قصة نبي الله إسماعيل

  • تاريخ النشر: السبت، 10 يونيو 2023 آخر تحديث: الأربعاء، 28 يونيو 2023
قصة نبي الله إسماعيل

جمع الله لسيدنا إسماعيل عليه السلام بين الرسالة والنبوة، وشرفه أعظم تشريف حين جاء من نسله خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. تعرفوا معنا إلى قصة نبي الله إسماعيل عليه السلام.

مولد إسماعيل عليه السلام من هاجر

سأل نبي الله إبراهيم عليه السلام ربه أن يهب له ذرية طيبة، فبشره الله تعالى بذلك. وقد أقام إبراهيم عليه السلام ببيت المقدس 20 عاماً كانت زوجته سارة عاقراً وقد جاءها الكبر، فقالت لإبراهيم: إن الله قد حرمني الولد، فادخل على أمتي هذه، فقد وهبتها لك لعل الله يرزقني منها ولداً. فتزوج سيدنا إبراهيم عليه السلام هاجر وحملت منه وولدت له إسماعيل عليه السلام.

ويقال بأنه عندما حملت هاجر بنبي الله إسماعيل، غارت منها سيدتها سارة فشكت ذلك إلى زوجها إبراهيم، وطلبت منه أن تهاجر هاجر مع ابنه ندما تلده إلى مكان بعيد. ولما ولد إسماعيل ولإبراهيم من العمر 86 سنة، أوحى الله إلى إبراهيم يبشره بإسحاق من زوجته سارة، فخرَّ الله ساجداً شاكراً.

هجرة إسماعيل عليه السلام مع أمه

عندما ولدت هاجر سيدنا إسماعيل عليه السلام، اشتدت غيرة سارة منها، وطلبت من زوجها بأن يغيب وجهها عنها، فذهب بهاجر ووليدها وسار بهما حتى وضعهما بأرض جرداء حيث مكة اليوم. فلما تركهما وولى ظهره قامت إليه هاجر وأمسكت بثيابه، وقالت له: يا إبَراهيم إلى مَن تتركنا؟ قال: إلى اللَّهِ، قالتْ: رَضِيتُ باللَّهِ، فَرجعتْ فجعلتْ تشربُ مِنَ الشنةِ ويَدِرُّ لَبَنهَا علَى صبيهَا. فانطلق إبراهيم صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان عند الثَّنِيَّة حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدَّعَوَات، فرفع يديه فقال: "رَّبَّنَآ إِنِّىٓ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجْعَلْ أَفْـِٔدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىٓ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"

وظلت هاجر ترضع ابنها وتشرب من الماء الذي كان معها، حتى إذا نفد ما في السِّقَاء عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، وكرهت ان تنظر إليه على هذه الحال. فوجدت الصفا أقرب جبل إليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً. فَهَبَطَتْ من الصفا حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طَرَفَ دِرْعِهَا، ثم سعَت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها، فنظرت هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات.

فلما أشرفت على المروة بعد 7 أشواط سمعت صوتاً، فقالت: صَهْ تقول لنفسها ثم سمعت صوتاً، فقالت له: أغث إن كان عندك خير، فإذا هو جبريل عليه السلام واقف على موضع ماء زمزم حالياً، فبحث بجناحه حتى ظهر الماء، وجعلت تحوضه خوفاً من ذهابه وتَغْرِفُ من الماء في سِقائها، وتشرب منه ويدر لبنها على طفلها.

فمر ناس من جُرْهُم مقبلين من طريق كَدَاءَ، فنزلوا في أسفل مكة؛ فرأوا طائراً يحوم في المكان. فقالوا: إنّ هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء. فأرسلوا أحداً فنظر فإذا هم بالماء، فأتاهم وأخبرهم. فأتوا إلَيْهَا فَقالوا: يا أم إسماعيل، أَتأذنينَ لَنَا أَن نكونَ معك، أَوْ نسكن معكِ، فبلغ ابنها فنكح فيهم امرأَة فيما بعد.

قصة ذبح إسماعيل عليه السلام

وامتُحن إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل، فما كان من إبراهيم وإسماعيل إلا الانصياع لأمر الله، فجزاهم الله بأجر الدنيا والآخرة، فلما كبر إسماعيل، كان المعين لأبيه إبراهيم في بناء الكعبة المشرفة بوادي مكة. فقد كان إبراهيم عليه السلام يزور ابنه إسماعيل في العام مرةً أو مرتين، فرأى في إحدى زياراته أنه يرى رُؤيا يذبح فيها ابنه إسماعيل، ولأن رؤيا الأنبياء تُعتبر وحياً، أخبر إبراهيم ابنه بذلك، فما كان من إسماعيل إلا التسليم لأمر الله، وقال افعل ما تؤمر يا أبتِ، فلما وضع إبراهيم إسماعيل على الأرض، وبدأ بذبحه، لم تقطع السكين شيئاً من رقبة إسماعيل، وهذه معجزة من الله، فجاء النداء لإبراهيم أن صدَّقت الرؤيا، وفدى الله إسماعيل عليه السلام بكبشٍ عظيم، أنزله الله مع جبريل جزاءً لتسليم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لأمر الله {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات:107]

بناء بيت الله الحرام

 وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يستفسر عنه، فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا أي خرج يصيد لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشر، نحن في ضيق وشدة، وشكت إليه، قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له يغير عَتَبَةَ بابه. فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني: كيف عيشنا، فأخبرته أننا في جَهْد وشدة. قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غيِّر عَتَبَةَ بابك، قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك، الْحَقِي بأهلك. فطلقها وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسأل عنه. قالت: خرج يبتغي لنا قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخير وسَعَة، وأثنت على الله. فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء.

ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يَبْرِي نَبْلًا له تحت دَوْحَةٍ قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه. فَقالَ: يا إسماعيل، إنَّ ربك أَمرني أَنْ أَبني له بيتاً، قالَ: أَطعْ ربكَ، قالَ: إنه قدْ أَمرنِي أَنْ تُعينَنِي عليه، قالَ: إذن أَفعل. وقام إبراهيم يبني بيت الله الحرام وابنه إسماعيل يناوله الحجارة، وظلا يرددان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} وحين عاد كان سيدنا إبراهيم قد وضع الحجر الأسود في مكانه فقال له إسماعيل عليه السلام من الذي أحضره إليك؟ قال أحضره جبريل عليه السلام. [1]

العبر المستفادة من قصة نبي الله إسماعيل

وفي قصة نبي الله إسماعيل عليه السلام، نستخلص الكثير من العبر المستفادة، وهي:

  • صدق التوكل على الله وتنفيذ أوامره بدون أي جدال أو تهرب، وذلك من خلال هجرة هاجر مع ابنها، وذبح إبراهيم ابنه.
  • البر الشديد من النبي إسماعيل تجاه أبيه رغم أنه لم يكن يعيش معه، ولم يزره إلا مرتين في حياته.
  • ربط صلاح الزوجة بصلاح البيت عندما أمر إبراهيم ابنه بأن يغير عتبة بابه أي زوجته التي كانت كثيرة الشكوى. فإحسان اختيار الزوجة هو وسيلة من وسائل التي تُعين الرجل في أمر الآخرة والدنيا.
  • المحن تعقبها المنح، إذ لَما انقَضَت محنة البلاء المبين وهي ذبح إسماعيل، وتجلَّت عن تَمام الطاعة، كافأ الله تعالى سيِّدنا إبراهيم عليه السلام بأن بشَّره بسيِّدنا إسحاق عليه السلام نبيّاً صالحاً وبارك له في المال والبنين.
  • الولد الصالح من أعظم النعم التي يمنُّ الله تعالى على عبده بأن يرزقه الولد الصالح يُعينه في أمور الدنيا والآخرة.
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار