في اليوم العالمي للتوحد... حقائق وخرافات ومشاهير ألهمونا

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 08 أبريل 2025
في اليوم العالمي للتوحد... حقائق وخرافات ومشاهير ألهمونا

في كل عام، يحتفي العالم بـ "اليوم العالمي للتوحد" في الثاني من أبريل، مناسبة تهدف إلى رفع الوعي حول اضطراب طيف التوحد وتعزيز الفهم والدعم للمصابين به. في هذا المقال المخصص لكِ كامرأة واعية، نأخذكِ في جولة مختلفة: نفند الخرافات الشائعة، نغوص في الحقائق الطبية، ونتأمل في قصص ملهمة لمشاهير عاشوا ونجحوا رغم اختلافاتهم.

ما هو التوحد؟ تعريف بسيط... وعالم معقّد

اضطراب طيف التوحد (ASD: Autism Spectrum Disorder) هو حالة عصبية نمائية تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة، وتؤثر على كيفية تواصل الفرد مع الآخرين وتفاعله مع العالم من حوله. تظهر علامات التوحد غالباً قبل سن الثالثة، وتشمل صعوبات في التواصل اللفظي وغير اللفظي، وتكرار بعض السلوكيات، والانغماس في اهتمامات محددة.

لكن المفارقة الجميلة؟ أن كلمة "طيف" في التوحد ليست مجرد مصطلح، بل واقع يعكس تنوعاً مدهشاً: فكل شخص مصاب بالتوحد هو حالة فريدة، لها نمطها الخاص في التفكير والشعور والتعبير.

إليك إحصائيات عالمية حديثة عن التوحد (2025):

  • وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يُقدّر أن 1 من كل 100 طفل في العالم يُشخّص باضطراب طيف التوحد.
  • النسبة أعلى بين الذكور: نحو 4 ذكور مقابل كل أنثى مصابة.
  • في بعض الدول المتقدمة، أصبحت نسبة التشخيص تصل إلى 1 من كل 44 طفلاً.
  • يبدأ التشخيص عادة بين عمر 2 و3 سنوات، لكن بعض الحالات لا تُكتشف إلا في سن المراهقة، أو بعد ذلك.

شعار اليوم العالمي للتوحد 2025: تمكين لا تمييز

شعار اليوم العالمي للتوحد 2025 هو: "الاحتواء يبدأ من الفهم... التوحد ليس عائقاً، بل اختلافاً"

هذا الشعار يعبّر عن جوهر الحملة لهذا العام، والتي تركز على ضرورة إشراك المصابين بالتوحد في المجتمع وتمكينهم من خلال التعليم الشامل، وسوق العمل العادل، وتمثيلهم في الإعلام والسياسات العامة.

استخدام اللون الأزرق في الفعاليات نابع من رمزية "الهدوء والدعم"، لكن الهدف الأسمى هو تغيير الذهنيات، لا الألوان فقط.

اليوم العالمي للتوحد

أهم الخرافات عن التوحد... دعينا نكسرها معاً!

في كل عام، وبينما تزداد حملات التوعية، ما تزال هناك خرافات شائعة تسكن الأذهان، وتؤثر سلباً على نظرتنا للأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد. إليكِ أبرز هذه الخرافات، كما أوضحها د. ستيفن براين سولكس، دكتوراه في الطب، ومعها الحقيقة كما يجب أن تُعرف:

الخرافة 1: "التوحد يصيب الأولاد فقط"

رغم أن نسبة الإصابة بين الأولاد أعلى (بمعدل أربعة أضعاف مقارنة بالبنات)، إلا أن الفتيات أيضاً يمكن أن يُصبن بالتوحد، وغالباً ما يتم تشخيصه في سن متأخرة؛ بسبب اختلاف الأعراض الظاهرة لديهن.

الخرافة 2: "كل المصابين بالتوحد لديهم إعاقات ذهنية"

الحقيقة أن التوحد لا يعني بالضرورة وجود إعاقة ذهنية. نعم، هناك نسبة من المصابين يعانون من صعوبات معرفية، لكن كثيرين آخرين لديهم ذكاء عادي أو فوق المتوسط.

الخرافة 3: "الاهتمام الزائد بموضوع معين يعني أن الشخص مصاب بالتوحد"

شخص مهتم بالفلك أو مهووس بالحساب ليس بالضرورة مصاباً بالتوحد. المشكلة في استخدام تعبير "على الطيف" لوصف شخص خجول أو منعزل اجتماعي بشكل عابر، مما يقلل من جدية الاضطراب الحقيقي، ويشوّه الصورة العامة.

الخرافة 4: "فقط الأطفال يصابون بالتوحد"

التوحد لا يختفي مع البلوغ. هو اضطراب يستمر مدى الحياة، ولكن تتغير أعراضه واحتياجات الفرد مع التقدّم في العمر. هناك بالغون كثيرون يُشخّصون بالتوحد لأول مرة بعد سنوات من المعاناة في صمت.

الخرافة 5: "لا يوجد علاج للتوحد"

صحيح أنه لا توجد أدوية تشفي التوحد، لكن هذا لا يعني غياب الحلول. هناك برامج تدخل مبكر، وعلاجات سلوكية وتربوية، وتدريب على المهارات الاجتماعية والتواصلية، تُحدث فرقاً حقيقياً في حياة المصابين.

الخرافة 6: "اللقاحات تسبب التوحد"

خرافة خطيرة تم نفيها بشكل قاطع من قِبل جميع الجهات الطبية العالمية. التطعيمات لا تسبب التوحد. المعلومة أُطلقت من دراسة مزيفة سُحبت لاحقاً، ومع ذلك، استمرت الشائعة في الانتشار.

الخرافة 7: "سوء التربية هو السبب"

القول بأن التربية السيئة تسبب التوحد ليس فقط غير صحيح، بل هو مؤذٍ وعنيف للأهل. التوحد اضطراب عصبي بيولوجي لا علاقة له بأساليب التربية.

الخرافة 8: "المصاب بالتوحد لا يشعر"

خطأ شائع جداً. المصابون بالتوحد قد يواجهون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم، لكنهم يشعرون بها بعمق قد يفوق الشخص العادي أحياناً، هم فقط يعبرون بطريقة مختلفة.

الخرافة 9: "المصاب بالتوحد عبقري خارق"

بعض المصابين لديهم مهارات خارقة في الموسيقى أو الحساب أو الحفظ، لكن هذا لا ينطبق على الجميع. هناك طيف واسع من القدرات والاحتياجات، ولا يجب أن نتوقع العبقرية من كل مصاب.

مشاهير مصابون بالتوحد... عبقريات صنعت الفارق

غالباً ما نربط التوحد بالعزلة أو بالعجز، لكن الحقيقة مختلفة تماماً. فهناك شخصيات عالمية أثبتت أن التوحد لا يحدّ من القدرات، بل قد يكون مفتاحاً لطريق مختلف نحو الإبداع والتميّز. هؤلاء بعض من الأسماء اللامعة الذين ألهموا الملايين حول العالم:

تمبل غراندين – عالمة الأعصاب والناشطة الشهيرة

تمبل غراندين لم تكن قادرة على الكلام حتى سن الرابعة، ولكنها اليوم واحدة من أشهر علماء السلوك الحيواني ومناصري حقوق المصابين بالتوحد. كتبت العديد من الكتب، وألهمت بفيلمٍ شهير يحمل اسمها. قالت ذات مرة: "أنا لا أعتبر نفسي معاقة، بل مختلفة. العالم بحاجة إلى عقول من جميع الأنواع."

ألبرت أينشتاين – عبقري الفيزياء النظرية

رغم عدم تشخيصه رسمياً، لأنه وُلد قبل اكتشاف التوحد كتشخيص طبي، يعتقد كثير من الباحثين أن أينشتاين كان يُظهر سمات التوحد مثل: التأخر في الكلام، والانغماس في الحساب والفيزياء، وصعوبة التواصل الاجتماعي. عبقريته كانت خارجة عن المألوف، مثله تماماً.

دان أيكرود – ممثل وكاتب أمريكي

النجم الكوميدي الشهير، الذي عُرف في أفلام "Ghostbusters"، تحدث علناً عن تشخيصه بالتوحد (متلازمة أسبرجر)، وعن هوسه بالأشباح والتحقيقات الخارقة. دان قال: "تعلّمت كيف أستخدم خصائصي الفريدة لتقديم أداء لا يشبه أحداً آخر."

غريتا تونبرغ – ناشطة بيئية عالمية

غريتا السويدية الشابة، والتي أصبحت صوتاً عالمياً في قضايا التغير المناخي، شخّصت بمتلازمة أسبرجر. تصف نفسها بأنها "ناشطة بيئية مصابة بالتوحد" وتعتبر حالتها بمثابة "قوة خارقة" تساعدها على التركيز في أهدافها.

موزارت – عبقري الموسيقى الكلاسيكية

رغم أنه عاش في القرن الثامن عشر، يعتقد بعض العلماء أنه كان يُظهر علامات توحد مثل: الحركات المتكررة، والاهتمامات المحدودة، والتفاعل الاجتماعي غير المألوف. موهبته كانت غير عادية، وتُعتبر أعماله من أعظم ما أنتجته البشرية في الموسيقى.

إيلون ماسك

أعلن خلال ظهوره في برنامج "Saturday Night Live" عام 2021 أنه مصاب بطيف التوحد. يُعد ماسك من أكثر الشخصيات تأثيراً وثراءً في العالم، ويمتلك شركات رائدة مثل Tesla وSpaceX وNeuralink وX (تويتر سابقًا).

أنتوني هوبكنز

الحائز على الأوسكار تم تشخيصه بمتلازمة أسبرغر في صغره، وكان يعاني من الانعزال والصعوبات الاجتماعية، لكنه استطاع تحويل هذه التحديات إلى نجاح سينمائي كبير.

المسلسلات التي سلطت الضوء على اضطراب طيف التوحد

في السنوات الأخيرة، بدأت الدراما التلفزيونية تسلط الضوء على اضطراب طيف التوحد بطريقة أكثر دقة وإنسانية، مما ساهم في كسر الصور النمطية وتعزيز التعاطف والفهم. هذه المسلسلات لا تعرض التوحد كعائق، بل تُظهر كيف يمكن أن يكون اختلافاً يحمل في طياته القوة والتميز، ويكشف عن قدرات استثنائية. إليكِ مجموعة مختارة من أبرز هذه الأعمال:

  1. The Good Doctor: يروي قصة طبيب شاب مصاب بالتوحد يعمل في أحد المستشفيات الكبرى، ويبرز التحديات التي يواجهها في بيئة العمل والتواصل مع الآخرين.
  2. Atypical: مسلسل درامي يتناول حياة شاب في سن المراهقة مصاب بالتوحد، ويسلط الضوء على تفاصيل حياته اليومية، والروابط العائلية.
  3. Extraordinary Attorney Woo: مسلسل كوري شهير يروي قصة محامية مصابة بالتوحد، وتعمل في واحدة من أكبر شركات المحاماة في البلاد، ويسلط الضوء على عبقريتها والتحديات الاجتماعية التي تواجهها.
  4. Parenthood: تتناول إحدى الشخصيات الرئيسية في هذا المسلسل تجربة الأسرة في التعامل مع طفل مصاب بالتوحد، بطريقة إنسانية وواقعية.

في الختام، في اليوم العالمي للتوحد، لا يكفي أن نرتدي الأزرق، أو ننشر عبارة توعوية على وسائل التواصل. المطلوب أعمق... المطلوب تفهّمٌ صادقاً واستعداداً للاستماع، وإيمانٌ أن الاختلاف لا يعني الضعف.

ربما في بيتك، أو بين معارفك، هناك من يعيش مع الطيف، دون أن يشعر أنه مرئي أو مفهوم. وربما أنتِ، بقلبكِ الحاني، تستطيعين أن تكوني النور في عزلته.

التوحد ليس نهاية، بل طريق مختلف… وإدراكنا لذلك هو البداية الحقيقية.

مواضيع ذات صلة

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما هو لون يوم التوحد؟
    لون يوم التوحد هو اللون الأزرق، الذي تم اعتماده لأول مرة في حملة Light It Up Blue من قبل منظمة أوتيزم سبيكس عام 2010. يُرمز الأزرق إلى الهدوء والتفهم، ويُستخدم لجذب الانتباه إلى التوحد وإبراز أهمية دعم المصابين به. يظل الأزرق اليوم رمزًا عالميًا للتوعية والاحتفاء بالفرد المصاب بالتوحد.
  2. من أول من اكتشف التوحد؟
    أول من اكتشف التوحد هو الدكتور ليوناردو و. سبلينجر، وهو طبيب أطفال ألماني، الذي قدّم أول تعريف علمي لمرض التوحد في عام 1943. وصف سبلينجر مجموعة من الأطفال الذين يظهرون سلوكيات غير عادية في التواصل الاجتماعي والسلوكي، ومن ثم بدأ العلماء والباحثون في دراسة هذا الاضطراب بشكل أعمق. بعد ذلك، أطلق الطبيب الأمريكي هانز أسبرجر في الخمسينيات من القرن العشرين مفهوم متلازمة أسبرجر، وهو نوع من التوحد.
  3. ما الأشياء التي يحبونها المصابين في التوحد؟
    الأشخاص المصابون بالتوحد يميلون إلى التفاعل مع الأنشطة التكرارية التي تمنحهم شعورًا بالراحة، مثل التمتمة بالكلمات أو الحركات المتكررة. كما يحبون الأشياء الملموسة أو الميكانيكية مثل الألعاب التي تحتوي على أجزاء متحركة، ويشعرون بالراحة في بيئات منظمة تتبع روتينًا ثابتًا. بعضهم أيضًا يستمتع بالموسيقى أو الأصوات المهدئة التي تساعدهم على الاسترخاء.
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار