العناية بصحة الفم والأسنان خلال الحمل

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: منذ 6 أيام
العناية بصحة الفم والأسنان خلال الحمل

تعاني كثيرات من مشكلات في أسنانهن خلال فترة الحمل، فهل ترتبط الصحة الفموية بالحمل؟ ولماذا تظهر الكثير من المشكلات الفموية خلال فترة الحمل؟ وكيف يمكن علاج هذه المشكلات وتجنب حدوثها؟ هذا ما سنتعرف عليه معنا في هذا المقال، فتابعي القراءة.

معلومات خاطئة عن تأثير الحمل على الأسنان

قد تكونين سمعتِ ما يأتي كثيراً: "عندما تحملين يبدأ الجنين بسحب الكلس من أسنانك، كي يكوّن عظامه الخاصة، لذلك قد تُصاب أسنانك بالنخر أو تضعف"، أو عبارات مثل: "لا تستطيعين معالجة أسنانك خلال فترة الحمل، لأن ذلك قد يضر بالجنين أو يسبب الإجهاض!". [1]

لا يمكن سحب الكالسيوم من الأسنان بسبب الحمل

لحسن الحظ، هذا كلام غير صحيح ودقيق تماماً، فالدراسات الحديثة أثبتت أن هذه المعلومة صحيحة بالنسبة لعظام الجسم كلها أينما كانت، فعندما يحتاج الجسم لكميات إضافية من الكالسيوم مع نقص مدخوله من الغذاء، قد يحل نسباً ضئيلة من كالسيوم العظام ويطرحها في الدم لضمان استمرار وظائفه. [1]

هذه العملية تعمل في الاتجاهين، أي قابلة للانعكاس تماماً، وبذلك يمكن نقل كالسيوم العظم إلى الدم في حال نقص تركيزه في الدم، ويمكن إعادة سحبه من الدم وترسيبه في العظم من جديد إن كان هناك فائض منه في الدم. [1]

ولكن هذا الأمر ليس دقيقاً بأي حال من الأحوال عند الحديث عن الأسنان؛ نعم، صحيح أن تركيب الأسنان مشابه إلى حد كبير لتركيب العظم، لكن الأسنان -البازغة منها تحديداً- هي حتماً كاملة التكلس، إذا افترضنا عدم إصابتها بأي أمراض. [1]

ولا يمكن في حال سحب الكالسيوم منها من جديد عن طريق الدم أو ما يعرف باسم الطريق الخلطي الداخلي، والطريق الوحيد لحل الكالسيوم الموجود في الأسنان؛ يكون بوجود الأسنان في وسط عالي الحموضة، وانحلال كالسيوم الأسنان في حال حدث ذلك يكون بانتشارها إلى الوسط الخارجي الحفرة الفموية واللعاب في حالتنا هذه، وليس داخل الجسم. [1]

تُمنع زيارة طبيب الأسنان خلال الحمل

من ناحية أخرى، قد يكون من المستحب طبعاً زيارة الطبيب قبل الحمل للقيام بكل المعالجات اللازمة، لأن ذلك سيكون أسهل وأكثر أماناً، لكن هل هذا يعني أنه لا يمكن إجراء المعالجات السنيّة خلال فترة الحمل؟ [1]

بالطبع يمكنك ذلك حيث تمتد فترة الحمل عادة إلى نحو 9 أشهر، وهي فترة كافية لحدوث إصابات نخرية أو لثوية جديدة وقد تكون مؤلمة أو مزعجة كثيراً، فهل نتركها لما بعد عملية الولادة؟ [1]

قد يكون من الصعب الانتظار إلى ما بعد الولادة، خصوصاً إن كانت آلام الأسنان أو اللثة شديدة، لذلك يمكن إجراء المعالجات السنية بشكل عام وخصوصاً الإسعافية منها، ولكن هناك بعض التعليمات التي يجب على الطبيب الانتباه لها، ومنها ما يأتي: [1]

  • من المهم تأجيل المعالجات غير الإسعافية إلى الثلث المتوسط من الحمل (ابتداء من الشهر الثالث وحتى نهاية السادس).
  • تجنب وصف الأدوية إلا بعد الرجوع إلى الطبيب الأخصائي وأخذ موافقته.
  • لضمان راحة الحامل خلال فترة العلاج، يجب أن تكون الجلسات قصيرة زمنياً، أو أن تستلقي المرأة على جانبها الأيسر، وليس على ظهرها كما هي العادة عند طبيب الأسنان؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى هبوط الضغط الدموي نتيجة ضغط الجنين على الوريد الأجوف السفلي (بالإنجليزية: vena cava inferior) المسؤول عند إعادة نقل الدم من أجزاء الجسم السفلية إلى القلب.
  • تجنب تعريض الحامل إلى تصوير الأشعة (X-ray)، خصوصاً خلال الثلث الأول من الحمل.

وبذلك بعد أن أوضحنا حقيقة هذه المعلومات التي أصبحت ما يشبه العرف في مجتمعاتنا، حول ارتباط الحمل بالصحة الفموية، ما حقيقة العلاقة بينهما؟ وما هي آلية التأثير؟ وكيف يمكن تجنب التأثيرات غير المستحبة على المرأة خلال أشهر حملها؟ [1]

تأثير التغيرات الهرمونية أثناء الحمل على الأسنان

قد نتساءل في البداية عن ماهية الهرمونات (بالإنجليزية: Hormones) أو ما يُعرف باللغة العربية باسم الحاثات، ويمكننا القول إنها أي مادة كيميائية تفرزها غدد (بالإنجليزية: Glands) محددة في الجسم، وتطرح هذه المادة ضمن الأوعية الدموية مباشرة، أي أنها لا تمتلك قناة للتفريغ كالغدد اللعابية مثلاً، ويكون لهذه الهرمونات تأثير محدد ودقيق تبعاً لتركيبها الكيميائي. [2]

ونظراً لوجود الهرمونات في الدم، فإنها تنتقل إلى الجسم بكامله وليس إلى المنطقة المستهدفة فحسب، لذلك يكون لها آثار جانبية غير وظيفتها التي قد تكون غير مرغوبة. [2]

ويعتبر الحمل من أعقد العمليات الفيسيولوجية، إذ إنه تتم منذ لحظة تلقيح البويضة سلسلة من العمليات والتفاعلات التي تؤدي في النهاية إلى نمو الجنين كما يجب، ومن ثم الولادة، حيث تحدث تغيرات كبيرة في الغدد الصماء لدى المرأة الحامل. [2]

كما قد تحدث تغيرات في مصدر الهرمونات، ككونها تفرز من المبيض لتصبح تفرز من المشيمة، ووجود هذه الهرمونات بمعدلاتها الطبيعية، وتزامن إفرازها الدقيق مع كل مرحلة من مراحل الحمل يعتبر من أهم العوامل لاستمرار الحمل ونجاحه. [2]

أهم التغيرات الهرمونية التي تحدث في جسم الحامل

  • عندما يحدث الحمل، ترتفع في البداية معدلات هرمون البروجيستيرون (بالإنجليزية: Progesterone) وهرمون الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen)، مما يؤدي إلى تنبيه الوطاء في المخ (بالإنجليزية: Hypothalamus)، وهو المسؤول عن تنظيم عدة مهام من بينها الدورة الشهرية، وذلك لمنع تمزقات الغشاء الداخلي لبطانة الرحم.
  • خلال فترة الحمل، يتحول إفراز هرمون الإستروجين من المبيض (بالإنجليزية: Ovary) إلى المشيمة (بالإنجليزية: Placenta)، وترتفع نسبته في اطراد مستمر على مدار الحمل، ويصل إلى أعلى معدل له في جسم المرأة طوال حياتها، بحلول الشهر الأخير من الحمل، ولهذه الزيادة دور كبير في تطوير الرحم والمشيمة، ونمو الجنين، وزيادة حجم الثديين، وتطوير القنوات اللبنية؛ مما يؤدي أيضاً للشعور بالغثيان والقيء لدى المرأة الحامل، الأمر الذي يتسبب في ارتفاع حموضة الفم، وبالتالي حدوث النخور السنية وانتشارها الشديد.
  • يفرز هرمون البروجيسترون من الجسم الأصفر (بالإنجليزية: Corpus luteum) في المبيض خلال الفترة الأولى من الحمل، ثم يتبع ذلك إفرازه بواسطة المشيمة، وللبروجيسترون دور مهم في زيادة حجم الأعضاء الداخلية كالرحم، والكليتين، والمثانة، كما يجعل الأربطة والمفاصل أكثر ارتخاء ومنها الأربطة السنية، أي أن الأسنان ستصبح متقلقلة أكثر؛ مما يؤدي إلى فقدانها في الحالات الشديدة، خصوصاً إذا ترافق ذلك مع سوء العناية بالصحة الفموية. [3]

