ما هو ضغط الأقران أو ضغط المجتمع المحيط

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
ما هو ضغط الأقران أو ضغط المجتمع المحيط

في كثير من الأحيان قد تضطر للضحك على نكات ليست مضحكة، أو تذوق طعاماً حار جداً، أو قد تتظاهر بفهم شيء ما لم تفهمه أبداً، أو الموافقة على فكرة أنت ضدها تماماً لمجرد أن الجميع مع هذه الفكرة، أو الامتناع عن فعل شيء تحبه تجنباً لكلام من حولك وتعليقاتهم الساخرة حول ما تفعله.

فبشكل أو بآخر ستؤثر عليك آراؤهم بدراستك وعملك ومكان سكنك وحتى مظهرك الخارجي، في هذا المقال سنتعرف على ضغط الأقران الذي نتعرض له.. ما هو؟ وكيف نواجهه كأفراد وأهالي؟ وهل بالضرورة أن يكون ذو تأثيرات سلبية فقط؟

ما هو ضغط الأقران؟

ضغط الأقران (Peer Pressure) أو الضغط الاجتماعي (Social Pressure)، هو عبارة عن تأثير معين، يتعرض له الناس أو الأفراد من قبل أقرانهم، حيث يتم تحفيزهم وتشجيعهم من أجل اتباع عادات وسلوكيات أو تبني قيم ما أو لاتخاذ قرارات عدة، فتتم هذه العملية على الأفراد بصورة دائمة، لكن عندما يتخذ الأشخاص صفة رسمية يتم التأثير عليهم من قبل الأحزاب أو الفئات الأخرى، كما يتخذ ضغط الأقران في معظم حالاته الناحية السلبية وليس الإيجابية.

من هم الأقران؟

القرين، هو الشخص الذي ينتمي لذات المجموعة الاجتماعية والفئة العمرية والمستوى الاقتصادي والثقافي، الذين تتشارك معهم في الكثير من السمات والاهتمامات والمصالح، وقد تتوافر بينكم بعض الأشياء المشتركة أو جميعها، حيث يميل معظم الأشخاص لقضاء معظم أوقاتهم مع أقرانهم لاسيما الأطفال والمراهقين والشباب.

ولعل مجموعة الأقران تحل في مرحلة من المراحل مكان الأسرة بالنسبة للمراهق من خلال المشاركة في النشاطات الاجتماعية والترفيهية، إضافة لتأثير هذه المجموعات أو الأقران على السلوكيات الاجتماعية، أي تعزيز بعض السلوكيات أو تغييرها، ولاسيما العدوانية منها أو الجنسية.

حيث أظهرت دراسة أجريت عام 2011 أن الأشخاص الذين لديهم مجموعة أقران يميلون للعدوانية حيث ازدادت لديهم مستويات العدوانية أكثر من غيرهم، وذلك من خلال دراسة طويلة الأمد، تم فيها مراقبة مجموعة من المراهقين الأستراليين عددهم 328 لمدة سنة، تمت الدراسة بمشاركة جامعة غريفت (Griffith University) ومعهد كوينزلاند، كما أنه من أكثر السلوكيات التي تنتشر نتيجة لتأثير ضغط الأقران هي: التدخين، شرب الكحول، المخدرات، بعض السلوكيات العدوانية.

لماذا يتأثر الأفراد بأقرانهم ولاسيما الأطفال والمراهقين؟

يعتمد الأطفال التقليد والمحاكاة كأحد أكثر أساليب التعلم التي يتبعونها لاكتشاف الأشياء الجديدة، لذا هم يخضعون لعملية ضغط الأقران أكثر من غيرهم، فيمتد تأثير الأقران من نوعية الطعام إلى الثياب ونوع الموسيقى التي يستمعون لها، وحتى لطريقة تصفيف الشعر. بالنسبة للمراهقين والشباب فهم يقضون أوقات طويلة مع أصدقائهم وأقرانهم؛ بالتالي يزداد تأثير هؤلاء الأقران كلما أصبح الشباب أكثر استقلالية في حياتهم بعيداً عن الأهل.

ولعل فترة الانتقال من المراهقة إلى مرحلة الشباب هي أحد المراحل الهامة والحساسة في حياة أي شخص، حيث يتحول من طفل يعتمد على الآخرين في معظم جوانب حياته ومتطلباته إلى شخص يحاول أن يكون مستقلاً يتخذ قراراته بنفسه، ويعتمد على ذاته لتلبية احتياجاته، إضافة للتغيرات النفسية والجسدية التي ترافق هذه المراحل، وفي محاولة أن يكون الشخص مستقلاً يحاول تجربة العديد من الأمور الجديدة أو الغريبة، لكن قد تتحول التجربة لشيء خطير؛ يؤثر على حياتهم ويحول هذه المرحلة من المتعة والحيوية إلى المشاكل والاكتئاب واليأس.

"من الصعب جداً مقاومة ضغط الأقران لأننا جمعياً نفضل أن نكون مقبولين في مجتمعاتنا"؛ هذا ما قاله الدكتور لورنس شتاينبرغ (Laurence Steinberg) الخبير في المراهقة وأستاذ علم النفس في جامعة تمبل (Temple University) وجامعة كاليفورنيا، في كتابه عصر الفرصة (Age of Opportunity)، الذي يتحدث عن المراهقين وكيفية التعامل معهم.

ضغط الأقران والصحة.. كيف يؤثر الأصدقاء على اختياراتك

غالبا ما تقدم المطاعم وجبات ضخمة، لذا لا تحمّل نفسك ما لا تطيقه ولا تجبرها على إنهاء وجبة بعد شعورك بالشبع؛ لذا يمكنك تناول الوجبة ببطء والتوقف عن الأكل عندما تشعر بالامتلاء، أو مشاركة الوجبة مع شخص آخر إنها عادة صحية واقتصادية أيضاً.

عندما نخرج مع أصدقائنا يكون قرار تناول الطعام موجوداً بيد الوجبات السريعة بلا شك، لذا عليك عدم الإكثار من السكريات والوجبات السريعة، وعندما تتعرض لتعليقات من أصدقائك إن طلبت عصير فواكه في الكافتيريا بدلاً من رقائق البطاطا المقلية، أو حساء الخضار بدلاً من الهامبرغر، كن واثقاً باختياراتك والتزم بها، ولا ترضخ لشعور أنك مختلف عن أقرانك أو لا تشبههم، سيزول هذا الشعور حالما يعتادون عليك.

كيف يمكن للأقران سرقة الأوقات المفيدة منك؟

قد يدعوك الأصدقاء لقضاء عطلة نهاية الأسبوع ومشاهدة الأفلام على التلفزيون أو العاب الفيديو لساعات طويلة، بدلاً من ذلك، يمكنك اقتراح أفكار مختلفة كالذهاب للنادي أو السباحة، أو محاولة اكتشاف أماكن جديدة في المنطقة أو خارجها والاستمتاع بالوقت دون هدره على أشياء غير مفيدة.

مواقع التواصل الاجتماعي عززت هدر الوقت بين الأقران

تعتبر هذه المواقع في عصرنا الحالي أكثر وسائل الاتصال والتواصل استخداماً، لذا يمكنك بدلاً من هدر الوقت في التصفح والدردشة فقط، مشاركة بعض العادات الصحية مع أصدقائك، أو أن تتحداهم في اللياقة وغيرها من الأمور.

إضافة لمشاركة بعض الهوايات والاهتمامات ومتابعتها، وتشجيع الآخرين على ممارسة الهوايات التي يحبونها كرياضة أو فن أو غيرها. إن وجدت بعض الأشخاص يروجون لعادات غير صحية، أو يتهكمون لما تقوم به، عليك التفكير جدياً بإلغاء متابعتهم أو حتى صداقتهم على مواقع التواصل الاجتماعي!

كيف يكون ضغط الأقران إيجابياً؟

مثلما يستطيع الآخرون التأثير علينا وعلى قراراتنا بشكل سلبي، يمكن أن يتخذ هذا التأثير ناحية إيجابية، لاسيما في المنافسة من أجل الدراسة والتحصيل العلمي وممارسة الرياضة، إضافة لاتباع عادات صحية في الحياة، وحماية أنفسنا من التعرض للأذى، أو للمشاركة في أنشطة تطوعية تفيد الآخرين وغير ذلك.

يتحول في هذه الحالة تأثير الأقران إلى تثقيف الأقران؛ أي الإيجابي وليس السلبي، هذا الأسلوب يتبعه الأشخاص الذين ينتمون لمنظمات صحية، من أجل نشر المفاهيم الجيدة وتصحيح أخرى في المجتمع من خلال الشباب للشباب أنفسهم، مثل شبكة تثقيف الأقران الشباب (Youth Peer Education Network) الموجودة في حوالي 50 دولة حول العالم، حيث تتلقى دعماً من صندوق الأمم المتحدة للسكان، وتعمل على قضايا صحية وشبابية من خلال تثقيف الأقران.

كما يلعب الأقران دوراً كبيراً في التطورات الاجتماعية والعاطفية للأطفال والمراهقين خلال مسيرة حياتهم، لذا عندما يكون هذا التأثير سلبياً قد يدفع الأقران والأصدقاء؛ الشخص للتسرب من المدرسة والهروب من الحصص الدراسية والسرقة والغش، إضافة للانخراط بأعمال خطيرة أو عدائية، والتدخين وشرب الكحول والإدمان على المخدرات، وغيرها من الأمور.

كيف نحمي أنفسنا من ضغط الأقران؟

قد يغير موقف ما حياتنا كلها، لذا يشكل ضغط الأقران مشكلة كبيرة بالنسبة للمراهقين والشباب الذين لا يستطيعون مقاومته، لكن دائماً عزيزي القارئ يمكنك التصرف ومنع كل شيء وأي شيء لا يناسبك ويشعرك بعدم الراحة، لذا يمكنك ببساطة اتباع ما يلي:

  1. البقاء بعيداً عن الأشخاص الذين يحاولون إرغامك على القيام بأشياء تبدو خطيرة وغير مريحة، لذلك لا تحزن من مفارقتهم، ستشعر بالراحة وأنت تفعل ما تريد وليس ما يريده الآخرون.
  2. أن تتعلم قول "لا" بشكل واضح وصريح عندما لا تريد أن تفعل شيئاً ما، وأن تتعلم كيف تخرج من الحالات غير الآمنة والخطرة، وتتطلب المساعدة إن لم تستطع فعل شيء.
  3. البقاء مع الأشخاص الذين يقاومون ضغط الأقران من حولهم ويقولون: "لا" لأمور لا يريدون القيام بها.
  4. إن كنت تعاني من ضغط أقرانك ولا تعرف كيف تتعامل مع هذا الوضع عليك طلب استشارة أحد الأشخاص البالغين الذين تثق بهم، كالوالدين أو المعلم أو أحد الأقرباء.
  5. اشغل نفسك بنشاطات دائمة وجديدة، لكي تتعلم أشياء مفيدة وممتعة، تبقيك على تواصل مع أقرانك بطريقة جيدة.

دور الأهل في الحد من تأثير الضغط السلبي الأقران

بالنسبة لدور الأهل في هذا الموضوع فهو مهم جداً، وحاسم أحياناً في تغيير مسيرة حياة أطفالهم، من الضروري بمكان متابعة الأهل للمراهقين، ليس تقييدهم بقدر الاطلاع الدائم على ما يمرون به من تجارب جديدة أو صداقات متعددة، لذا على الأهل اتباع ما يلي:

  • تعليم الأطفال كيف يقاومون الأشخاص الذين يعرضون عليهم القيام بأعمال سيئة وغير آمنة.
  • تشجيع أطفالهم على الحوار والصراحة، والتكلم عن الأمور المزعجة التي يواجهونها ومساعدتهم على حلها.
  • عليك أن تدفع طفلك لأن يثق بنفسه بشكل جيد، لأن الأطفال الواثقين من أنفسهم هم أقل عرضة للخضوع لضغط الأقران من سواهم، حيث يمكنهم رفض الأشياء التي لا يريدون فعلها وبسهولة.
  • عليك معرفة أصدقاء طفلك، لكي تعلم أي نوع من الأشخاص يتعامل معهم كل يوم، وإن كان لديك مخاوف عليك مشاركتها مع أهالي هؤلاء الأطفال.
  • يستطيع الأهل بطرق بسيطة أن يحذروا أبنائهم من الأشياء السيئة، دون أن يقوموا بردود فعل عنيفة تجعل الأطفال والمراهقين يتمسكون بهذه الأ��ياء بقوة ويتابعون فيها، لذا عليكم الحذر وضبط ردود فعلكم أثناء مواجهة ضغط الأقران.

أمثلة وإحصائيات لتأثير ضغط الأقران سلبياً

بالنسبة للتدخين، فقد بين قسم الجراحة العامة في دائرة الصحة بالولايات المتحدة الأمريكية في تقرير أصدرته الدائرة عام 2012، أن 99% من الأشخاص المدخنين بدأوا التدخين تحت سن 26، وأن 88% بدأوا قبل سن 18 كما بين التقرير أن كل يوم هنالك 3800 طفل تحت سن 18 يبدأ سيجارته الأولى عن طريق ضغط الأقران وتأثيرهم، وأن 1000 شخص أصبحوا مدخنين يومياً، ويتجلى قرار التدخين من خلال رغبة المراهق في أن يصبح مقبولاً بين أقرانه، أيضاً من أجل بناء صداقات من الوسط الذي يريد أن يتشبه به، ويحصل على هوية اجتماعية جيدة.

أجري مسح وطني لمكافحة المخدرات على الأسر في أستراليا عام 2007 على أشخاص يبلغون من العمر 14 سنة وأكبر من ناحية تناول الكحول أو العقاقير غير المشروعة، جاءت النتيجة كالتالي 19% من الشبان الذين تتراوح أعمارهم من 18 ل 24 يتورطون مرة أسبوعياً في شرب الكحول لدرجة خطيرة، وحوالي 3000 حالة من الشبان بين 15 و24 سنة أصيبوا بالتسمم الكحولي تبعاً لقاعدة بيانات المشفى الوطني في أستراليا.

أجرت منظمة كرة القدم البريطانية (Football Association) (التي تشجع رياضة كرة القدم للفتيات وتسعى لتكون هي الرياضة الأكثر إقبالاً بالنسبة للفتيات) مسحاً عام 2012 على الفتيات اللواتي انتسبن لنوادي كرة القدم البريطانية، تبين فيه أن 25% من الفتيات تركن رياضة كرة القدم نتيجة ضغط أقرانهن وتعليقاتهم المتهكمة، كما وجدت دراسة أخرى لذات المنظمة أن 50% من الفتيات المراهقات يعتقدن بأن رياضة كرة القدم غير مخصصة لهن وبأنها للرجال فقط، كما توصلت الدراسة إلى أن نسبة 80% من الفتيات اللواتي يمارسن كرة قدم لا يشعرن بالثقة تجاه أنفسهن أثناء اللعب على الرغم من تميزهن في اللعبة.

أخيراً.. تعرفنا في هذا المقال على مفهوم ضغط الأقران، وكيف يمكن لمن حولنا التأثير على كل جوانب حياتنا، ونحن بدورنا نمارس هذا التأثير في الآخرين، لكن علينا تجنب النواحي السلبية والخطيرة، ومحاولة منعها، لذا علينا أن نكون واثقين مما نفعله، أن نستمع للآخرين، لكن ليس بالضرورة أن ننفذ كل ما يقال لنا.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار