الجهاز العصبي (Nervous System)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 01 يناير 2023
الجهاز العصبي (Nervous System)

يملك الجهاز العصبي العديد من الوظائف التي تحافظ على حياتنا ووعينا وحواسنا وقدرتنا على التفكير، وفي هذا المقال، سنتعرف معاً على مكونات الجهاز العصبي المركزي ووظائفه وتركيب الخلايا العصبية وآلية عمل الأعصاب وأجزاء الدماغ البشري ووظائفه.

الجهاز العصبي البشري

يعد الجهاز العصبي البشري أحد أكثر الأجهزة العضوية تعقيداً للتطور على الإطلاق، ويتكون من جزأين، وهما: [1]

  • الجهاز العصبي المركزي: يتكون من المخ والحبل الشوكي.
  • الجهاز العصبي المحيطي: يشمل جميع أعصاب الجسم.

الجهاز العصبي المركزي

يُطلق على الجهاز العصبي المركزي (CNS) اسم وحدة المعالجة المركزية للجسم، ويتكون من الدماغ والنخاع الشوكي (بالإنجليزية: Spinal Cord). [1]

1. الدماغ
الدماغ البشري هو أحد الأعضاء المهمة والأكبر والمركزية في الجهاز العصبي للإنسان، وهو يحتوي على المخ الذي يعتبر وحدة التحكم في الجهاز العصبي، التي تساعدنا في اكتشاف أشياء جديدة والتذكر والفهم واتخاذ القرارات وغير ذلك الكثير، وهو محاط بالجمجمة، مما يوفر حماية أمامية وجانبية وظهرية. [1]

ويتكون دماغ الإنسان من 3 أجزاء رئيسية، هي: [1]

  • الدماغ الأمامي (Forebrain): وهو الجزء الأمامي من الدماغ، ويتكون من المخ، والهايبوتلاموس، والمهاد.
  • الدماغ المتوسط (Midbrain): وهو الجزء الأصغر والمركزي من جذع الدماغ، ويتكون من تكتوم (بالإنجليزية: Tectum) وتيجمنتوم (بالإنجليزية: Tegmentum).
  • الدماغ الخلفي (Hindbrain): وهو المنطقة المركزية للدماغ، وتتألف من المخيخ، والنخاع الشوكي، والجسور (بالإنجليزية: Pons).

2. الحبل الشوكي
الحبل الشوكي هو عبارة عن حزمة أسطوانية من الألياف العصبية، والأنسجة المرتبطة بها تكون محاطة بالعمود الفقري وتربط جميع أجزاء الجسم بالدماغ، ويبدأ الحبل الشوكي من النخاع ويمتد إلى الأسفل، ويكون محاطاً بقفص عظمي يسمى العمود الفقري وأغشية تسمى السحايا، ويهتم الحبل الشوكي بأفعال الانعكاس الشوكي وتوصيل النبضات العصبية من الدماغ وإليه. [1]

الجهاز العصبي المحيطي

الجهاز العصبي المحيطي (PNS) هو جزء جانبي من الجهاز العصبي يتطور من الجهاز العصبي المركزي، ويربط أجزاء مختلفة من الجسم به، وهو ينفذ كل من الإجراءات الطوعية واللاإرادية بمساعدة الأعصاب الطرفية. [1]

ويتضمن الجهاز العصبي المحيطي نوعين من الألياف العصبية، هي: [1]

  • الألياف العصبية الواردة: وهي مسؤولة عن نقل الإشارات من الأنسجة والأعضاء إلى الجهاز العصبي المركزي.
  • الألياف العصبية الفعالة: وهي مسؤولة عن نقل الإشارات من الجهاز العصبي المركزي إلى العضو المحيطي المقابل.

ويمكن تقسيم الجهاز العصبي المحيطي إلى ما يأتي: [1]

  • الجهاز العصبي الجسدي (SNS): هو الجهاز العصبي الذي يتحكم في الإجراءات الإرادية في الجسم، عن طريق نقل النبضات من الجهاز العصبي المركزي إلى خلايا العضلات الهيكلية، ويتكون من الأعصاب الجسدية.
  • الجهاز العصبي اللاإرادي (ANS): يشارك الجهاز العصبي اللاإرادي في إجراءات لا إرادية مثل: تنظيم الوظائف الفسيولوجية كالهضم، والتنفس، وإفراز اللعاب، وغيره، وهو نظام ذاتي التنظيم ينقل النبضات من الجهاز العصبي المركزي إلى العضلات الملساء والأعضاء اللاإرادية كالقلب والمثانة وغيرها.

ويمكن تقسيم الجهاز العصبي اللاإرادي إلى يأتي: [1]

  • الجهاز العصبي الودي.
  • الجهاز العصبي السمبثاوي.

تركيب الخلايا العصبية

أجزاء ومكونات الخلية العصبية

تعد الخلية العصبية أو العصبون (بالإنجليزية: Neuron)، حجر البناء الرئيسي للنسيج العصبي، بالإضافة إلى خلايا داعمة تسمى خلايا الدبق العصبي، وتنشأ الخلايا العصبية منذ المرحلة الجنينية في منطقة تدعى الأنبوب العصبي. [2]

هذه الخلايا لا تتكاثر بعد أن تنضج؛ لذلك لا يمكن إعادة تشكيل النسيج العصبي مرة أخرى بعد أن يتلف، حتى باستخدام التقنيات الطبية الحديثة (حتى اليوم على الأقل). [2]

مكونات الخلية العصبية

تتكون الخلية العصبية من جسم الخلية الذي يحوي النواة، والاستطالات السيتوبلازمية (استطالات تنشأ من جسم الخلية نفسها في أكثر من اتجاه)، التي تنقل الإشارات العصبية من مختلف الأماكن باتجاه جسم الخلية العصبية. [2]

ويخرج من الجهة المقابلة من الخلية استطالة وحيدة تكون في العادة أطول وأعرض من الاستطالات السيتوبلازمية الأخرى تدعى المحوار (بالإنجليزية: Axon)، يتراوح طوله بين السنتيمتر والمتر، ووظيفته نقل الإشارات العصبية الصادرة من الخلية العصبية (بعكس الاستطالات الأخرى). [2]

يمكننا تشبيه الأعصاب بكابلات تحوي حزماً من الأسلاك الدقيقة، هذه الأسلاك تسمى بالألياف العصبية، وهي إما محاوير (بالإنجليزية: Axons) أو استطالات سيتوبلازمية طويلة، والفرق بينها مهم جداً. [2]

فالمحاوير تنقل الإشارات العصبية من الخلية العصبية، لذلك يكون هدف الأعصاب المكونة من محاوير هو نقل الإشارات العصبية الصادرة عن المراكز العصبية الموجودة في الدماغ أو النخاع الشوكي، مثل أوامر الحركة مثلاً أو الإفراز، وتسمى بالأعصاب النابذة، أما الأعصاب المكونة من استطالات سيتوبلازمية، فتنقل الإشارات من المحيط باتجاه المراكز العصبية، مثل الأعصاب الحسية وتسمى بالأعصاب الجابذة. [2]

ويُحاط العصب بغمد خاص به يحمي الألياف العصبية داخله ويحافظ عليها مجموعة سوية، إضافة إلى ذلك يمكن أن يكون العصب، خاصة إذا كان كبيراً، مقسماً إلى عدة حزم من الألياف العصبية، وتحاط جميع هذه الحزم بغمد واحد هو غمد العصب. [2]

أما الألياف العصبية، فتقسم إلى ألياف مغمدة بغمد النخاعين (بالإنجليزية: Myelin) وألياف غير مغمدة به، وغمد النخاعين هو طبقة دهنية بروتينية تغلف الألياف العصبية وتزيد من سرعة نقلها للإشارات العصبية، وتؤمن لها إضافة إلى ذلك درجة ما من الحماية. [2]

ويفرز هذا الغمد من نوعين من الخلايا الدبقية (الخلايا الداعمة)، وهي خلايا شوان (بالإنجليزية: Schwann Cells) في الأعصاب المحيطية الواقعة خارج الدماغ والنخاع الشوكي، أما بالنسبة للأعصاب المركزية، فيأتي غمد النخاعين من الخلايا الدبقية قليلة التفرعات (بالإنجليزية: Oligodendrocytes). [2]

كيف تتصل الخلايا العصبية ببعضها

تتصل الخلايا العصبية بعضها بعضاً بواسطة بنى تسمى بالمشابك العصبية (بالإنجليزية: Synapses) وهي نقاط اتصال وظيفي تقع بين نهاية محوار خلية عصبية ما، ونقطة من استطالة سيتوبلازمية أو جسم خلية أو محوار لخلية أخرى. [2]

وتنتقل الإشارات بين الخلايا عبر مواد مخزنة في نهايات المحاوير تدعى النواقل العصبية، ولا يحدث أي تلامس فيزيائي بينها، إنما يتم النقل عبر مسافة تدعى بالشق المشبكي. [2]

وهكذا تنتقل الإشارات العصبية من خلية عصبية إلى أخرى دون حدوث تلامس بين أجسام الخلايا، أو حتى في المشابك التي هي مناطق الاتصال، وتساعد الخلايا الداعمة (الدبق العصبي)، في عزل تلك الخلايا، وهكذا تتمكن الخلايا العصبية من العمل بشكل مستقل دون أن تأتيها شحنات وتنبيهات عشوائية من الخلايا المجاورة. [2]

توضح الصورة السابقة بشكل مبسط الشكل النموذجي للخلية العصبية، وكما ذكرنا يكون اتجاه نقل الإشارات العصبية (المدعوة أيضاً بالسيالة العصبية) من اليسار (الاستطالات السيتوبلازمية) باتجاه الأيمن (المحوار)، كما نلاحظ في نهاية المحوار ما يدعى بالنهايات المشبكية التي يمكن أن ترتبط إلى سطح خلية عصبية أخرى في أي نقطة منها وتنقل لها إشارات ما. [2]

الصورة في الأعلى هي رسم مبسط نموذجي لا يعبر عن جميع أشكال الخلايا العصبية بالطبع، فهي قد تتخذ أشكالاً أخرى عديدة لسنا بصدد مناقشتها في هذا المقال.

الدبق العصبي (أو الخلايا الدبقية) هي النوع الآخر من الخلايا الموجودة في النسيج العصبي، وهي خلايا غير وظيفية عصبياً (أي لا تلعب دوراً في تشكيل ونقل الإشارات العصبية)، إنما تحيط بالخلايا العصبية وتحميها وتؤمن لها التغذية، وتفرز غمد النخاعين كما ذكرنا. [2]

أجزاء الدماغ ووظائفها

الدماغ البشري هو المعالج الرئيسي لجميع المعلومات التي نتعرض لها يومياً، ويتميز عن أي جهاز كمبيوتر أو نظام ذكاء اصطناعي بأنه يوّلد لدينا العاطفة والوعي والمحاكمة العقلية والقدرة على التعلم، والعديد من الوظائف الفريدة التي لا نزال نقف في دهشة أمام آليات عملها المعقدة. [3]

يزن الدماغ البشري في المتوسط لدى الذكر نحو 1400 جرام، ولدى الأنثى نحو 1200 أو أكثر بقليل، ويتكون من 100 مليار خلية عصبية، ونحو تريليون خلية دبقية داعمة، ويقسم إلى عدد من الأقسام لكل منها مزاياها الخاصة، إلا أنها جميعاً تندرج في تصنيف المادة الرمادية والمادة البيضاء: [3]

  • المادة الرمادية: هي الجزء الذي يحتوي على أجسام الخلايا العصبية، وتشكل الجزء الخارجي من المخ (قشرة المخ) والمخيخ، والجزء المركزي من الجذع الدماغ والنخاع الشوكي.
  • المادة البيضاء: تتكون من الألياف العصبية والخلايا الدبقية الداعمة من دون أجسام خلايا عصبية، ويعود لونها الأبيض إلى غمد النخاعين الذي يبطن هذه الألياف.

مكونات الدماغ البشري

أجزاء الدماغ

  • قشرة المخ: هي الطبقة السطحية الخارجية للمخ، وهي طبقة نسيجية حيوية مليئة بالخلايا العصبية، تتم بها جميع العمليات التي تدعى بالوظائف العليا كالتفكير والذاكرة واللغة والإبداع وحتى الضمير، إضافة إلى الوظائف الأولية البسيطة كإدراك الحواس، وإعطاء أوامر الحركة إلى العضلات الإرادية، وتقسم القشرة المخية في كل نصف من الرأس إلى 4 مناطق تدعى بالفصوص المخية، وهي: [3]
  1. الفص الجبهي (Frontal Lobe): يقع مباشرة خلف الجبهة في الجزء الأمامي من الدماغ، ويلعب دوراً أساسياً في الحركة والتخطيط للمستقبل وإنشاء النوايا والمحاكمة المنطقية.
  2. الفص الجداري (Parietal Lobe): يقع هذا الفص خلف الفص الجبهي، ويحتوي على باحات الإحساس الجسدي الأولية (الباحة القشرية هي منطقة ما من قشرة المخ تتصف بأدائها لوظيفة واحدة مشتركة وهي لا تملك حدوداً واضحة إنما تحدد بشكل تقريبي بحسب نشاطها الوظيفي) التي تعطينا الشعور باللمس، والباحات الحسية الجسدية الثانوية التي تجعلنا نعلم ما نلمس، إضافة إلى التعرف على حجم وملمس وأبعاد جسم ما بمجرد لمسه.
  3. الفص الصدغي (Temporal Lobe): يقع أسفل الجداري، ويستقبل قسمه العلوي الإشارات العصبية السمعية القادمة من الأذنين، أما قسمه السفلي فيلعب دوراً في وظائف الذاكرة والعواطف، وخاصة تلك المتعلقة بالأصوات والموسيقى، إضافة إلى دوره في الشم والذوق.
  4. الفص القذالي أو القفوي (Occipital Lobe): يحوي قسمه الخلفي مناطق مختصة باستقبال الإشارات البصرية وإحداث شعور البصر، أما المناطق الواقعة أمامها فتساعدنا على معرفة وفهم ما نبصره إضافة إلى الرؤية ثلاثية الأبعاد.
  • المخيخ: يقع المخيخ في الجزء الخلفي السفلي من الرأس أسفل المخ، ويمثل نحو 10% من حجم الدماغ، إلا أنه كثيف جداً بالخلايا العصبية، ويؤدي عدداً من الوظائف المتعلقة بالحركة والتوازن، وهي: [3]
  1. الحفاظ على الوضعية والتوازن: فالمخيخ يستقبل إشارات عصبية متعلقة بالوضعية من الجهاز الدهليزي الموجود في الأذن الداخلية (وهو الجهاز الذي يرسل إلى المخيخ إشارات مستمرة عن وضعية الجسم والرأس بشكل خاص ويسهم في الحفاظ على التوازن)، إضافة إلى مستقبلات موجودة في طبقات عميقة من الجلد، وينظم التحولات في وضعية الجسم وتوتر العضلات للحفاظ على التوازن في وضعيات مختلفة.
  2. تنسيق عمل العضلات المختلفة: التي تحتاج للتشارك معاً لأداء مهمة واحدة مثل: تحريك اليدين أثناء فتح الباب أو تحريك الساقين أثناء المشي.
  3. التعلم الحركي: فبعد أن نتعلم حركة ما كقيادة الدراجة أو السباحة مثلاً ننتقل من مرحلة أداء الحركات بشكل واعٍ والتفكير بها خطوة بخطوة إلى مرحلة السيطرة اللاإرادية التي يتحكم بها المخيخ، ونؤدي الحركات دون تركيز شديد.
  • جذع الدماغ: وهو الجزء السفلي من الدماغ المتصل بالنخاع الشوكي، ويؤدي دوراً مهماً في نقل الإشارات العصبية الحسية والحركية من الجسم إلى المراكز العصبية العليا وبالعكس، ويحوي في مركزه العديد من المراكز التي تسيطر على منعكسات تتحكم بالوظائف الحيوية، وتدعى هذه المنعكسات بالمنعكسات البصلية (نسبة إلى البصلة السيسائية (بالإنجليزية: Medulla Oblongata)، تشمل هذه المنعكسات التحكم في سرعة التنفس وعمقه، والتعرق، والبلع وسيلان اللعاب. [3]

في الختام، تتشارك المناطق السابقة فيما بينها، إضافة إلى مراكز أخرى في العمل على تنظيم وظائفنا الجسدية وتحقيق كل العمليات التي يمكن أن تفرق العاقل عن غير العاقل، والحي عن الميت، لذلك يمكننا اعتبار الجهاز العصبي أهم الأجهزة الموجودة في جسم الإنسان.