مشاكل الفم والأسنان المرتبطة بالحمل

قد لا تكون هذه التغيرات الهرمونية السبب الرئيسي الكامن خلف المشاكل السنية أو اللثوية التي تعاني منها المرأة الحامل، لكنها عامل مساعد على ذلك، ويمكننا القول إن تأثير الهرمونات على الجسم عموماً يكون تبعاً لوجود مستقبلات (بالإنجليزية: Receiver) على الخلايا المختلفة، لذلك يكون تأثير الهرمونات ليس مقتصراً على أجزاء معينة من الجسم فحسب، بل يظهر ضمن الفم على شكل أحد أو معظم الأعراض الآتية: [3]

  • انتفاخ واحمرار في اللثة: قد تنزف اللثة عند تنظيف الأسنان؛ بسبب توسع الأوعية الدموية في اللثة، وبالتالي زيادة الدم الجاري فيها نتيجة تأثير الهرمونات، علماً بأن اللثة من أغنى الأنسجة الفموية بالأوعية والشعيرات الدموية.
  • الورم الحملي (Pregnancy tumor): ليس ورماً خبيثاً بالطبع، فهو يظهر على هيئة انتفاخ بحجم حبة الكرز عادةً، ويتوضع على الخط الفاصل بين السن واللثة، وهو شديد النزف لكنه غير مؤلم، وقد يستمر حجمه بالنمو حتى نصف قطر 2.5 سم في بعض الحالات الشديدة، لكن لحسن الحظ، فإنه سيزول بمرور فترة قصيرة بعد الولادة من دون أي تدخل علاجي، أما في حال سبب لكِ إزعاجاً شديداً فيمكن للطبيب إزالته بجراحة بسيطة، ويفضل أن تكون في الثلث المتوسط من الحمل، وفي كل الأحوال استشيري طبيب أسنانك الأخصائي باللثة إذا ما واجهتِ أعراض مشابهة كي يعطيك تشخيصاً دقيقاً.
  • التهابات لثوية قد تصل إلى مستوى شديد: يمكن أن تعاني الحامل من آلام شديدة، ونزف، وتورم، كما أنه في حال ضعف اللثة والأنسجة الأخرى الداعمة للسن، فإن الأسنان تصبح أضعف من ناحية ثباتها، ويزداد تقلقلها، مما قد يؤدي إلى فقدانها!
  • النخور المعممة: بالإضافة للأعراض اللثوية أو حول السنية (بالإنجليزية: Periodontal) التي تسجل لدى المرأة الحامل، خصوصاً خلال الأشهر الثلاثة الأولى، تحدث حالات من نخور الأسنان المعممة (أي عدة أسنان دفعة واحدة)، ويرجع السبب إلى حالات القيء (القلس المعدي) ذي الحموضة العالية كما ذكرنا سابقاً، ومن ناحية أخرى، ترتفع نسبة النخور لدى الحوامل نتيجة قلة العناية بالأسنان، مما يسبب آلاماً شديدة عند تنظيف الأسنان في حال كانت اللثة ملتهبة.

إذاً يمكننا القول إن التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال فترة الحمل ليست سبباً رئيسياً للإصابة بالأمراض السنية أو اللثوية بخلاف المعتقدات السائدة، لكنه عامل مساعد وقوي لحدوث ذلك. [3]

يبقى من المهم أن تتذكر أن حالات التهاب اللثة والنسج الداعمة السنية الأخرى في حالتها المتقدمة والشديدة، قد تكون سبباً رئيسياً للإصابة بأمراض الجهاز القلبي الوعائي وغيرها من الأمراض البكتيرية في حال ترافقت مع عوامل أخرى. [3]

ومن ضمن هذه العوامل: التقدم في العمر، والوزن الزائد، وعادة التدخين، وضعف المناعة، والوراثة، ووجود مشاكل قلبية في الأساس؛ وذلك بسبب قدرة البكتيريا المسببة لأمراض اللثة على العبور من المنطقة المصابة إلى داخل الدوران الدموي وتشكيلها لجلطات دموية. [3]

طرق الوقاية من مشكلات الأسنان خلال الحمل

نستطيع القول إن كل المشاكل السنية أو اللثوية بشكل عام تظهر نتيجة قلة العناية بصحة الفم وعدم تنظيف الأسنان، أو على الأقل يكون ذلك عامل مؤهب عالي الأهمية، لكن عند المرأة الحامل نستطيع التأكيد على بعض النقاط المهمة التي عليها القيام بها: [4]

  • يفضل القيام بجميع المعالجات السنية قبل الحمل، لتسهيل الأمر عليك وعلى طبيبك.
  • في حال كنتِ حاملاً، عليك إعلام طبيب أسنانك للاطلاع على الحالة العامة للأسنان واللثة والقيام بما يلزم.
  • يجب المحافظة على صحة الفم وتنظيفه حتى لو سبب ذلك الألم أو النزف، يمكن الاستعانة بمسكنات موضعية بتراكيز ضئيلة كالبخاخات التي تحتوي على الليدوكايين (بالإنجليزية: Lidocaine) لتخفيف الألم قبل تنظيف الأسنان.
  • من المهم إطلاع الطبيب على كل تطور يطرأ على أسنانك أو لثتك، حتى لو اعتقدتِ أنه بسيط.
  • في حال معاناتك من القيء المتكرر، يفضل أن تنظفي أسنانك أو تغسلي فمك بالماء الدافئ، لتخفيف الحموضة العالية بالفم.
  • قد يكون معجون الأسنان المحتوي على المينثول (بالإنجليزية: Menthol) أي بنكهة النعناع؛ مخففاً جيداً لشعورك بالغثيان بفضل مفعوله المنعش.
  • لستِ الوحيدة التي تعاني من التهاب اللثة أو الورم الحملي الحميد خلال فترة الحمل، لذلك لا تدعي حجمها الكبير ونزفها الشديد يصيبك بالخوف، فأغلب الحوامل قد مررن بتجربة مشابهة، فقط اطلعي طبيبك بكل جديد واتركي له تقدير متطلبات الحالة وعلاجها.
  • التركيز على أهمية التغذية الصحية للمرأة الحامل، الغذاء الذي تتناوله الحامل سيتوزع بينها وبين جنينها وذلك سينعكس إيجاباً على صحتها وصحة جنينها، وينصح عادة بالإكثار من تناول الخضراوات والفواكه الطازجة، واللبن، والجبن، وأنواع المكسرات المختلفة، فجميعها أطعمة صحية ومفيدة لكِ ولجنينك، كما أنها من أقل الأطعمة المحتوية على السكريات، التي تعتبر من أهم أسباب حدوث النخر، دائماً تذكري المقولة الشهيرة: "العناية بأسنان الإنسان تبدأ منذ الحياة الجنينية"، أي أنك مسؤولة عن صحتك وصحة جنينك منذ هذه اللحظة.

أخيراً، يبقى أن نقول إن ثقافتك ووعيك الطبي بالمشكلات الصحية التي قد تواجهك خلال هذه الفترة عامل مهم، لكي تقي نفسكِ منها، أو حتى أحياناً قد يسهل العلاج، لذلك اطلعي دائماً على كل جديد في هذا الخصوص، ولا تترددي في استشارة الطبيب باستمرار عند حدوث أي تطور، فصحتك وصحة جنينك هي أغلى ما تملكين.

شاهدي أيضاً: الحمل الكاذب

شاهدي أيضاً: القهوة والحمل

شاهدي أيضاً: هرمون الحمل

شاهدي أيضاً: أعراض الحمل