"فلسطين 36" يفتتح عروضه في مهرجان تورونتو برسائل دعم

شهدت الدورة الخمسون من مهرجان تورونتو السينمائي الدولي أجواء استثنائية مع العرض العالمى الأول لفيلم "فلسطين 36" للمخرجة الفلسطينية البارزة آن مارى جاسر. المهرجان الذى يُعد من أبرز منصات السينما العالمية احتفى بالعمل منذ لحظة استقبال أبطاله على السجادة الحمراء، والتى تحولت إلى مساحة رمزية للتعبير عن التضامن مع فلسطين.

عرض فيلم فلسطين 36 في مهرجان تورونتو

زُينت السجادة الحمراء بأعلام فلسطين وشعارات الحرية، بينما حملت جاسر حقيبة مصممة على هيئة الشال الفلسطينى التقليدى، فى لفتة فنية وسياسية تعكس هوية الفيلم وقضيته المركزية.

الحضور العربى والدولى تفاعل مع رموز الدعم؛ إذ شوهد الممثل كريم داوود عناية وهو يحمل حقيبة ملطخة باللون الأحمر ترمز إلى دماء الشهداء، فى حين رفع النجم الفلسطينى صالح البكرى علم فلسطين عالياً أمام عدسات الكاميرات.

كما لفت الممثل التونسى ظافر العابدين الأنظار بحضوره الداعم للفيلم ومشاركته لطاقم العمل لحظات مؤثرة تؤكد أن الفن يمكن أن يكون صوتاً لقضية إنسانية كبرى. هذه المشاهد عززت حضور القضية الفلسطينية على منصة مهرجان عالمى يحضره أبرز صناع السينما والصحافة الدولية.

سباق الأوسكار الدولي

الفيلم الذى يروى جانباً من التاريخ الفلسطينى سيمثل فلسطين رسمياً فى سباق جوائز الأوسكار الثامنة والتسعين عن فئة "الفيلم الدولي الطويل"، والتى من المقرر إقامتها فى 15 مارس 2026.

وبهذا الاختيار يصبح "فلسطين 36" العمل الثامن عشر الذى تقدمه فلسطين للمنافسة منذ بدء مشاركتها عام 2003.

النقاد أشاروا إلى أن هذا الترشيح المبكر يمنح الفيلم دفعة قوية على مستوى التوزيع العالمى والترويج النقدى، خصوصاً أن سجلات آن مارى جاسر السابقة مثل "واجب" و"ملح هذا البحر" حققت حضوراً واسعاً فى المهرجانات الدولية.

قصة تستحضر التاريخ والتحولات

يأخذ الفيلم المشاهد إلى عام 1936 إبان تصاعد الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطانى. تدور الأحداث حول شخصية "يوسف"، شاب فلسطينى يعيش بين قريته الريفية ومدينة القدس المشتعلة، يبحث عن مستقبل يتجاوز الفوضى والاضطرابات.

ومع تزايد أعداد المهاجرين اليهود الهاربين من أوروبا الفاشية وتنامي المطالبات الوطنية بالاستقلال، تتشابك خطوط السرد فى سياق تاريخى يتجه نحو مواجهة حاسمة بين السكان الأصليين والقوى الاستعمارية.

المشاهد تُعيد رسم ملامح مرحلة محورية فى التاريخ العربى والفلسطينى، حيث تتقاطع طموحات الاستقلال مع التحديات الدولية والتغيرات السكانية الكبرى.

رؤية آن مارى جاسر الإخراجية

المخرجة آن مارى جاسر، المعروفة بمعالجاتها الواقعية ورؤيتها الإنسانية للقضايا السياسية، مزجت فى "فلسطين 36" بين البعد الوثائقى والدراما التاريخية، مقدمة صورة سينمائية تنبض بالتفاصيل الدقيقة: من ديكورات البيوت الفلسطينية القديمة إلى الأزقة الضيقة فى القدس، ومن ملابس الفلاحين البسيطة إلى مكاتب المسؤولين البريطانيين.

استعانت جاسر بمصور الأفلام هيلين لوفارت لإضفاء طابع بصرى يوازن بين دفء الحياة اليومية وقسوة الصراع. أما المونتاج فقد تولته تانيا ريدين، بينما أشرف على تصميم الديكور نائل كنج المعروف بقدرته على إعادة بناء البيئات التاريخية بواقعية شديدة.

موسيقى الفيلم وضعها بن فروست لتضفى بعداً وجدانياً يواكب توتر الأحداث وانفعالات الشخصيات.

طاقم تمثيل دولى متنوع

يضم العمل نخبة من النجوم العرب والأجانب؛ أبرزهم الممثل البريطاني الحائز على الأوسكار جيرمى آيرونز، والفنانة الفلسطينية هيام عباس، والممثل المخضرم كامل الباشا، إلى جانب صالح بكرى، وياسمين المصرى، وجلال الطويل.

كما يشارك ظافر العابدين فى دور محورى يسلط الضوء على البعد الإنسانى للشخصيات بعيداً عن التسييس المباشر. يشكل حضور وجوه جديدة مثل ورد حلو، ورد عيلبوني، يافا بكري، وكريم داوود عناية إضافة شبابية تعكس اهتمام الإنتاج بتجديد الدماء ومنح فرصة لجيل شاب.

إنتاج مشترك يعبر الحدود

الفيلم إنتاج دولي مشترك بين فلسطين وبريطانيا وفرنسا والدنمارك وقطر والسعودية والأردن، ما يعكس حجم الثقة الدولية في المشروع الفنى ودوره في إعادة تقديم السردية الفلسطينية للعالم.

شركة MAD Distribution تتولى مهام التوزيع فى العالم العربى، مع خطط لطرح الفيلم بدور العرض الأوروبية والأمريكية خلال الأشهر المقبلة بعد الانتهاء من جولته فى المهرجانات.

هذا الزخم يفتح الباب لمناقشات أوسع حول كيفية دعم الإنتاجات العربية الهادفة للوصول إلى جماهير أوسع.

لمشاهدة أبرز الصور من السجادة الحمراء الأولى لفيلم فلسطين 36، استمتعوا بمطالعة الألبوم أعلاه..