدة، ومع تعدد المهام التي يمكن للطفل أن يساعد بإنجازها في المنزل إلا أنها تختلف حسب عمره؛ وسنعدد هنا بعض المساعدات الممكنة حسب أعمار الأطفال المختلفة:

من عمر السنتين إلى 3 سنوات

تكون مقدرة الطفل متواضعة جداً ولا تتجاوز التقاط الأشياء المرمية على الأرض ورميها في سلة المهملات، أو ترتيب الألعاب، أو حتى غسل التفاحة التي يريد أن يأكلها بنفسه، ويجب تجنب تحميل الطفل ما لا طاقة له به من أعمال كحمل الأكياس الثقيلة مثلاً حتى لا تؤذيه.

من عمر 4 إلى 5 سنوات

يصبح الطفل أكثر حماساً لمساعدة أهله في أعمال المنزل، فنراه متطوعاً للمساعدة في أغلب الأحيان، ويمكنك الاعتماد على طفلك في مساعدتك بالأمور التالية:

  • فرز الثياب النظيفة بعد تجفيفها والقيام بطيّها ووضعها في مكانها المناسب، مع البدء معه بطيّ الملابس صغيرة الحجم والمستطيلة الشكل حتى يسهل عليه طيها وترتيبها.
  • كما يمكنه مساعدتك في المطبخ من خلال تقديم الأدوات التي تلزمك أثناء إعدادك الطعام.

من عمر 6 إلى 8 سنوات

هنا يمكنك الثقة بقدرات طفلك دون أن تقلق كثيراً، حيث يكون قد اكتسب الكثير من المعرفة حول العالم الخارجي، بالإضافة إلى أن التحاقه بالمدرسة في هذا العمر ما يجعله أكثر نضجاً وعقلانية، ومن الأمور التي يسمح للطفل مساعدتك بها هي:

  • سقاية الحديقة والنباتات.
  • رعاية الحيوانات الأليفة وتقديم الطعام لها.
  • تنظيف الحمام بعد استخدامه له.
  • تنظيف طاولة الطعام أو مسح الأرضيات من الغبار.
  • والمساعدة في إعداد وجبات الطعام الخفيفة تحت إشراف أحد البالغين في المنزل.

أكبر من 8 سنوات

حيث يمكن للطفل أن يقوم بأعمال كثيرة في المنزل كنشر الثياب بعد غسلها مما يشكل عنده متعة في الهواء الطلق، مع توفير الحبال الملونة ذات الارتفاع المنخفض لتعليق الملابس عليها، ويمكنه تعليمه ترتيب طاولة الطعام من صحون وأطباق وتنسيق المناديل بشكل مناسب أيضاً، ورمي الأوساخ المتبقية في الأطباق في سلة المهملات، بالإضافة إلى التحقق من الملابس قبل غسلها كفحصها من وجود أي من الأشياء في الجيوب.

إن تلك المهمات التي نوكلها للطفل سوف تكون مصدراً مهماً للمتعة والمرح بالنسبة له إذا ما تم تلقينه إياها بشكلها الصحيح، ولا ضرر من تشغيل بعض الموسيقى التي يحبها عند مساعدتك كي يشعر بالمتعة بشكل أكبر أو حتى إعطائه الشطيرة اللذيذة التي يفضلها.

الفرق بين الصبي والفتاة في المساعدة بأعمال المنزل

تختلف تربية الذكر عن الأنثى في الكثير من المجتمعات من مبدأ أن القدرات البدنية للذكر تختلف عن القدرات البدينة للأنثى، حيث نلاحظ في مجتمعاتنا العربية كيف يتم التفريق في تربية كل من الجنسين حتى في مساعدة الأطفال لأهاليهم في أعمال المنزل! لكن حتى في مجتمعات أجنبية فإن الفتيات يقمن بأعمال المنزل أكثر بمرتين من الفتيان كما أنهن لا يتلقين مقابل مساهمتهن هذه بقدر ما يتلاقاه الصبيان على أداء نفس المهام.

وذلك بحسب مقال لمجلة نيويورك تايمز (New York Time) في عام 2009؛ بين استناداً إلى تقرير خبراء الاقتصاد في جامعة ميتشغان بالولايات المتحدة الأمريكية، أنه يمكن حل مشكلة المساواة والاختلاف الموجود بين الجنسين فيما يخص المساعدة بأعمال المنزل من خلال تقسيم المهام؛ فنرى أن الفتاة تتحمل مسؤولية المساعدة في جلي الأطباق، كذلك ترتيب المطبخ والمساعدة في إعداد الطعام بينما يتكفل الصبي برمي القمامة مثلاً، أو شراء بعض الحاجيات للمنزل من البقال.

وبالرغم من أن تلك الاختلافات قد تنشئ سجالاً بين الفتاة وأخيها حول ماهية العمل، إلا أن دور الآباء والأمهات في التربية هو الذي يحدد المهمات الموكلة إلى كل منهما مراعين أن للطفل عمل يناسب قدراته وكيانه، ولا يعني هذا بالضرورة ألا نعتمد على الفتاة في مهام الصبي والعكس صحيح؛ لأن الأطفال حساسون جداً إزاء التعامل معهم بشكل مختلف وعدم إنصافهم في تقاسم المهام مع أشقائهم، بالتالي يعود الأمر لحكمك الشخصي وما تراه مناسباً لأطفالك.

تعليم الطفل تحمل المسؤولية

المسؤولية ليست مجرد إكمال للمهمات المطلوبة من الطفل، بل فكرة تطوع تتكون في الطفل ليكون قادراً على اتخاذ مجموعة خطوات تحقق له الشعور بالفخر والاعتزاز بنفسه، فتعليم طفلك تحمل المسؤولية ليس بخدعة مؤقتة تجبر الطفل على تحمل الأعباء لفترة قصيرة ثم تغيب مع مرور الوقت، بل هو وضع القاعدة الأساسية لتعليم الطفل مهارات الحياة المختلفة؛ وهذا ما أكدته الطبيبة النفسية الأمريكية كارين روسكين (Karen Ruskin) في كتابها "9 مفاتيح وتقنيات لتعليم طفلك المسؤولية" (9 Key Techniques for raising respectful children who make responsible choices).

حيث بينت من خلاله "أن تحمل الأطفال المسؤولية هو مفتاح النجاح في حياتهم العملية"، وبإمكانك الاستعانة بتلك الخطوات التي نشرها موقع (Care.com) المهتم بالبحث في أمور الأسرة والعناية بالأطفال ومعالجة القضايا الأسرية، والخطوات هي كالتالي:

  1. ابدأ بصغره: حيث يجب عليك تعويد الطفل الاعتماد على نفسه بعمر مبكر لا يتجاوز السنتين أو الثلاث سنوات على الأقل، فيمكنك تعويد طفلك بذلك العمر على غسل التفاحة التي يريد قضمها بنفسه وبمساعدتك، أو وضع طفلتك لدميتها في المكان المخصص لها بنفسها.
  2. لا تتذمر: من أهم المبادئ في تعويد الطفل على تحمل المسؤولية ألا تتذمر منه في حال طلب مساعدتك حتى لو استغرقت في ذلك وقتاً أطول؛ يجب أن تبين له الفرح بطلبه وقبوله بصدر رحب، مثال؛ في حال طلب طفلك منك أن يقوم بسقاية الحديقة بنفسه رحب بطلبه ولا تتذمر، فحتى لو أن سقاية الحديقة تطلبت وقتاً أطول، لكن بالنهاية ستحصل على ذات النتيجة وهي سقاية الحديقة.
  3. أخذ مستوى مهاراته بعين الاعتبار: فلكل عمر مستوى مهارات يختلف عن الأعمار الأخرى، وقدرة الأطفال في عمر الثلاث سنوات تختلف عن قدرة الأطفال في عمر العشر سنوات؛ فلا تطلب منه أمور تفوق قدراته، فلا يمكنك أن تطلب من طفل ذات عمر 3 سنوات أن يحمل الأطباق الزجاجية وينقلها إلى المطبخ فقدراته لا تستوعب ذلك الثقل والجهد أبداً.
  4. الثناء عليه: أي تعزيز المشاعر الإيجابية التي يشعر بها الطفل بعد إنجازه لأمر ما، فيكفي أن تقول له "شكراً لك لتفريغ القمامة في غرفتك" مما يشكل عنده حافزاً لأن يتخذ زمام المبادرة دائماً بالإضافة إلى شعوره بالسعادة لإنجاز ذلك.
  5. تجنب الانتقاد: خلافاً للثناء والمدح يلجأ الأهل أحياناً إلى انتقاد إنجازات أطفالهم في حال ساعدوهم في أعمال المنزل غير مدركين أن ذلك قد يسبب ردود أفعال سلبية تمنع الطفل من المساعدة في المرات القادمة، فمثلاً عند ترتيب طفلك لسريره قم بشكره والثناء عليه حتى لو كان الترتيب غير مناسب، ومهما كانت نتائج مساعدته لا تنتقده وتذكر دائماً أن قدراتك تختلف عن قدراته المتواضعة.
  6. ابدأ معه بالأمور اليومية البسيطة، كتناول وجبة طعامه بنفسه، أو القيام بتنظيف أسنانه بنفسه أو حتى ترتيب غرفته وفرز ألعابه ومن ثم ابدأ بالأمور الأصعب كمساعدتك بتنظيف الغبار أو فرز الملابس النظيفة وطيّها.
  7. تجنب المكافآت: إن إعطاء طفلك المكافآت على أبسط الأمور التي يقوم بها لا تعلمه المسؤولية، بل تشكل عنده فكرة العمل بالمقابل فقط أما عند غياب المكافأة لن تكون المساعدة من قبله، يكفي أن تقوم بتحفيزه من خلال الثناء والمدح ويمكنك مكافأته في حالات استثنائية كمساعدته لك في القيام بأمر يتطلب جهداً أو تنازلاً عن وقته المخصص في اللعب أو مشاهدة التلفاز أي عن الأمور التي تجلب له الترفيه والمتعة، كالذهاب إلى البقالية ليشتري لك الاحتياجات تاركاً وقته المخصص لمشاهدة التلفاز ليلبي طلباتك، فيكون بذلك مستحقاً المكافأة.
  8. تقديم نموذج لتحمل المسؤولية أمامه: فعند انتهاءك من الإفطار مع طفلك، قم بشرح ما يجب القيام به بشكل غير مباشر، كقولك "والآن سوف نضع الأطباق المتسخة في حوض الجلي" لأن من شأن ذلك أن يعلم الطفل ما يجب أن يقوم به دون أن يعتبره شكلاً من أشكال الأمر والطلبات المملة.
  9. تعليمه النتائج التي سيحصدها: سواء بأفعاله الجيدة أو السيئة، فمثلاً إذا كان يلعب بالأقلام والطباشير الملونة في غرفته وكانت الغرفة في وضع غير مرتب، قل له "لن أسمح لك في اللعب غداً مالم تنظف غرفتك وترتب تلك الأقلام واللوحات" وهذا الأمر سيكوّن عنده فكرتين؛ إما أن ينظف الغرفة ويرتبها فيستطيع اللعب غداّ، أو ألا ينظفها ويتركها في فوضى فيحرم من اللعب، لأن من شأن ذلك أن يعلمه النتائج الحميدة التي سيحصدها في تحمله للمسؤولية.

الطاعة مقابل المسؤولية

غالباً ما يخلط الآباء والأمهات بين طاعة الأبناء لهم وبين تحملهم المسؤولية، فمعظم الأهالي يحبون أن يطيعهم أطفالهم في كل ما يقولوه وذلك لممارسة السلطة عليهم معتبرين ذلك شكلاً من أشكال تعويد الطفل على تحمل المسؤولية غير مدركين أن هذا التسلط أبعد ما يكون عن تحمل المسؤولية.

فعندما تكون أعمال الأطفال وإنجازاتهم بالنسبة لأهاليهم؛ عبارة عن واجب يجب القيام به تتم تلك الإنجازات تحت قائمة السلطة والإجبار والتهديد، أما تحمل المسؤولية هو عبارة عن تطوع من قبل الطفل للمساعدة بكامل إرادته استناداً إلى الخطوات الآنفة الذكر التي يتبعها الأهل لتحفيز الطفل على المساعدة؛ لذا يجب التفريق جيداً بين الأوامر وبين الطلبات التي يتم توجيهها للطفل حتى يتم تنفيذها بالشكل الصحيح والمحبب وليس تحت الضغط والإجبار والخوف.

أخيراً.. إن تعليم طفلك المسؤولية والاعتماد على نفسه في المنزل هو وسيلة رائعة لتكوين الصداقة معه وتعليمه المهارات المختلفة والمفيدة في ذات الوقت، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تلك المهمات التي توكل إلى الطفل للاعتياد على تحمل المسؤولية يجب ألا تكون ضمن نطاق الروتين الممل فلا مانع من أن تتخللها الابتسامات بينك وبين طفلك مع سرد النكات والأحاديث المسلية والغناء سويةً.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار