أسباب الإدمان على تدخين السجائر

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 13 مارس 2024
أسباب الإدمان على تدخين السجائر

تساهم إعلانات الترويج لماركات السجائر المتنوعة، في زيادة الرغبة بالتدخين، حيث يتم تصميم هذه الإعلانات بطريقة احترافية، للربط بين تدخين السيجارة ومفاهيم أخرى لا علاقة لها بالتدخين، كما يواجه العالم اليوم انتشاراً واسعاً لظاهرة التدخين، خاصة في مرحلة المراهقة والشباب، فما الأسباب التي تدفعنا إلى التدخين؟ ومتى يصبح المدخن مدمناً؟ ذلك ما سنجيب عنه في هذا المقال.

دوافع إشعال السيجارة الأولى

هناك سلسلة معقدة من الدوافع النفسية والاجتماعية التي تجعلنا نشعل السيجارة الأولى، لكن قبل الخوض في هذه العوامل، لا بد من الإشارة إلى عامل رئيسي سبق انتشار التدخين بهذا الشكل الجنوني، وهو الإعلان، إذ اعتمدت شركات إنتاج السجائر وتصنيع التبغ على سياسة إعلانية بالغة الدهاء، تربط بين التدخين ومفاهيم أخرى. [1]

وتعتبر هذه السياسة من أبرز السياسات الإعلانية حتى الآن، لكنَّها كانت الأكثر تأثيراً فيما يخص التبغ، حيث دفعت شركات تصنيع التبغ مبالغ طائلة ليشعل بطل الفيلم سيجارته عندما ينتصر، أو عندما يتخلص من الأشرار. [1]

كما حصلت هذه الشركات على مجموعة من الفتيات الحسناوات للترويج للتدخين بين الذكور، فلا يمكن الاستهانة بأثر هذه السياسات على رغبة الشاب في إشعال سيجارته الأولى، فضلاً عن أشكال علب التبغ، وألوانها البراقة، والتفنن في صناعة القداحات. [1]

وهناك عدد من الدوافع الأخرى التي تجعل من التدخين تجربة مميزة، وتتمثل فيما يأتي: [1]

  • ضغط الأقران

يمثل ضغط الأقران والأصدقاء أبرز حالات الدعوة إلى التدخين، خاصة في مرحلتي المراهقة والطفولة، فالطفل أو المراهق الذي يجرب التدخين، يحاول اجتذاب أشخاصٍ آخرين من أصدقائه إلى دائرته، كي لا يشعر بالعزلة عند ارتكابه فعلاً يعرف أنَّه خاطئ.

من جهة أخرى، يستجيب عادةً غير المدخن لهذا الضغط الذي يشكله أقرانه عليه، كنوعٍ من الرغبة في الاندماج الاجتماعي مع البيئة المحيطة به، ورغبة في تجربة الممنوع.

  • أولاد المدخنين أكثر عرضة للتجربة

يعتبر سلوك التقليد من أبرز الأسباب التي تدفع إلى التدخين، إذ يجب أن يتوقع الأب المدخن أنَّ أولاده سيقلدونه في وقت ما، وسيحصلون على سيجارتهم الأولى في عمر مبكر، ومن علبة سجائره، كما أنه لن تكون حجته مقنعة لهم عندما يطلب منهم الإقلاع عن عادة التدخين التي يمارسها هو بالفعل.

  • كل ممنوع مرغوب

يحيط الأهل أبناءهم المراهقين بالكثير من التحذيرات المتعلقة بتجربة التدخين، إذ يعتبر التدخين من أكثر الأمور التي تشغل بال الأبوين وتفكيرهم حول كيفية منعهم عن ممارسة هذه العادة الضارة.

لكن نادراً ما تكون طريقتهم من خلال توعية الأطفال أو المراهقين بأسباب منع التدخين، بل يكون المنع عبارة عن خط أحمر (تابو) فقط، وقد يلجأون إلى طريقة التوعية بعد أن يكتشفوا أن ابنهم يدخن بالفعل، ويكون ذلك بعد فوات الأوان غالباً.

  • التأثير المخدر للتبغ يساعد على الإدمان

يعتبر التبغ من المخدرات منخفضة التأثير، إذ يذكر المدخنون شعورهم بالاسترخاء وفقدان التوازن مع السيجارة الأولى، لكن سرعان ما تنخفض قدرة السجائر على التخدير، بسبب الأضرار التي تحدثها في خلايا الدماغ.

في حين تبقى السجائر بالنسبة للكثيرين قادرةً على التهدئة، ومساعدةً على الاسترخاء، وهذا ما جعل بعض البالغين يشعلون سيجارتهم الأولى، نتيجة الضغوط اليومية، أو الشعور بالاكتئاب، وقد علموا من محيطهم أن التدخين يساعد على الاسترخاء.

أسباب الإدمان على التدخين

بعد أن تشعل السيجارة الأولى، سيكون الاحتمال ضعيفاً أن تتخلى عنها، على الرغم من رائحتها الكريهة، وطعمها اللاذع، وحالة الاختناق التي تصيبك مع السيجارة الأولى، لكنك سترضخ للتجربة، وستعتقد أن هذه الأعراض متعلقة بك لا بالسيجارة نفسها، فالمحيطون بك يدخنون بلا سعال، ومع التجربة، ستتقبل الرئة الدخان. [2]

وسيتوقف التشنج الذي يصيب المدخن لأول مرة، كما ستتعطل حليمات التذوق تدريجياً، وكذلك مستشعرات الشم، فينسى الرائحة الكريهة، والطعم اللاذع للتبغ، وهنا يبدأ الإدمان على التدخين. [2]

وتنقسم أسباب الإدمان على التدخين إلى ما يأتي: [2]

  • الأسباب الكيميائية للإدمان على التدخين

من بين آلاف المواد السامة التي تطرحها السيجارة، والناتجة عن احتراق التبغ الجاف، يعتبر النيكوتين هو المادة الأساسية التي تسبب الإدمان، حيث يسري النيكوتين في الدم، ويحدث تأثيراً مخدِّراً في الجسم، مما يجعله العنصر الأساسي في الإدمان الكيميائي على التدخين، فيطلب الجسم مادة النيكوتين بشكلٍ مستمر بعد أن يعتاد عليها.

  • الأسباب النفسية للإدمان على التدخين

بعد تجربة التدخين لفترة من الزمن، ستصبح السجائر جزءاً من شخصية الإنسان، وسيرفض التخلي عنه، وينظر إلى أدوات التدخين كجزءٍ من المقتنيات الشخصية، مثل: القداحات، وصحون السجائر (المنفضة)، إضافة إلى العلب المعدنية الخاصة بحفظ السجائر، إذ تعتبر السيجارة الإلكترونية أكثر الحلول الثورية لمكافحة الإدمان النفسي.

وتتمثل الأسباب النفسية للإدمان على التدخين فيما يأتي:

  1. دور ضغط الأقران: يؤثر الضغط الاجتماعي، وضغط الأقران والأصدقاء على قرار إشعال السيجارة الأولى، لكنه يمتد أيضاً ليمنعك من اتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين، حتى وإن جربت الإقلاع عن التدخين، ستجد الأصدقاء يحرضونك لتعود عن قرارك، كما يشعر المقلع عن التدخين بحالة من النبذ الاجتماعي المستتر من محيطه المدخن.
  2. الاستمتاع بالتدخين: بعض الناس يبررون استمرارهم في تدخين السجائر، على الرغم من معرفتهم بالأخطار الصحية والاقتصادية المترتبة على ذلك، فيقولون إنَّهم يستمتعون بالتدخين، نتيجة الشعور بالتركيز والاسترخاء والمتعة التي يولدها الفعل نفسه.
  3. الضغوط النفسية والفقر: تشير دراسة نشرها موقع (Buzz Feed)، إلى أن الفقر والضغط الناتج عن المشكلات الاقتصادية أحد أهم أسباب الإدمان على التدخين، وأنَّ شركات صناعة التبغ غالباً ما تتوجه من خلال سياساتها الإعلانية إلى الناس الأكثر فقراً.
  4. قلة المعرفة أو التشكيك بأضرار التدخين: غالبية المدخنين يعلمون أضرار السجائر، لكنهم لا يعلمون ما يكفي، كما أنهم يشككون بصحة هذه المعلومات، فيما يعتقد البعض أن الإقلاع عن التدخين أمر مستحيل، لذلك لا يفكرون حتى بتجربة ذلك، وبمجرد أن تحاول إقناع المدخن بترك السجائر، سيجد مئات الحجج المنطقية ليبرر استمراره في تدخينها.

لماذا لا تمنع الحكومات إنتاج التبغ والسجائر

على الرغم من تطور المعرفة العلمية بأضرار التدخين، والمحاولات الجادَّة التي تبذلها المنظمات الرسمية وغير الرسمية للتخفيف من ظاهرة الإدمان على السجائر، فإن التدخين ما زال ظاهرة منتشرة في معظم دول العالم. [3]

والأمر الغريب أن المدخنين يقرأون العبارة الإلزامية التي تطبعها شركات تصنيع السجائر على العلبة (التدخين سبب رئيسي لأمراض القلب والشرايين)، أو (التدخين يقتل)، لكن المستهلكين لا يتوقفون عن شراء التبغ! [3]

علماً بأن الهدف من العبارات المكتوبة على علب السجائر هو إخلاء مسؤولية شركات التبغ عن الأضرار التي تصيب المدخنين بالدرجة الأولى، قبل أن تتحول إلى تحذير صحي. [3]

من جهة أخرى؛ إذا كانت الحكومات تمنع بيع المنتجات التي تحتوي على الزرنيخ، أو نسبة مرتفعة من الرصاص السام، أو أي مواد ضارة بالصحة، فلمَ لا تمنع إنتاج واستيراد وبيع السجائر؟ [3]

هذا سؤال خطير في حد ذاته، فغالباً ما يعود ذلك إلى اتساع سوق إنتاج السجائر، ورؤوس الأموال الضخمة التي يتم استثمارها في هذه الصناعة المربحة. [3]

أول مدخن في تاريخ أوروبا

كان أول ظهور للتدخين في أوروبا، بعيداً عن موطنه الأصلي في الأمريكيتين عام 1492، على يد بعثة المستكشف الإسباني كريستوفر كولومبوس، فقد ذكر كولومبوس أن السكان الأصليين لأمريكا أهدوه بعض الأوراق المجففة، التي كانت لها رائحة نفاذة وطعم لاذع، لكن غالبيتهم تخلصوا منها في البحر. [4]

ليكون بذلك أول مدخنٍ أوروبي هو أحد أفراد البعثة الاستكشافية الإسبانية، واسمه رودريجو دي خيريز (Rodrigo de Jerez)، حيث عاد من أمريكا الجنوبية إلى إسبانيا، وأشعل سيجارته في العلن، فخاف الناس من الدخان المتصاعد من أنفه وفمه. [4]

وبعد ذلك، تم اعتقاله وعرضه أمام محاكم التفتيش الكنسية، التي حكمت عليه بالسجن مدة 7 سنوات، لأن الشيطان فقط من يستطيع أن ينفث الدخان من فمه، وعندما خرج من السجن كان التبغ قد انتشر في إسبانيا. [4]

إلا أن أول استثمار تجاري لمحاصيل التبغ كان في أول مستعمرة أمريكية في أمريكا الشمالية في ولاية فرجينيا عام 1612، كما قام جيمس بونشاك (James Bonsack) بصنع أول آلة لتصنيع السجائر عام 1881، والتي أنتجت 10 ملايين سيجارة في العام الأول لتشغيلها. [4]

التدخين ظاهرة حديثة

يشير موقع منظمة أرشيف التبوغ، في دراسة نشرها عن التطور التاريخي للتبغ، إلى أسطورة الهنود الحمر، التي تتحدث عن وجود نبات التبغ لأول مرة، حيث عانت الأرض من الجفاف في العصور القديمة. [4]

وأصيب الناس بالمجاعة، فقامت الروح العظيمة بإرسال امرأة لإنقاذ البشرية، تلمس التراب بيمينها فتنمو البطاطا، وتلمس التراب بيسارها فتنمو الذرة، وعندما انتهت من زراعة العالم جلست لتستريح، فنمى التبغ حينها. [4]

فيما يشير المخطط الزمني الذي نشره موقع (Forest online)، إلى أنَّ زراعة التبوغ تعود إلى 6 آلاف عام قبل الميلاد، وتحديداً في الأمريكيتين، ثمَّ بدأ استخدام هذا النبات بالمضغ والتدخين في الألف الأول قبل الميلاد. [4]

وفي الختام، تلجأ الحكومات والمجتمعات المدنية حول العالم إلى سلسلة من السياسات الرامية للحد من ظاهرة التدخين، خاصة بين الأطفال والمراهقين، من خلال التوعية العلمية بأضرار التدخين، إضافة إلى فرض رقابة مشددة في الدول  المتقدمة على التقنيات الإعلانية التي تتبعها شركات تصنيع السجائر، كذلك فرض ضرائب باهظة على أسعار الدخان، ومنع التدخين في الأماكن العامة، فضلاً عن رفض طلبات التأمين الصحي، أو عدم شمولها لأضرار التدخين.

ونود تذكيرك في النهاية بالاطلاع على أضرار التدخين على صحة الفم، وعلاقة التدخين بالوزن، كما ندعوك للتعرف على تأسيس اليوم العالمي لمكافحة التدخين.

شاهدي أيضاً: أضرار الفيب

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار