أسباب التوحد عند الأطفال وطرق التعامل معهم

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الخميس، 26 يناير 2023
أسباب التوحد عند الأطفال وطرق التعامل معهم

بعد قصة هوفر بلير والظهور الأول لشبح تشوه خلقي جديد يدعى التوحد (بالإنجليزية:Autism)، سارع العلماء ومراكز البحث لإجراء الدراسات والبحوث حول هذه الحالة والحالات المشابهة، وعلى الرغم من الدراسات الموسعة والتقارير المكثفة حول هذا المرض، إلا أنها بقيت عصية على تفسير أسبابه بشكل تام ومتضاربة في نتائجها ومتشعبة في تأكيدها للعوامل التي تسببه حتى الآن، وهذا ما دفع العلماء للاهتمام أكثر  بأعراض التوحد والمقارنة بين حالاته، وقد نجح العلماء بالفعل في التوصل للعديد من النتائج المهمة المتعلقة بتشخيص حالات التوحد وطريقة التعامل معها والمعايير التي تحدد درجة الإصابة، مع بقاء باب الجدل العلمي مفتوحا أمام تفسير أسبابه وأساليب علاجه، وهذا ما سنحاول توضيحه من خلال هذا المقال.

حقائق حول مرض التوحد

  • يعَرف مرض التوحد بأنه اضطراب نمائي عصبي تبدو مظاهره في مرحلة الطفولة المبكرة عند بلوغ عمر 6 أشهر، ويبلغ أشده عندما يصل الطفل لعمر 3 سنوات.
  • تعتبر القصة التي رواها مارتن لوثر كينج (Martin Luther King) عن الصبي هوفر بلير (Hoover Blair) أقدم حالة موثقة عن مرض التوحد (وهو طفل في الثانية عشر من عمره عاش في قرية بسيطة تدعى بورج في الريف الاسكتلندي وأطلق عليه البعض لقب الطفل المتوحش، وهو يعتبر أقدم حالة موثقة عن مرض التوحد في التاريخ في النصف الأول من القرن الثامن عشر بحسب ما ذكره مارتن لوثر كينغ في إحدى مقالاته من كتاب: (The Table Talk).
  • قالت بعض الفرضيات أن التوحد هو شكل آخر للحياة ناتج عن تطور جيني معين بما يعني أن الأطفال المتوحدين ليسوا مرضى، وإنما أشخاص لهم حياة أخرى يعيشونها ويتخيلونها، وهذا ما أثبتته قصص بعض الناس الذين تعافوا من مرض التوحد بشكل جزئي، (مع العلم أنه لا يوجد ما يثبت أن هناك تعافياً تاماً من التوحد وإنما بعض القصص المتداولة).
  • من خلال عدة ملاحظات تبين أن أطفال التوحد لا يشعرون بالألم إلا بشكل بسيط، فردّات فعلهم تكون هادئة جداً نحو الأمور التي تؤلم الأطفال الطبيعيين بشدة.
  • يملك بعض الأطفال المتوحدين قدرات حركية غير اعتيادية، حيث تظهر لديهم القدرة على القيام بأشياء عديدة في الوقت نفسه، بطريقة تصعب حتى على الكبار الأسوياء، بالإضافة إلى بعض القدرات الذهنية، فقد يستطيع بعض الأطفال المتوحدين إجراء عمليات حسابية بالغة التعقيد ذهنياً دون الاعتماد على الأوراق أو الحواسب الآلية، أو يمكنهم حفظ كمية كبيرة من المعلومات بشكل حرفي في أوقات قياسية. [1]

أسباب إصابة الطفل بالتوحد

لا توجد دراسة مفصلة وشاملة أو موثوقة تستطيع أن تحدد سبب أو مجموعة أسباب أساسية لمرض التوحد، فأغلب الدراسات التي أجريت كانت متناقضة من حيث النتائج ولا تتطابق مع جميع الحالات: [1] [2]

  • أشارت بعض الدراسات إلى أن سبب الإصابة بمرض التوحد هو عبارة عن خليط بين عوامل جينية وراثية بدرجة محدودة تنتج عادةً عن تقدم الوالدين بالعمر، بالإضافة إلى الأجواء الملوثة وتناولهما لأنواع معينة من الأغذية والإدمان أو التدخين أو تناول الأم لبعض العقاقير الطبية التي تؤثر على الأعصاب أثناء فترة الحمل، وكل هذا يؤدي إلى اختلال في توزيع نقاط الاشتباك العصبية، وبالتالي اضطرابات في انتظام الإشارات العصبية في الدماغ.
  • هناك دراسات أخرى حاولت الربط بين العوامل الاجتماعية والبيئية والإصابة بمرض التوحد، ولكنها بقيت في إطار الفرضيات غير المؤكدة.

أعراض إصابة الطفل بالتوحد

تتسرع بعض الأسر التي تلاحظ تصرفات غريبة على أحد أبنائها بالحكم عليه أنه متوحد، ومن هنا يجب الإشارة إلى أن معظم الجوانب المتعلقة بهذا المرض لا تزال مجهولة علمياً في الأغلب.

لذا فإن تشخيصه بحاجة للعديد من الاختبارات والفحوص والتقييمات قبل البت بالإصابة به، حيث إن هذا المرض يتشابه في بعض الأحيان مع العديد من الأمراض العصبية والذهانية الأخرى.

هذا بالإضافة إلى أنه يقسم لعدة أنواع في إطار ما يسمى بطيف التوحد، ولعدة مستويات تبعاً لدرجة الإصابة، والتي تحدد على أساس عدد من الخصائص المتوافرة لدى المريض من أصل 18 خاصية اتفقت عليها العديد من الدراسات في تشخيص مرض التوحد. [2]

وتتمحور الخصائص الـ18 حول 3 نقاط أساسية منها وهي: [2]

  • ضعف في التفاعل الاجتماعي مع المحيط، مثل: عدم الرغبة في مخالطة الآخرين أو اللعب مع أطفال آخرين.
  • قصور في التواصل اللفظي وغير اللفظي، مثل: التأخر في النطق، وانعدام التواصل البصري، وعدم الاستجابة للأصوات والإيحاءات اللفظية.
  • النمطية في السلوك، إذ يرغب الطفل المتوحد في تكرار أنماط سلوكية معينة يرفض تغييرها أو تعديلها (الطفل المتوحد يرفض تغير أي شيء حوله، فيمكن ملاحظة أنه يتوتر أو يغضب عندما ما نحرك أثاث المنزل من مكانه أو ندخل تحسينات أو أي شيء جديد عليه)، كما يرغب في تجميع الأشياء ضمن أنساق معينة، وتكرار جمل معينة مع عدم القدرة على إدراك معناها أو توظيفها واستخدامها.

كما يمكن ذكر بعض الأعراض التي تختلف من حالة لأخرى بين مرضى التوحد: [2]

  • بعض أطفال التوحد يظهر لديهم نوبات غضب حادة وسلوك عدواني يصل إلى تدمير الأشياء حولهم وإيذاء الآخرين أو أنفسهم، دون ملاحظة سبب محدد أو منطقي لغضبهم هذا.
  • يرغب الطفل المتوحد في تكرار الحركات بشكل مبالغ فيه، دون شعور بالملل أو التعب، كما يرغب في صناعة الأشكال الدائرية حوله.
  • يسبب التوحد تأخراً في النطق، فالطفل المتوحد لا يكتسب اللغة حتى سن الخامسة تقريباً، بالإضافة إلى أنه يعكس الضمائر ولا يدرك معظم الكلمات التي يرددها، وليس لديه القدرة على الاستمرار في حديث كامل أو البدء فيه.
  • يلاحظ على الطفل المتوحد ضعف في حواسه، وعدم استجابته للنداء باسمه.
  • يتحدث الطفل المتوحد بطريقة غريبة شبهها البعض بالإنسان الآلي، كما ينعدم لديه التواصل البصري، ولا يستجيب للمواقف العاطفية.

كيفية التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد

نظرا لقصور الدراسات عن تفسير الكثير من جوانب مرض التوحد من أسباب الإصابة به والعوامل المؤثرة بشكل تام، بالإضافة إلى تعدد أنواعه ومستويات الإصابة به، فقد كان من الصعب وضع برامج علاجية متكاملة تضمن التعافي التام من هذا المرض.

لذلك وعوضاً عن البحث عن العلاج الكامل انصب الاهتمام بشكل أكبر على أساليب التعامل مع مرضى التوحد، ومن هنا كان الاهتمام بتعليم وتطوير مهارات أطفال التوحد ويتم ذلك مثلاً عن طريق: [3]

  • تدريب الطفل دائماً على التعبير عما يريده لفظياً، كأن تعوده مثلاً على التعبير عن حاجاته الأساسية من خلال البوح بها، مثل: الذهاب إلى الحمام، أو الرغبة في تناول الطعام.
  • حث وتشجيع الطفل عن طريق التواصل اللفظي والبصري معه بشكل مستمر.
  • اتباع برامج غذائية معينة، بعض أطفال التوحد لا تناسبهم جميع أنواع الأطعمة، نظراً لما يعانيه بعضهم من اضطرابات في الجهاز الهضمي، لذا يجب التعاون مع الطبيب المختص لتحديد ما يناسب كل حالة على حدة من أطعمة.
  • العلاج الدوائي مع بعض الحالات، وتستخدم الأدوية لتهدئة نوبات الغضب والسلوك العدواني الذي يظهر على الطفل المتوحد.

تجدر الإشارة إلى أهمية عرض الطفل على الطبيب المختص عند الشك بإصابته، فهناك متغيرات تتعلق بكل حالة على حدة، إذ لا يمكن إجمالها في دراسة واحدة، فالمختص في هذه الحالة يعرف ما الاختبارات والفحوص المناسبة التي يجب إجراؤها للتوصل للتشخيص الصحيح لكل حالة.

وذلك نظراً لأن موضوع مرض التوحد شائك ومتشعب وقد يحتاج في بعض الأحيان إلى فريق من الأطباء والمختصين الاجتماعين والنفسيين؛ ولا يمكن للوالدين وحدهما تشخيصه واتخاذ القرار في كيفية علاجه أو التعامل معه. [3]

أخيراً، تناولنا في هذا المقال تعريف مرض التوحد وتعدد أنواعه التي تجمع في إطار طيف التوحد، هذا بالإضافة إلى مستوياته وكيف تختلف حالة طفل مصاب بالتوحد عن حالة أخرى، كما حاولنا إعطاء الوالدين بعض المعلومات عن أعراض هذا المرض وبعض النصائح للتعامل مع الطفل المصاب به.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار