عمر ياغي: يكتب فصلاً عربياً جديداً في تاريخ جائزة نوبل

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 08 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 7 دقائق قراءة
عمر ياغي: يكتب فصلاً عربياً جديداً في تاريخ جائزة نوبل

أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم رسميًا فوز العالم عمر مؤنس ياغي بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025، فمن هو العالم الذي حاز الجائزة الأهم في العلوم وما أهم إنجازاته؟

فوز عمر ياغي كان إلى جانب الياباني سوسومو كيتاغاوا والأسترالي ريتشارد روبسون، تكريمًا لإسهامهم الرائد في تطوير الأطر المعدنية العضوية (Metal–Organic Frameworks - MOFs)، وهي مواد مسامية متناهية الدقة تعد من أهم الاكتشافات في مجال هندسة المواد الجزيئية الحديثة. هذا الفوز وضع اسم ياغي في مقدمة العلماء الذين أحدثوا نقلة نوعية في معالجة القضايا البيئية والطاقة والمياه.

من هو عمر ياغي الحاصل على الجنسية السعودية؟

سجل العالم الدكتور عمر ياغي اسمه بحروف من ذهب في تاريخ العلم، وذلك بفوزه بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025. جاء هذا التقدير الدولي تقديرًا لإسهاماته الرائدة في تأسيس علم الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry)، بالإضافة إلى تطويره للهياكل العضوية المعدنية (MOFs)، التي أحدثت نقلة نوعية في العديد من المجالات العلمية والتطبيقية، مثل تنقية الهواء والماء، وكذلك في تقنيات تخزين الغازات والطاقة.

وُلد الدكتور ياغي عام 1965 في العاصمة الأردنية عمان، لعائلة فلسطينية هاجرت إلى الأردن. ومنذ طفولته، كان شغفه بالعلوم يتنامى بشكل كبير. تابع دراسته في مجال الكيمياء في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة إلينوي في الولايات المتحدة الأمريكية.

وبعدها، بدأ مسيرته الأكاديمية في عدة جامعات مرموقة، مثل جامعة أريزونا وجامعة ميشيغان وجامعة كاليفورنيا – بيركلي. خلال هذه الفترة، قاد العديد من الأبحاث التي أسست وأرسَت أساسات مجال علمي جديد في الكيمياء التطبيقية.

عمر ياغي حصل على الجنسية السعودية بتكريم ملكي

وفي عام 2021، تم تكريمه من قبل المملكة العربية السعودية، حيث صدر أمر ملكي يمنحه الجنسية السعودية ضمن برنامج استقطاب الكفاءات المتميزة. جاء هذا التقدير نتيجة لإسهاماته الكبيرة في مجالات الابتكار والبحث العلمي، مما جعله أحد أبرز العلماء السعوديين المؤثرين في الساحة العلمية العالمية.

يشغل الآن منصب أستاذ الكيمياء في جامعة كاليفورنيا بيركلي، وهو أحد أبرز رواد ما يعرف بـ الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry)، وهو مجال جديد يقوم على تصميم وربط الجزيئات لتشكيل هياكل بلورية عالية التنظيم. بفضل أبحاثه الرائدة، أصبح ياغي مرجعًا عالميًا في ابتكار مواد قادرة على أداء وظائف معقدة على المستوى الجزيئي.

سر التتويج: ثورة الأطر المعدنية العضوية

الإنجاز الذي نال عليه ياغي الجائزة يعد تحولًا جذريًا في الكيمياء الحديثة. فالأطر المعدنية العضوية تتكون من أيونات معدنية ترتبط بجزيئات عضوية طويلة لتشكل شبكات ثلاثية الأبعاد ذات مساحات داخلية هائلة بالنسبة لحجمها.

هذه المسامية الفريدة تمنح المواد قدرة مذهلة على امتصاص الغازات والسوائل وتخزينها، ما يجعلها ذات تطبيقات واسعة في احتجاز ثاني أكسيد الكربون، تخزين الهيدروجين، جمع الماء من الهواء الصحراوي، وحتى إزالة الملوثات السامة.

وصفت لجنة نوبل هذه المواد بأنها شكل جديد من هندسة المواد الجزيئية لقدرتها على محاكاة وظائف معقدة تشبه العمليات الطبيعية، مع إمكانات هائلة لمواجهة التحديات البيئية.

تكريم عمر ياغي في الإمارات العام الماضي

تطبيقات عملية غير مسبوقة

التجارب التي قادها ياغي وفريقه أظهرت أن بعض أنواع MOFs يمكنها امتصاص كميات ضخمة من الغاز بالنسبة لوزنها، مما يجعلها مثالية لتطبيقات التقاط الكربون من المصانع، أو حتى من الهواء مباشرة.

كما ابتكر ياغي مواد قادرة على جمع بخار الماء من الهواء الجاف، وهو ابتكار قد يحدث ثورة في تأمين مياه الشرب في المناطق القاحلة. هذه التطبيقات العملية جعلت أبحاثه تتجاوز حدود المختبر لتتحول إلى حلول واقعية لمشكلات عالمية، وهو ما أكدته وسائل الإعلام العالمية عقب إعلان الجائزة.

مسيرة علمية دولية واعتراف عالمي

لم يكن هذا التتويج وليد لحظة، بل ثمرة ثلاثة عقود من البحث المتواصل. فقد أسس ياغي مدرسة بحثية متكاملة تخرّج فيها العشرات من العلماء حول العالم، وابتكر نهجًا يجمع بين الفكر النظري والتطبيق الصناعي. حصل خلال مسيرته على جوائز علمية مرموقة مثل جائزة وولف في الكيمياء وجائزة الملك فيصل العالمية، وكان اسمه مطروحًا ضمن قائمة المرشحين لنوبل منذ أعوام.

يعرف ياغي بقدرته على الجمع بين العمق العلمي والرؤية العملية، إذ يركّز على تحويل الأفكار الكيميائية المعقدة إلى مواد يمكن إنتاجها واستخدامها في الصناعة والبيئة والطاقة.

فوز عمر ياغي: فخر أردني وإنجاز عربي

أحدث فوز عمر ياغي صدى واسعًا في العالم العربي. فقد عبرت وسائل الإعلام الأردنية عن فخر وطني كبير بإنجاز أحد أبنائها، بينما أشادت المؤسسات الأكاديمية بالإنجاز الذي يثبت أن العقول العربية قادرة على الريادة العلمية العالمية.

تصريحات عدة من مسؤولين وباحثين أردنيين أكدت أن هذا الفوز يمثل مصدر إلهام للجيل الجديد من العلماء العرب، ويعيد تسليط الضوء على أهمية دعم البحث العلمي في المنطقة كطريق للابتكار والتنمية.

العالم الأردني عمر ياغي

تأثير عالمي في مجالات الطاقة والبيئة

أبحاث ياغي لا تقتصر على الجانب الأكاديمي، بل تمثل أملًا حقيقيًا في مواجهة تحديات المناخ والطاقة والمياه. فبفضل الأطر المعدنية العضوية التي طورها، يمكن تطوير محطات قادرة على التقاط الكربون بكفاءة عالية، وتصميم أنظمة لاستخراج المياه من الهواء، مما يفتح آفاقًا لثورة في الطاقة النظيفة والاستدامة البيئية.

التقارير العلمية وصفت هذا الإنجاز بأنه خطوة نحو عصر جديد من المواد الذكية القابلة للتخصيص، حيث يمكن تصميم كل مادة لتؤدي وظيفة محددة بدقة متناهية.

تفاصيل جائزة نوبل ومراسم التكريم

جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025 تُمنح بمبلغ إجمالي قدره 11 مليون كرونة سويدية تُقسم بين الفائزين الثلاثة. إلى جانب القيمة المالية، يتلقى كل فائز وسامًا وشهادة شرفية خلال الحفل الرسمي الذي يقام في ستوكهولم بحضور العائلة المالكة السويدية وممثلين عن المجتمع العلمي العالمي.
هذا الفوز لا يمثل فقط تقديرًا علميًا، بل يفتح أمام ياغي وفريقه آفاق تعاون جديدة مع مؤسسات صناعية وحكومات تبحث عن حلول مبتكرة للتحديات البيئية.

ردود الفعل العالمية

الصحف العالمية مثل Financial Times وWashington Post وReuters تناولت الحدث بإشادة كبيرة، مؤكدة أن أبحاث ياغي فتحت مسارًا جديدًا في تصميم المواد القابلة للتخصيص من الذرات والجزيئات.

كما أشار محللون إلى أن هذه التقنية قد تغيّر مستقبل الصناعات الكيميائية والطاقية، إذا أمكن تطويرها للإنتاج بكلفة مناسبة. التحدي القادم أمام العلماء، كما ذكرت الأكاديمية، هو تحويل هذه المواد من اكتشافات مخبرية إلى تقنيات تجارية قابلة للتطبيق الواسع.

الفائزون بجوائز نوبل لعام 2025

جائزة الفيزياء

منحت الأكاديمية التكريم لكل من جون كلارك وميشيل ديفوريت وجون مارتينيس، عن اكتشافاتهم المتعلقة بالظواهر الكمومية في الدوائر الكهربائية، والتي تمهّد الطريق لتطوير الحوسبة الكمومية. 

جائزة الطب

ذهبت جائزة الطب إلى ماري برونكاو وفريد رامسديل وشيمن ساكاغوتشي لاكتشافهم آليات التسامح المناعي المحيطي، ما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج أمراض المناعة الذاتية.

فائزون بجائزة نوبل 2025

شارك عمر ياغي الجائزة مع العالم الياباني سوسومو كيتاغاوا والعالم الأسترالي ريتشارد روبسون، حيث يُعتبر الثلاثة روادًا في تطوير علم الأطر المعدنية العضوية منذ تسعينيات القرن الماضي.

هذا التعاون الدولي المثمر يُعد مثالًا حيًا على قوة العلم كجسر بين الثقافات، ورسالة نوبل هذا العام جاءت واضحة: المستقبل يصنعه التعاون، لا الحدود.

أثر الفوز على العالم العربي والعلم الحديث

يمثل فوز ياغي علامة فارقة في التاريخ العلمي العربي، ويؤكد أن الابتكار لا يعرف جغرافيا. كما يعزز حضور الباحثين العرب في المحافل العالمية، ويشجع على الاستثمار في البحث العلمي كمحرّك أساسي للتنمية.

إنجاز ياغي يفتح باب الأمل أمام جيل جديد من العلماء في المنطقة للسير على خُطاه، ويثبت أن الشرق الأوسط يمكن أن يكون مركزًا عالميًا للإبداع العلمي والتقني.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار