وظائف هرمون البروجسترون وتأثيراته

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 24 يناير 2023
وظائف هرمون البروجسترون وتأثيراته

يشكل البروجسترون (بالإنجليزية: Progesterone) هرموناً أساسياً من مجموعة البروجيستينات التي تتركب في مبيضَي الأنثى وتفرز بشكل دوريّ في مجرى الدم، وتتركز وظيفة هرمون البروجيسترون بشكل رئيسيّ في زيادة سماكة وثخانة البطانة الرحمية، وتهيئتها لانغراس نتاج الإلقاح إذا صدف وقوعه بعد حدوث الإباضة الأنثوية، ويضاف لهذه المهمة أيضاً تأثيرات أخرى على دورة الإناث الطمثية وأعضاء الجسم الأخرى سنتعرف عليها معاً في هذا المقال.

كيفية حدوث التبويض

يحتوي قشر المبيض عند الإناث على الجريبات التي تعتبر الوحدة الوظيفية الأساسية ضمنه، ويتكفّل بلوغ الفتاة الذي يحدث بين سن 8-14 عاماً من عمرها في عملية نضج ونموّ الجريبات المبيضية البدائيّة (بالإنجليزية: Primordial Follicules) التي بقيت هاجعة طيلة فترة الطفولة.

ويساعد في ذلك بشكل رئيسيّ الهرمون المحرّض لنموّ الجريب (بالإنجليزية: Follicule Stimulating Hormone) أو (FSH) والهرمون اللوتئينيّ (بالإنجليزية: Luteinizing Hormone) أو (LH) اللذين يُفرزان من الغدة النخامية الموجودة في الدماغ.

إذ تزداد تراكيزهما في دم الفتاة بعد عدّة أيام من حدوث الطمث لديها، مما يحرض على نموّ الجريبات البدائيّة التي تتطور معطية جريبات أولية (بالإنجليزية: Primary Follicules).

تتابع هذه بدورها عملية النضج والنموّ إلى أن يُنتقى منها جريبٌ واحدٌ يتابع تطوراته بشكل مستقل دون غيره الذي يصبح خاملاً، ليعطي في نهاية المطاف جريب دوغراف الناضج الذي يتمزق في اليوم 14 عادةً من بدء الدورة الطمثية عند الإناث.

محرّراً بذلك الخلية البيضيّة الثانويّة (حدوث الإباضة) التي يتلقفها البوق (مكوّن تشريحي مهم في الجهاز التناسليّ الأنثويّ) ويحركها عبر أهدابه التي تبطّنه وصولاً إلى منطقة الأنبورة (بالإنجليزية: Ampulla).

إذ تنتظر فيها الخلية البيضية وصول نطفة كي يحدث ضمنها الإلقاح، غير أن غياب الحيوانات المنوية ضمن الطرق التناسلية الأنثوية يؤدي إلى تنكس الخلية البيضيّة في أنبورة البوق وتراجعها. [1]

الجسم الأصفر والجسم الأبيض وكيفية إفراز البروجيسترون

يتحوّل الجريب الناضج الذي تمزّق معطياً الخلية البيضية الثانويّة إلى الجسم الأصفر (بالإنجليزية: Corpus Luteum) تحت تأثير الهرمون اللوتئينيّ (LH) الذي يزداد تركيزه بشدة قبيل حدوث الإباضة عند الأنثى.

ويحرض هذا الهرمون بدوره على زيادة أعداد وأحجام الخلايا المتبقية من تمزق الجريب الناضج، لتفرز بالمقابل هرمون البروجيسترون وبشكل أقلّ مركبات استروجينيّة أخرى.

وبعد 12 يوماً من حدوث الإباضة، يأخذ الجسم الأصفر بالتراجع ليشكل الجسم الأبيض (بالإنجليزية: Corpus Albicans) عند غياب الإلقاح وانغراس محصوله في البطانة الرحميّة.

بينما يستمرّ الجسم الأصفر بإفراز البروجسترون خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حدوث الحمل عند الإناث، حيث تحافظ الهرمونات الحمليّة (وعلى رأسها موجهة القند المشيمائيّة) بوظيفة الجسم الأصفر الإفرازيّة ريثما تصبح المشيمة (بالإنجليزية: Placenta) مهيّئة بشكل كافٍ لإفراز هرمون البروجيسترون في بداية الشهر الرابع الحمليّ.

يُذكر أن للبروجيسترون مهمة أساسيّة في الحفاظ على ثبات عملية الانغراس وتعشيش ناتج الإلقاح داخل البطانة الرحميّة، ومع انخفاض تراكيزه في دم الأنثى؛ يختل ثبات المحصول الحمليّ وتتعرض الحامل للتهديد بالإجهاض (بالإنجليزية: Abortion). [1]

تركيب واستقلاب البروجيسترون

يؤثر الهرمون اللوتئينيّ (LH) بشكل أساسيّ في تكوين الركيزة الأولية لبناء الهرمونات الجنسيّة الأنثوية (الإستروجينات والبروجيستينات) داخل المبيض.

وذلك عبر تحويل الكولسترول إلى البريغنينولون الذي يعطي مباشرة هرمون البروجيسترون، أو قد يمرّ عبر سلسلة من العمليات الكيميائية الحيوية معطياً في نهاية الأمر هرمون الإستراديول (الهرمون الأنثويّ).

تتم تصفية مركبات البروجيسترون واستقلابها في الكبد إلى مركبات تطرح مع البول بشكل أساسيّ، هذا ويُطرح نحو 10% من البروجسترون الأصلي الذي لم يخضع لاستقلاب مباشر في البول أيضاً. [2]

تأثير هرمون البروجيسترون على الجهاز التناسلي الأنثوي

يُطلق على هرمون البروجيسترون طبياً اسم (هرمون الحمل) نظراً لأهميته الكبرى في تهيئة البطانة الرحمية والجهاز التناسلي الأنثوي ككلّ لحدوث الحمل، فيزيد بداية من سماكة وثخانة البطانة الرحمية.

ويحرّض خلاياها على تخزين الغليكوجين والمواد الشحمية الضروريّة لتغذية البيضة الملقحة (نتاج الإلقاح) بعد وصولها إلى جوف الرحم وانغراسها في بطانته، إضافةً إلى زيادة توعية الغدد الرحمية وقدرتها الإفرازية.

ليس هذا فحسب، بل يخفف البروجيسترون أيضاً من فعالية الرحم المناعية وقدرته الدفاعية أمام وصول البيضة الملقحة إليه كي يسمح بانغراسها ضمنه، إلى جانب تثبيطه الكبير لفعالية الرحم التقلصية وذلك لتثبيت محصول الحمل ومنع حدوث الإجهاض.

من جهة أخرى، يزيد هرمون البروجيسترون من القدرة الإفرازية التي تتمتع بها الخلايا الظهاريّة داخل البوق، كي تؤمن التغذية الأنسب للخلية البيضية الثانوية ريثما تصلها النطفة اللازمة لإلقاحها.

كما تتأثر بطانة المهبل ومخاطية عنق الرحم بتراكيز البروجيسترون الدمويّة أيضاً، فتتسمك كل منهما كي تشكل حاجزاً منيعاً أمام مرور الحيوانات المنوية (النطاف) إلى أعماق الجهاز التناسليّ الأنثويّ (الرحم والبوق). [2]

تأثير هرمون البروجيسترون على أعضاء الجسم

  • الثديّ: يحرّض البروجيسترون على نموّ الفصيصات (الوحدات التشريحيّة الأساسيّة) وتطور القنيات داخل ثديي الفتاة، مما يؤدي إلى زيادة حجمهما وتوترهما أثناء الحمل وتهيئتهما لإنتاج الحليب، تجدر الإشارة إلى أن هرمون البروجيسترون لا يتدخل أساساً في إطلاق الحليب وإفرازه، بل يتكفّل هرمون البرولاكتين في إفراز الحليب من القنيات اللبنية لتغذية الرضيع بعد عملية الولادة.
  • الجلد: يحافظ هرمون البروجيسترون على نضارة الجلد وملمسه الناعم، ومع انخفاضه في سن الإياس (اليأس) الذي يحدث عادة بين سن 44-55 عاماً عند الإناث تتراجع محتويات الجلد من الألياف الكولاجينية اللازمة لشده ونضارته، مما يؤدي إلى جفاف الجلد وقساوته وزيادة ظهور التجاعيد المرتبطة بتقدم العمر.
  • حرارة جسم الأنثى: يرفع البروجيسترون عن طريق مشتقاته درجة حرارة جسم الأنثى بشكل طفيف أثناء حدوث الإباضة، أي ما يعادل 0.3 إلى 0.5 درجة مئوية تقريباً.
  • الجهاز المناعيّ: يدعم البروجيسترون وظيفة الجهاز المناعي في الدفاع ضد كافة أشكال العوامل الممرضة، وينظم استجابته حيالها.
  • التقلصات العضليّة: يخفّف هرمون البروجيسترون من الفاعلية التقلصية للعضلات الملساء في جسم الأنثى، كما يوسع قطر القصبات الهوائيّة وينظم إفراز الغدد ضمن البطانة التنفسية.
  • الوقاية من السرطان: يحمي البروجيسترون جسد الأنثى من التأثيرات الزائدة لهرمون الأنوثة (الإستروجين) وينظم فاعليته الحيوية، مما يقي المرأة من حدوث سرطان باطن الرحم لديها.
  • التأثيرات النفسيّة: حيث يعزى للبروجيسترون دور مهم في تخفيف تهيج المرأة وتوترها المفرط خلال فترة الحمل.
  • تأثيراته على الدماغ: يلعب هرمون البروجيسترون دوراً فعالاً في الوقاية من حدوث الالتهابات التالية للرضوض الدماغية والحوادث الوعائية الدماغيّة، مما يحمي النسيج الدماغي والخلايا العصبيّة من الأذيات التي قد تضر بالوظائف الحسيّة والحركيّة. [2]

البروجيسترون في حبوب منع الحمل البسيطة والمركّبة

تحمل موانع الحمل البسيطة أسماءً تجاريّةً مختلفةً يُذكر منها مينيبيل (بالإنجليزية: Minipill)، وهي تحتوي بشكل أساسيّ على هرمون البروجيستين فقط (الشكل المصنّع مخبرياً من هرمون البروجسترون)، على عكس موانع الحمل الفموية المركبة التي تتألف من هرموني البروجستين والإستروجين معاً.

كما تمتاز حبوب منع الحمل البسيطة بانخفاض الجرعات المستعملة لهرمون البروجستين على عكس الجرعات العالية منه ضمن موانع الحمل المركّبة.

تستخدم المانعات الهرمونية المركبة كوسيلة فعالة لمنع الحمل عند الأنثى في سن نشاطها التناسليّ، وذلك لما يقوم به هرمون البروجستين من دور هام في زيادة سماكة وثخانة مخاطية عنق الرحم.

مما يشكل عائقاً وحاجزاً منيعاً أمام وصول النطفة إلى أعماق الطرق التناسلية الأنثوية، يضاف لذلك الدور المشترك لكل من الإستروجين والبروجستين في إيقاف تطور الجريب الناضج وإطلاق الخلية البيضية الثانوية.

بمعنى أن الحبوب المركبة ستثبط عملية حدوث الإباضة، والتي تعتبر الحدث الأهم في إنتاج الخلية البيضية اللازمة لحدوث الإلقاح، تجدر الإشارة إلى ضرورة الالتزام بتعليمات الطبيب وتوصياته حول كيفيّة استعمال مانعات الحمل الفموية.

نظراً لأهمية توخي الدقة في استخدامها وفق جدول زمني يتناسب مع الدورة الطمثية عند المرأة، وعادة ما ينصح بتناولها ليلاً لقدرتها أحياناً على إحداث الدوار والدوخة.

من جانب آخر، قد يصف أخصائيّو الجلدية في بعض الحالات مانعات الحمل الفمويّة (عادة المركّبة) لعلاج حبّ الشباب عند الفتيات، حيث تقوم الهرمونات الجنسيّة الأنثوية (الإستروجين والبروجستين معاً) بتخفيف إفرازات الغدد الدهنية التي يؤدي تراكمها مع الخلايا الجلدية الميتة إلى ظهور الحبوب المؤلم. [1]

الحالات الطبية التي تستخدم فيها موانع الحمل البسيطة

يمكن لموانع الحمل الفموية البسيطة أن تستعمل في علاج حالات مرضيّة متعددة، وذلك بشكل إضافيّ لسمتها العامة في منع الحمل وإيقافه مؤقتاً، نستعرض بعضاً منها فيما يأتي: [1]

  1. اضطرابات الدورة الطمثية.
  2. حالات بطانة الرحم الهاجرة (بالإنجليزية: Endometriosis).
  3. سرطان الكلية أو الثدي أو الرحم.
  4. حالات فقدان الشهية ونقصان الوزن لدى مريضات عوز المناعة المكتسب (AIDS) أو الخباثات.
  5. المبيض متعدد الكيسات.

الآثار الجانبية الشائعة لاستخدام موانع الحمل الفموية

  1. الدوار والدوخة.
  2. آلام الثديين.
  3. تقلبات المزاج.
  4. اضطرابات النوم (كزيادة ساعات النوم مثلاً).
  5. الإصابة بالصداع.
  6. أعراض هضمية كالإصابة بالإسهال أو المعاناة من الإمساك أو الحرقة أو انتفاخ البطن. 
  7. وذمات في الطرفين السفليين.
  8. آلام عامة ومفصليّة.
  9. حدوث نزوف مهبليّة.
  10. توهّج الوجه (Flush). [1]

الحالات الطبية التي يمنع فيها استخدام موانع الحمل الفموية

يفضل دوماً استشارة الطبيب المختص قبل اللجوء إلى استعمال مانعات الحمل الفمويّة، نظراً لوجود حالات فيزيولوجيّة أو مرضيّة معيّنة يمنع فيها استخدامها لما تحمله من مخاطر كبيرة على صحّة المرأة وحياتها، نذكر منها ما يأتي: [1]

  1. الإصابة بالشقيقة.
  2. الصرع والاختلاجات المعممة.
  3. الآفات القلبيّة أو الكبديّة أو الكلويّة.
  4. قصة مرضيّة سابقة لاضطرابات نفسيّة عند المرأة، ولا سيما مرض الاكتئاب.
  5. وجود بعض العوامل التي تحمل خطورة عالية عند المرأة لحدوث الداء القلبي الإكليليّ، كإصابتها بمرض السكريّ مثلاً، أو ارتفاع مستويات كوليسترول الدم، أو ارتفاع الضغط الدموي لديها أو معاناتها مع مشكلة البدانة، أو إذا كانت مدخّنة.
  6. وجود قصة مرضيّة سابقة لتشكل خثرات دمويّة في أوعية الطرفين السفليين.
  7. الربو القصبيّ.
  8. المرأة الحامل والمرأة المرضع.
  9. في حالات علاج مرض السلّ (التدرن) أو عوز المناعة المكتسب.
  10. في حال إصابة المرأة بسرطان الثدي أو وجود قصة مرضية سابقة لها.

ختاماً، قد يعتبر هرمون البروجيسترون لدى الإناث مسؤولاً بشكل جزئيّ عن حدوث الأعراض المزعجة التي تجتمع مع بعضها بعضاً قبل حدوث الطمث عند الفتاة، وذلك ما يُطلق عليه طبياً اسم متلازمة ما قبل الطمث عند الإناث، نذكر من مجموعة هذه الأعراض السريرية؛ توتر الثديين وإيلامهما الشديد، والتبدلات المزاجية وانتفاخ البطن وغيرها.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار