ذكرى

في السادس عشر من سبتمبر عام 1966، وُلدت ذكرى بنت محمد الدالي في مدينة المرسى بتونس، وسط أسرة كبيرة، حيث كانت الأصغر بين ثمانية أشقاء، ورغم نشأتها في عائلة متعددة الأطفال، كان والدها محمد الدالي هو أول من اكتشف موهبتها الصوتية، فقد كان دائم التشجيع لها على ممارسة الفن والغناء، لكن والدتها، زهرة، لم تتقبل في البداية فكرة أن تصبح ابنتها مغنية، وهو ما جعل العلاقة بين الأم والطفلة تتسم بالتوتر في بداية مشوارها الفني.

لكن مع مرور الوقت وتوفي والدها، بدأت والدتها وأشقاؤها في دعمها بشكل كامل، لتتواصل انطلاقتها الفنية التي كانت تتزامن مع مرحلة دراستها في المدرسة. تعلمت ذكرى الغناء منذ صغرها وكانت تظهر مهارتها في العديد من المناسبات المدرسية.

بدايات ذكرى

كانت بداية ذكرى الفعلية في عالم الغناء في عام 1980، حين شاركت في برنامج مسابقات لاكتشاف المواهب في تونس بعنوان "بين المعاهد"، حيث قدمت أغنية "أسأل عليا" للفنانة الراحلة ليلى مراد، هذا التنافس الفني كان هو بداية مشوارها الفني الحقيقي، فقد لفتت الأنظار بشكل سريع.

بعدها شاركت في برنامج الهواة "فن ومواهب" في عام 1983، وهو البرنامج الذي أتاح لها الفرصة للتفوق على العديد من المشاركين، لتفوز باللقب عن جدارة.

مسيرة ذكرى الفنية

في نفس العام 1983، أصدرت ذكرى أول أغنياتها الخاصة بعنوان "يا هوايا"، التي لحنها لها الملحن عز الدين العياشي. هذا النجاح دفعها للمشاركة في مهرجان قرطاج الدولي في تونس، وهو واحد من أكبر المهرجانات في العالم العربي، بعد هذه النجاحات، انضمت إلى فرقة الإذاعة والتلفزة التونسية، وبدأت في التعاون مع الملحن عبد الرحمن العيادي الذي كان له دور بارز في مسيرتها الفنية، حيث لحن لها العديد من الأغاني التي أصبحت جزءاً من ذاكرة الفن العربي.

على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته في تونس، قررت ذكرى في أوائل التسعينات الانتقال إلى مصر بحثاً عن أفق أوسع لشهرتها. في مصر، التقت بالموسيقار هاني مهنا، الذي قام بإنتاج ألبومها الأول في مصر "وحياتي عندك" في عام 1995، وهو الألبوم الذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

انتشار ذكرى

في مسيرتها الفنية، لم تقتصر ذكرى على الغناء في تونس ومصر فقط، بل جابت العديد من البلدان العربية، حيث قدمت أعمالًا فنية متميزة في المغرب وليبيا وسوريا ودول الخليج. في ليبيا، حيث قضت فترة طويلة من حياتها الفنية، اكتسبت شهرة كبيرة، وكانت من الفنانات اللاتي سجلن العديد من الأغاني التي حققت نجاحًا لافتًا، وكان من أبرز ألبوماتها هناك "نفسي عزيزة" الذي صدر في عام 2003.

أما في الخليج، فقد أبدعت ذكرى في أداء الأغاني باللهجة الخليجية، ما جعلها من أبرز الفنانات اللاتي غنين بهذه اللهجة، وحققن نجاحاً منقطع النظير. كان لها جمهور واسع في الخليج، واعتبرت واحدة من أفضل أصوات الغناء الخليجي. كما أصدرت العديد من الألبومات الخليجية التي تركت بصمة واضحة في الساحة الفنية.

مأساة وفاة ذكرى: نهاية مفاجئة

على الرغم من حياتها الفنية المليئة بالإنجازات، كانت حياة ذكرى الشخصية تشهد بعض التحديات، جمعتها علاقة عاطفية، وخُطبت في البداية من الملحن عبد الرحمن العيادي، لكن علاقتهما شهدت خلافات كبيرة بسبب احتكاره لصوتها الفني، ما أدى إلى انفصالهما في عام 1990. في ما بعد، تزوجت من رجل الأعمال المصري أيمن السويدي، وكان زواجهما في البداية سرياً، إلا أنه تم الإعلان عنه لاحقاً بشكل رسمي.

لكن المشوار الفني لذكرى انتهى بطريقة مأساوية في 28 نوفمبر 2003، عندما توفيت على يد زوجها أيمن السويدي، لم يكن أحد يتوقع أن ينتهي مصيرها بهذا الشكل المأساوي، حيث أُعلن عن وفاتها هي وزوجها في حادث صادم، إذ قام زوجها بقتلها، ثم انتحر بعد ذلك. هذا الخبر فاجأ جمهورها في العالم العربي، وأحدث صدمة كبيرة في الوسط الفني.

إرث فني خالد بعد الوفاة

رغم رحيلها المفاجئ، تركت ذكرى إرثاً فنياً كبيراً من خلال العديد من الألبومات والأغاني التي لا تزال حاضرة في ذاكرة جمهورها.

بعد وفاتها، تم إصدار العديد من الألبومات التي ضمت أعمالاً لم تُصدر من قبل، وذلك تخليداً لذكراها. أحد هذه الألبومات كان "وتبقى ذكرى" الذي صدر بعد وفاتها، والذي ضم مجموعة من الأغاني التي سجلتها قبل وفاتها مع كبار الشعراء والملحنين في الوطن العربي.