ولدت في تونس وتعرضت للاعتداء: معلومات قد لا تعرفونها عن كلوديا كاردينالي بعد وفاتها

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 24 سبتمبر 2025 زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
ولدت في تونس وتعرضت للاعتداء: معلومات قد لا تعرفونها عن كلوديا كاردينالي بعد وفاتها

رحلت الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي Claudia Cardinale عن عمر 87 عامًا، تاركة وراءها إرثًا سينمائيًا وإنسانيًا ممتدًا عبر أكثر من ستة عقود. عُرفت بكونها أيقونة من أيقونات السينما الإيطالية والعالمية، واشتهرت بلقب "خطيبة إيطاليا"، وهو اللقب الذي لازمها منذ بداياتها في أواخر الخمسينيات وحتى سنوات نضجها الفني.

نستعرض خلال هذا التقرير تفاصيل عن حياتها التي لم تكن دائمًا مشرقة، بل حملت في طياتها أسرارًا وصعوبات قلما عرفها الجمهور.

كلوديا كاردينالي.. البداية من تونس 

وُلدت كلوديا كاردينالي في 15 أبريل 1938 في منطقة حلق الوادي قرب العاصمة التونسية، لأسرة ذات أصول صقلية. عاشت طفولة مزدوجة الهوية بين الثقافة الإيطالية والبيئة التونسية متعددة اللغات.

برزت لأول مرة في عمر 16 عامًا عندما فازت بلقب "أجمل امرأة إيطالية في تونس"، وهو ما منحها فرصة السفر إلى مهرجان البندقية السينمائي. ورغم محاولات المخرجين والمنتجين إقناعها بدخول عالم التمثيل، رفضت في البداية متمسكة بحلمها في أن تصبح معلمة، قبل أن يقنعها والدها بخوض التجربة.

حادثة شخصية صادمة شكلت مسيرتها

واجهت كاردينالي في شبابها حادثة مأساوية بعدما تعرضت لاعتداء جعلها حاملاً وهي في التاسعة عشرة من عمرها. تمسكت بقرارها الاحتفاظ بطفلها، غير أن المجتمع حينها لم يكن مستعداً لقبول مثل هذه القصة. ولتفادي الفضيحة، رافقها المنتج الإيطالي فرانكو كريستالدي، الذي تبناها فنياً وشخصياً، واقترح أن يُعرَّف ابنها "باتريك" على أنه شقيقها الأصغر.

استمر هذا الغموض لسنوات طويلة قبل أن تُعلن لاحقًا حقيقة الأمر. تزوجت كريستالدي رسميًا عام 1966 قبل أن ينفصلا في منتصف السبعينيات.

انطلاقة كلوديا كاردينالي نحو العالمية

دخلت كلوديا كاردينالي عالم السينما بأدوار صغيرة في أواخر الخمسينيات، ثم صعد نجمها سريعًا في الستينيات مع أفلام مثل "فتاة مع حقيبة" و"اللصوص".

غير أن محطتها الأبرز جاءت عام 1963 حين شاركت في فيلم "ثمانية ونصف" لفيديريكو فليني، وأدت بطولة فيلم "الفهد" للوشينو فيسكونتي. مثلت هذه الأعمال نقلة نوعية جعلتها وجهًا عالميًا للسينما الإيطالية. وسرعان ما خطفت أنظار هوليوود، فشاركت في أفلام بارزة مثل "النمر الوردي" و"ذات مرة في الغرب" مع هنري فوندا وتشارلز برونسون.

خطيبة إيطاليا.. اللقب الذي لاحقها

حصلت كاردينالي على لقب "خطيبة إيطاليا" أو "فتاة أحلام إيطاليا" في بداية الستينيات، وهو تعبير يعكس صورتها لدى الجمهور باعتبارها رمزًا للجمال والبراءة والأنوثة.

ساعدت الأدوار التي جسّدت فيها شخصيات شابة متفائلة على ترسيخ هذا الانطباع، بينما عملت صناعة السينما على تسويقها باعتبارها الوجه المشرق لإيطاليا ما بعد الحرب، وعلى الرغم من هذا التوجه العام، حرصت النجمة على الاحتفاظ بجزء كبير من حياتها بعيدًا عن الأضواء، مما منحها هالة من الغموض زادت من جاذبيتها.

شكّلت خلفيتها التونسية الصقلية إضافة لافتة لمسيرتها، إذ كانت تتقن العربية والفرنسية والإيطالية. ومع ذلك، واجهت في بداياتها انتقادًا بسبب لكنتها، حتى أن صوتها كان يُدبلج في بعض الأفلام الإيطالية الأولى. لكنها مع مرور الوقت فرضت شخصيتها، وأصبحت رمزًا عالميًا يتجاوز الحدود الجغرافية، جامعًا بين الثقافة المتوسطية والهوية الأوروبية.

كلوديا كاردينالي

بعد انفصالها عن كريستالدي، ارتبطت بالمخرج باسكوال سكويتيري، الذي وصفته بأنه "حب حياتها". استمر ارتباطهما لعقود طويلة وأنجبت منه ابنتها كلوديا، وظلا معًا حتى وفاته عام 2017.

وخلال هذه السنوات واصلت كاردينالي عملها بلا توقف، متنقلة بين السينما الأوروبية والأمريكية، ومنخرطة أيضًا في قضايا إنسانية، حيث عينتها منظمة اليونسكو سفيرة للنوايا الحسنة عام 2000 تقديرًا لجهودها في الدفاع عن حقوق المرأة.

أيقونة السينما الإيطالية

كرّمت كلوديا كاردينالي في العديد من المهرجانات الدولية، منها جائزة الإنجاز مدى الحياة في مهرجان برلين السينمائي عام 2002. وصفت نفسها في إحدى مقابلاتها بأنها "عاشت أكثر من 150 حياة"، في إشارة إلى تنوّع الشخصيات التي جسّدتها على الشاشة، من القدّيسة إلى الفاتنة، ومن المرأة الشعبية إلى النبيلة.

استمرت في التمثيل حتى سنواتها الأخيرة، حيث شاركت في مسلسل سويسري عام 2020، لتظل حاضرة فنيًا رغم تقدمها في العمر.

توفيت كلوديا كاردينالي يوم 23 سبتمبر 2025 في منزلها بمدينة نيمور الفرنسية وسط أسرتها. نعاها الوسط الفني في إيطاليا والعالم، حيث وصفها وزير الثقافة الإيطالي بأنها "واحدة من أعظم الممثلات الإيطاليات على الإطلاق" واعتبرها التجسيد الأمثل لـ"الجاذبية الإيطالية".

برحيلها، أسدل الستار على فصل كامل من تاريخ السينما الأوروبية، غير أن إرثها سيظل حيًا في ذاكرة عشاق الفن السابع.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار