مرض الثعلبة أسبابه وأعراضه وطرق علاجه

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 13 يونيو 2021
مرض الثعلبة أسبابه وأعراضه وطرق علاجه

تنتمي الثعلبة (Alopecia Areata) في علم الأمراض الجلدية إلى مجموعة الحاصات الموضعيّة غير الندبيّة (Non-Scarring Localized Alopecia)، يحدث فيها تساقط لأشعار الرأس ضمن بؤرة محدّدة دائريّة الشكل.

قد تظهر بداية بشكل مفرد أو على هيئة مجموعات ذات توضّع غير متناظر في فروة الرأس، كما يمكن أن يقتصر التساقط الحاصل في سياق الثعلبة على شعر الرأس فقط، أو قد ينتشر ليشمل كامل شعر الجسم بما فيه شعر العانة.

تابع معنا هذا المقال لنتعرف أكثر على أسباب هذا المرض الجلدي وكيفية علاجه، لكن في البداية إليك مقدمة للتعرف على بنية الشعر.

 

الثعلبة وأنماطها السريريّة

يراجع مريض الثعلبة عيادة الأمراض الجلديّة مشتكياً من تساقط مفاجئ لشعر الرأس لديه، وخلال فحصه سريرياً من قبل الطبيب المختصّ، يُلاحَظ سلامة بشرة المنطقة التي تساقطت منها الأشعار.

علامات الثعلبة على الأظافر

بمعنى أن مريض الثعلبة لن تزعجه أبداً أعراض جلدية كالحكة الشديدة أو القشور المتراكمة والتوسفات وغيرها، كما تبدو هذه المنطقة بحدود واضحة نسبياً، شكلها دائريّ وحجمها صغير، قد تظهر مفردة أو على شكل مجموعات غير متناظرة وعشوائيّة ضمن فروة رأس المريض.

قد تظهر الثعلبة على شكل بقع في الرأس

يتساقط شعر الرأس في معظم حالات الثعلبة من بؤر قليلة ومحددة نسبياً لتسمى بالحاصة الموضعية (Alopecia Areata)، وفي بعض الأحيان قد تنتشر الحاصّات لتشمل كامل شعر الرأس ونسميها هنا بالثعلبة الكليّة (Alopecia Totalis).

حالة تساقط شعرؤ الرأس كاملا

بينما إذا اشتملت في حالات نادرة على كامل شعر الجسد بما في ذلك شعر العانة مع الرأس فإننا نطلق عليها طبياً الثعلبة المجموعيّة (Alopecia Universalis)، وهنا لا يتبقى في جسد المريض سوى بعض الشعيرات البيضاء القليلة المتناثرة.

وقد نجد في بعض حالات الثعلبة الفعّالة بؤراً تحتوي على شعر قليل بصيلاته ضعيفة وضامرة، تظهر على هيئة علامة التعجّب. تجدر الإشارة إلى وجود بعض التوضعات المقلقة للثعلبة التي توحي بإمكانيّة ترقي المرض بسرعة لدرجات سيئة ومتقدمة.

بصيلات شعر ضعيفه في اللحية

كأن تتوضع الحاصة مثلاً في المنطقة القفوية أو الصدغية لرأس المريض، حينها تعرف هذه الحالة طبيّاً بالثعلبة الثعبانيّة (Alopecia Ophiasis).

بعض أنواعها يظهر خلف الرأس

ومن جهة أخرى، يمكن للأظافر أن تتأذى في سياق الثعلبة في نسبة 10% من الحالات، فتبدو حينها هشّة ورقيقة سهلة الكسر ومنقّرة (منظر أظافر الكشتبان).

الفئات والأجناس التي تتعرض لمرض الثعلبة

علينا أن نضع في حسباننا جيداً أن الثعلبة مرض جلديّ يحدث دون انحياز لجنس معيّن، فيمكننا أن نجده لدى الذكور أو الإناث بالتساوي، ونادراً ما يظهر لدى الأطفال تحت عمر السنتين، بينما يشيع أكثر لدى الفئات العمرية التي توافق سن المدرسة والمراهقة.

 

الأسباب المرضيّة المسؤولة عن حدوث الثعلبة

لا تزال الأسباب المرضية المسؤولة عن الثعلبة مجهولة طبياً، غير أن هناك فرضيّة قويّة يتفق عليها معظم الأطباء وأخصائيو الجلدية حول العالم؛ يعتبرون الثعلبة فيها مرضاً مناعياً ذاتياً (Auto-Immune Disease).

بمعنى أن الأضداد المناعية التي تجول في دم الإنسان تتجه لمهاجمة خلايا الشعرة وبصيلاتها وتدمّرها، لتظهر لدى مريض الثعلبة على هيئة تساقط مفاجئ في شعر رأسه أو كامل جسمه.

أما عن سبب هذه المهاجمة الخاطئة للأضداد المناعيّة، فلا تزال الأسئلة كثيرة حول ذلك دون جواب واضح يحدّد بدقّة ما يحرّض الجهاز المناعيّ للقيام بهذا الهجوم.

عادة ما يعتبر هجوم الأضداد المناعيّة على الجريبات الشعرية مؤقتاً، لنجد أن ثلث حالات الثعلبة تتراجع عفوياً دون تدخل علاجي صريح، بينما تستقر ثلث الحالات وتبقى على حالها دون تقدّم أو تراجع ملحوظ في سير المرض.

هذا وقد تترقى الحالات في الثلث الأخير لتصبح أشدّ مما كانت عليه في البداية، وتتحول الثعلبة الموضعية حينها إلى كليّة أو مجموعيّة.

 

الحالات التي تستمر فيها الثعلبة بالتطور

عادة ما ينمو الشعر الذي تساقط مجدداً في سياق مرض الثعلبة خلال بضعة أشهر، وله قوام ولون الشعر القديم المتساقط، غير أنه في حالات قليلة قد يستعيد فيها المريض شعراً ذا لون أبيض ناصع، مع ملمس ناعم وثخانة قليلة.

وتميل الحاصة الموضعية إلى التطور والاستمراريّة لدى بعض الحالات المرضيّة، لاسيّما إن كان المريض يحمل صفة واحدة على الأقل مما يلي:

  1. وجود قصة عائليّة لمرض الثعلبة.
  2. ظهور الثعلبة قبل سن البلوغ (Puberty).
  3. وجود مرض مناعيّ ذاتي آخر لدى مريض الثعلبة، كالداء السكري من النمط الأول (Diabetes Mellitus Type 1) أو الداء الرثيانيّ (Rheumatoid Arthritis).
  4. لدى المريض حالة من فرط الحساسيّة الشديدة، أو الإكزيما التأتبية مثلاً.
  5. تغير الصفات الطبيعية للأظافر، كلونها مثلاً أو ثخانتها وقوامها.
 

خطوات التشخيص الطبي للإصابة بمرض الثعلبة

يفحص الطبيب الجلديّ مريض الثعلبة بعد أن يستفسر منه بشكل دقيق عن البدء المفاجئ لتساقط الشعر لديه، وينظر عن كثب إلى طبيعة البقع العارية من الشعر الموجود في المناطق المصابة من جلد رأسه أو جسده، مركزاً على أهمية سلامة الجلد وخلوّه من الأذيات المرافقة.

قد تؤخذ عينات من الأشعار المتبقيّة لفحصها تحت المجهر الضوئي وتبيان أي تغيرات بنيوية فيها، كما يلجأ الطبيب إلى سحب عينة دمويّة لمعرفة خضاب الدم والتحري عن الأضداد المناعيّة التي تظهر في سياق بعض الأمراض المناعية الذاتيّة.

 

العلاج والتدبير الطبيّ لمرض الثعلبة

لا يتوفّر حتى الآن علاج جذري نهائيّ يقضي تماماً على مرض الثعلبة، إنما يلجأ الأطباء حالياً إلى حقن المناطق الجلديّة المصابة بالستيروئيدات القشريّة (Coticosteroids) كل 3 أو 4 أسابيع كوسيلة علاجيّة لمرضى الثعلبة، أو قد تستعمل الكريمات الستيروئيدية وتدهن موضعياً على البؤر المتأذية بالمشاركة مع المينوكسيديل 5%.

وفي سياق علاج الثعلبة، قد يستخدم مرهم أنثرالين (Anthralin) الذي يحرض نموّ الأشعار مجدداً، حيث يطبّق على البقع العارية من الشعر لفترة زمنيّة قصيرة، وقد يستغرق الأمر شهرين تقريباً ريثما تبدأ النتائج الإيجابيّة بالظهور للعين.

ينبغي الإشارة إلى أهمية تطبيق العلاج المناعي (Imuuno-Therapy) لدى مرضى الحالات الشديدة من الثعلبة، فيستخدم لهذه المعالجة دواء محسّس يسمّى DCP Diphenylcyclopropenone يعتبر بمثابة مضاد (Antigen) يحرّض استجابة مناعيّة معيّنة في المناطق التي يغيب فيها الشعر (بؤر الثعلبة).

مما يؤدي إلى تنشيط نموّه مجدّداً، يتوفر هذا الدواء بشكل سائل في الصيدليّات، يطبّقه الطبيب المعالج على البؤر المرضيّة مرة واحدة في الأسبوع مع حرصه على زيادة تركيز المادة المطبقة في كل زيارة.

يحتاج هذا العلاج إلى فترة زمنيّة قد تصل إلى 3 أشهر أو أكثر ريثما تظهر النتائج المرضية، هذا ويحرّض هذا الدواء بدوره التهاباً جلديّاً شديداً مع طفح بالغ وضخامة في العقد اللمفاوية لاسيّما على مستوى الرقبة.

ولهذا يحرص الأطباء على تطبيقه بشكل أسبوعي وبنطاق ضيّق جداً خوفاً من ارتفاع وتيرة الحساسيّة الناتجة عن العلاج.

 

نصائح خاصة لمرضى الثعلبة

لطالما كان شعر الرأس مصدر جاذبيةً كبرى لدى الجنسين، فيتطلب منّا وقتاً وجهداً لا يستهان بهما كي يبقى محافظاً على جماليته ورونقه، فلا بدّ أن نستنتج مدى سوء الوضع النفسيّ والتغيرات السلبية التي تطرأ على نفسية مرضى الثعلبة بعد حدوث التساقط المفاجئ لشعرهم، لذلك:

  • علينا ألا نهمل أهمية الدعم والتأهيل النفسي الكبير لمرضى الحاصة الموضعية.
  • لا ضير أبداً من إقناعهم بإمكانية تطبيق بعض الخطوات البسيطة لتدبير البؤر العارية من الشعر ريثما يسترد الشعر المتساقط ويتماثل إلى الشفاء، كاستخدام المواد التجميلية لرسم شعر الحاجب المتساقط، أو ارتداء القبعات ومحاولة تسريح الشعر المبتقي بما يتناسب مع إخفاء البقع المرضيّة.
  • مع ضرورة تطبيق الواقي الشمسيّ (Sun Screen) بشكل دائم على المناطق الخالية من الشعر لحمايتها من تأثير أشعة الشمس الحارقة.
  • إلى جانب المواظبة على ارتداء النظارات الشمسية لحماية العين من دخول الغبار وتأثير الأشعة الشمسية لاسيّما إذا ما تساقطت أهداب الأجفان.
  • يضاف لها أهميّة تشجيع مرضى الثعلبة على المشاركة في جلسات دعم جماعيّة (Support Group)، فتساعد هذه الجلسات في التعرف على العقبات التي يواجهها مرضى الثعلبة يومياً، وتدفعهم إلى مساندة بعضهم البعض نفسياً ومعنوياً للتغلب على العقبات وتحمّل الأعباء النفسية والاجتماعيّة التي يخلفها هذا المرض.

وفي نهاية المقال... لقد تعرفنا معاً على أسباب مرض الثعلبة وكيفية علاجه الحاليّة، مشيرين بدورنا إلى أن هذا المرض يشكل 2-5% من مجمل الاستشارات الطبية في العيادات الجلديّة، وقد سجّلت حوالي 6.8 مليون حالة مرضيّة بالثعلبة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار