ما هو الفضول؟ وكيف نتعامل مع الأشخاص الفضوليين؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: السبت، 21 أغسطس 2021
ما هو الفضول؟ وكيف نتعامل مع الأشخاص الفضوليين؟

لا بد أنَّنا جميعاً نعاني من الأشخاص الفضوليين، حتى الفضوليون أنفسهم يشتكون من فضوليين آخرين! كما أنَّنا غالباً ما نفقد الأمل بالتخلص من الشخص الفضولي دون إحراجه أو جرح مشاعره، وغالباً ما تكون النتيجة انفجارٌ عظيم بعد صبرٍ طويل قد يبدو غير مبرر لمن لا يعلم أي معاناة نعيشها مع الفضولي، سنحاول أن نجد أسلوباً مميزاً للتعامل مع الأشخاص الفضوليين وكبح فضولهم، أو على الأقل الحفاظ على خصوصيتنا في وجه فضولهم المستمر!.

 

من هم الفضوليون، وما هي أنواعهم

هناك عدَّة أنواعٍ للفضوليين، منهم من يكون فضولياً مع الجميع وفي كل الظروف، ومنهم من يشكل الفضول جزءاً من عمله، ولا بد قبل كلِّ شيء أن نميز بين نوعين من الفضول، الفضول الأول هو ما نراه عند الأطفال الصغار من كثرة الأسئلة والرغبة بمعرفة أسرار الأمور وخفاياها، وهذا فضولٌ حميد يجب أن نقوم بإشباعه عن طريق الإجابات الصحيحة الشافية، كما يجب أن نحذر الأطفال من الخوض في الأمور الشخصية للآخرين، فإذا سألك طفلك عن سبب المشاجرة بين جاركم وزوجته من الأصح أن تعزز لديه احترام خصوصيات الآخرين لا أن تخبره بتفاصيل المشكلة!

أمَّا الفضول الثاني هو فضول الكبار ورغبتهم بمعرفة أسرار حياة الأشخاص المحيطين بهم بأدقِّ تفاصيلها، والتدخل في أمور حياتهم أحيانا، وهم أيضاً أنواع.

 

الفضول العلمي هو سبب ما نراه اليوم من إنجازات علمية

الفضول (Curiosity) هي الرغبة الكبيرة في معرفة كلِّ شيء، حيث تصبح هذه الرغبة محركة للسلوك لدى بعض الأفراد ما يجعلنا نقول أنَّهم فضوليون (Curious or Nosy)، والفضول طبيعة ثابتة في الإنسان حيث نرغب جميعنا بمعرفة ما يدور حولنا أو معرفة معلومات عن أشخاص محددين، لكن مع ذلك لا تصل الأمور إلى مرحلة أن يصبح الفضول هو العنصر الذي يتحكم بالتصرفات إلَّا عند الأشخاص الفضوليين.

وسنجد في اللغة إشارات لأنواع مخصصة من الفضول، كقولنا فضول الصحفيين والذي يعتبر جزءاً من عملهم لا يمكن الاستغناء عنه وقد يفقدون الرغبة تماماً بالتعرف على أي معلومات أو أمور لا تخدم عملهم، كذلك فضول العلماء الذي يجعلهم يسألون أسئلة تبدو مجنونة لكن عالمنا الحديث كله مبنيٌّ على الأسئلة المجنونة تلك، أمَّا الفضول المزعج فهو ما لا يمكن تسميته إلَّا (فضول الفضوليين)!.

 

أنواع الفضوليين وأهدافهم

تشتري منزلاً جديداً فيزورك الجيران الجدد، ستشعر أنَّهم أتوا للتحقيق معك وليس للتعرف عليك، حيث ستبدأ سلسلة طويلة من الأسئلة التي تتدرج بمدى خصوصيتها، وسيسألون عن كل تفصيل صغير من تفاصيل حياتك ضاربين بعرض الحائط كلَّ ما يتعلق برسمية اللقاء الأول، لكن لماذا كلُّ هذه الأسئلة؟! لنجيب عن هذا السؤال سنتعرف على أنواع الفضوليين وأهدافهم من كثرة السؤال.

1- الفضولي بالفطرة

وهذا النوع لا يمتلك محفزات موضوعية تجعله يرغب بالمعرفة بقدر ما تعود هذه الرغبة إلى بناء شخصيته، كما أنَّه غالباً لا يتأثر بالمواقف المحرجة التي تنتج عن فضوله ولا يرتدع لدى رفض الإجابة عن أسئلته أو صدِّه، لكن الجيد في الأمر أنَّه لن يقوم باستخدام هذه المعلومات التي سيعرفها أو على الأقل لن يكون راغباً بذلك!.

2- الفضولي الخائف

نتحدث هنا عن الأشخاص الحذرين، الذين ربما يعتقدون دائماً أنَّهم معرضون للخطر فتراهم يسألون أسئلة كثيرة من اللقاء الأول، غالباً ما تكون خاصةً جداً، وغالباً ما يختفي حسُّ الفضول لديهم إذا استمرت العلاقة معهم فترة كافية لاكتساب ثقتهم، لأنَّ التوتر الذي يجعلهم فضوليين سيختفي تدريجياً مع الشعور بالأمان تجاه الشخص الجديد.

لنكن أكثر تحديداً، في اليوم الأول من العمل يأتي أحد الموظفين ويطرح مجموعة من الأسئلة المزعجة، التي قد تبدو فضولية عادية لكنَّها في الحقيقة تنبع من رغبته بمعرفة مدى تأثيرك على عمله، هذه الأسئلة مثلاً:

  • من أي مدينة أنت؟ وهو هنا يرغب بمعرفة إن كنت من نفس المدينة أو القرية التي ينتمي إليها المدير أو أحد الموظفين الآخرين الذين يشكلون خطراً على استقراره الوظيفي أو حتى إن كنت من أبناء مدينته.
  • كيف تم توظيفك؟ السؤال الحقيقي (هل هناك علاقة شخصية أو وساطة بينك وبين أصحاب العمل قد تجعل منك موظفاً مميزاً؟).
  • أين كنت تعمل قبل الآن؟ والسؤال الحقيقي هل تمتلك خبرة أكثر مني؟.

أسئلة كثيرة يمكن إدراجها في هذا الباب، ربما تكون أسئلة عادية إذا تم توزيعها على أيام عدَّة أو تم طرحها بشكل مختلف لا يشبه التحقيق!.

3- فضول الثرثارين

وهذا أكثر أنواع الفضول إزعاجاً لنا، حيث يرغب الثرثارون بمعرفة قصة كلِّ شيء ليتمكنوا من إيجاد مواضيع للحديث، فإذا سمعتْ جارتكم صوتاً قوياً من المطبخ ستحاول فوراً أن تعرف إن كان هذا الصوت قد صدر عن سقوط الأواني أم عن معركة زوجية، هي لا تهتم حقيقة بسبب الصوت نفسه، بل تحضر السيناريو لجلسة صباحية ستكون مملة جداً إن لم يكن هناك ما يتم الحديث عنه، كما أنَّ الأسرار والخصوصيات ممتعة أكثر من الفلسفة والأدب في جلسات الثرثرة عند الذكور والإناث على حدٍّ سواء.

4- فضولي البينج بونج

هذا الفضولي مظلومٌ غالباً، لأنَّه يعبِّر عن رغبته بطريقة خاطئة، فهو على أرض الواقع يريد أن يتحدث عن نفسه وأن يخبركم عن بعض تفاصيل حياته الشخصية، لكنه في نفس الوقت يحاول استثارة السؤال لديكم، فيسأل "منذ متى تعمل في مجال الكتابة؟" وغالباً لا يسمع الجواب لأنَّه ينتظر أن تكرر عليه السؤال نفسه، فهو يحاول أن يرمي الكرة على طاولة البينج بونج طمعاً بافتتاح محادثة متبادلة يسرد من خلالها مواصفاته وإنجازاته الشخصية.

وقد يكون الأمر معكوساً تماماً... حيث يطرح الفضولي معلومات عن نفسه فيما يقصد منها أن تبادر إلى الإجابة عن سؤال ضمني لم يطرحه، فهو يقول دون مناسبة "أنا أعمل في الكتابة منذ خمس سنوات"، وينتظر أن تقول له "أنا بدأت قبلك بعامين".

5- فضول الصحفيين

جميع أنواع الفضول السابقة قد لا تكون سيئة كثيراً ويمكن التصالح معها، لكن فضول الصحفيين هو ما لا يمكن التغاضي عنه أو تقبله، فالرغبة بالمعرفة هنا رغبة هادفة وإرادية، حيث يحاول الأشخاص الذين يتسمون بهذا النوع من الفضول صناعة فضيحة من خلال اكتشاف سرٍّ يحاول صاحبه إخفاءه، كما يبذلون مجهوداً جباراً للوصول إلى تفاصيل تشكل علامة مميزة في القصة.

ونحن لا نتحدث عن الصحفي كمهنة بل كسلوك، فربما يكون زميل العمل من الفضوليين الصحفيين، فيحاول أن يعرف ما الذي تخفيه عن مديرك ويمكن أن يؤدي إلى طردك، فلن تجد هذا النوع مهتماً بتفاصيل حياتك العادية بل يبحث عن ما هو سري وربما عن أمور لا أحد يعرفها غيرك، مثل رصيدك البنكي أو زواجك السري أو حتى بعض العادات التي تمارسها سرّاً.

 

لن تتمكن دائماً من أن تكون قاسياً وفجاً مع الفضوليين!

أن تكون قاسياً وفجاً في كبح الفضوليين هي الطريقة الأسهل والأسرع، لكنها ليست الطريقة المثالية في إدارة علاقاتك مع الناس، كما أنَّها غير متاحة في كل الأحوال، فإذا كان الفضولي مديرك في العمل لن تستطيع أن تنهاه بقسوة، كذلك إذا كانت الفضولية والدة زوجكِ! لذلك ستكون القسوة هي الكيُّ كما يقال (آخر المداواة الكي)، وقبل أن نصل إلى هذه المرحلة لا بد أن نجرب بعض الأمور:

الطريقة اللطيفة بتجنب الفضوليين

  1. إذا كانت الظروف تسمح يمكن أن تعتذر عن الإجابة بلطف عن الأسئلة التي تعتبرها تتعدى حدود الخصوصية، يمكن أن تقول "أعتذر منك لكني لا أحب التحدث بهذه الأمور مع أحد".
  2. كما يمكن أن نقدم إجابات مبهمة وغير واضحة إذا لم نتمكن من الاعتذار أو إذا لم يكن الاعتذار مجدياً، فإذا كان السؤال "كم يبلغ راتبك الشهري؟" نستطيع أن نتجنب الأرقام ونجيب أجوبة مبهمة مثل "الحمد لله مستورة"، ونتمسك بهذه الإجابة مع تكرار السؤال، أو ربما نغيرها كأن نقول "يكفي لشراء سمكة كبيرة في داخلها خاتمٌ ذهبي!".
  3. أعد السؤال بذهول، فإذا سألك زميلك مثلاً عن رصيدك البنكي، ارسم علامة التعجب على وجهك وكرر السؤال بذهول "كم أملك في رصيدي البنكي؟!" فقط، وإذا لم تصل الرسالة أخبره بشكل مباشر أن هذا شأن خاص.
  4. يمكنك أيضاً اتباع الأجوبة الدبلوماسية، فإذا واجهت سؤالاً غريباً في الحافلة من شخص لا تعرفه وكان كبيراً في السن فلن ترغب بنهره أو جرح مشاعره، وكان السؤال مثلاً "هل أنت سعيد بزواجك؟" يمكن أن تحوِّل الموضوع إلى حوار عن فلسفة السعادة والزواج "السعادة غاية لا تدرك كما أن السعادة أمر نسبي، هل كنت سعيد بزواجك يا عم؟!".
  5. أحياناً يجب أن تغير الموضوع أو أن تبدو مشغولاً فجأة عند تعرضك لأسئلة لا ترغب بالإجابة عنها.

الطريقة القاسية في تجنب الفضوليين

ضاقت بك السبل ولم تتمكن من تجنب الفضوليين بدبلوماسية، عندها قد ترغب بالصراخ والتهديد وربما تطرده من بيتك إذا كان ضيفاً أو تغير مقعدك في الحافلة، لكن حتى هذه الطريقة يمكن أن تجعلها لطيفة قدر الإمكان:

  1. عندما يطرح عليك السؤال.. أجب بالسؤال التالي مع إبداء انزعاجك "لما تتوقع أنني سأجيبك عن هذا السؤال؟!"
  2. أيضاً يمكنك أن تقول ببساطة "لا أعتقد أن علاقتنا تسمح بطرح هذا النوع من الأسئلة، أليس كذلك؟!"
  3. يمكنك أحياناً أن تستهزئ بالسؤال نفسه، فإذا سألك مثلاً "متى ستتزوج؟" أجبه بسخرية "عندما يخرج جدي من قبره".
  4. ربما ستضطر بعد هذه المحاولات إلى أن تكون أكثر مباشرةً وتقول له: "توقف عن هذه الأسئلة لن أجيبك عن أي منها ولا أريد أن تسألني إياها، ابحث عن شيء مفيد!.
  5. إذا لم تنفع كلُّ الطرق السابقة... تصرف على طريقتك.

ختاماً.... جميعنا يعلم كم هي مزعجة الأسئلة الشخصية، فلا يوجد ما هو مزعج أكثر من سؤالك عن ديانتك أو عن علاقتك بزوجتك وأسرار منزلك، لكن جميعنا يفضل أن يجد حلولاً دبلوماسية لا تجعل منه جلاداً بعد أن كان ضحية لشخصٍ فضولي، شاركونا تجاربكم.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار