ماذا تعرف عن الدهون الحشوية؟

هل تعلمين أن بعض الدهون التي تتراكم في البطن لا تظهر بوضوح على السطح، لكنها تختبئ في أعماق الجسم وتؤثر على صحتكِ بصمت؟ هذه الدهون تُسمى الدهون الحشوية، وهي نوع من الدهون التي تحيط بالأعضاء الداخلية مثل الكبد والأمعاء، وقد تكون السبب في كثير من المشكلات الصحية حتى لدى النساء ذوات الوزن الطبيعي.

في هذا المقال، سنتحدث معاً عن معنى الدهون الحشوية، مخاطرها، وكيفية التخلص منها بطريقة بسيطة وصحية، إلى جانب نصائح وأسرار ستساعدكِ على الوقاية منها.

ما هي الدهون الحشوية؟

الدهون الحشوية هي الدهون الموجودة داخل البطن، وتكون مختبئة بين الأعضاء الداخلية مثل المعدة والكبد. لا يمكنكِ رؤيتها أو لمسها مثل الدهون تحت الجلد، لكنها تلعب دوراً أكبر في التأثير على صحتكِ. هذه الدهون ليست "سيئة" بشكل مطلق، فهي تحمي الأعضاء وتمنحها طبقة عازلة، لكن زيادتها تؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

كيف تختلف عن الدهون تحت الجلد؟

• الدهون تحت الجلد: هي الدهون التي نراها ونلمسها مباشرةً أسفل البشرة.
• الدهون الحشوية: عميقة ولا تظهر للعين، لكنها أخطر لأنها تُؤثر على أعضاء الجسم مباشرةً.

لماذا تُسمّى دهوناً “حشوية”؟

تخيلي دهوناً لا ترينها بيديك، لكنها تحيط بأعضائك كحزام خفي تحت سطح الجلد، تمنح جسمكِ دعماً وحمايةً… إلى أن تتحوّل مع التراكم المفرط إلى عدوٍّ صامت. لهذا سُميت بالـ«حشوية»، لأنها تكمن عميقاً داخل تجويف البطن (الحشوي)، غير مرئيةٍ للعين العادية. هذه الدهون المفعمة بالنشاط الاستقلابي تتفاعل بقوة مع هرمونات الجسم، فتؤدي دور الحارس إلى أن تتحول مع الارتفاع المرضي إلى عائقٍ يهدّد صحتك. دعينا نستكشف معاً سرّ تسميتها وماذا يعني ذلك بالنسبة لجمالك وصحتك.

• الموقع: تقع ضمن التجويف البطني (“الحشوي”)، بعكس الدهون تحت الجلد.
• التركيب: خلايا دهنية شديدة النشاط الاستقلابي (Metabolic Activity)، فتتفاعل مع الجهاز الهرموني أكثر من الدهون السطحية.
• الدور الفيزيولوجي: تحفظ الأعضاء وتحميها من الصدمات، لكن زيادتها تحولها من حارسٍ إلى عدوٍ خفيّ.

مخاطر تراكم الدهون الحشوية لدى النساء

تُعتبر الدهون الحشوية من أخطر أنواع الدهون على صحة المرأة، ليس لأنها مخفية فحسب، بل لأنها تؤثر مباشرة على الأعضاء الداخلية وتُطلق مواد التهابية تضر بوظائف الجسم. تراكم هذه الدهون لا يغيّر فقط شكل الجسم، بل يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة خطيرة مثل أمراض القلب والسكري. في ما يلي أبرز مخاطر الدهون الحشوية على صحة المرأة وتأثيرها على حياتكِ اليومية.

1. أمراض القلب والأوعية الدموية: تؤدي الدهون الحشوية إلى إفراز جزيئات التهابية تزيد من تكلّس الشرايين وارتفاع ضغط الدم، مما يرفع احتمال التعرض للنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
2. مقاومة الإنسولين والسكري من النوع الثاني: تتدخل الالتهابات الدهنية في عمل الإنسولين، فتُقلّل من فاعليته على خفض مستوى السكر في الدم، مما يفتح الباب أمام مرض السكري.
3. اختلال التوازن الهرموني: في مرحلة ما قبل وبعد انقطاع الطمث، يُعزّز تراكم الدهون الحشوية ارتفاع هرمون الكورتيزول ويُقلّل من هرمون الاستروجين، ما يزيد من أعراض ما يُسمّى “متلازمة الأيض” ويؤثر على الحالة النفسية.
4. ارتفاع خطر بعض السرطانات: أظهرت دراسات ارتباطاً بين الدهون الحشوية وازدياد خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان القولون بسبب المواد الالتهابية والهرمونات التي تُنتجها هذه الدهون.
5. تأثيرات على الخصوبة: قد تُسبب الدهون الحشوية اضطرابات في الدورة الشهرية وصعوبةً في حدوث الحمل، نتيجة التأثير السلبي على هرمونات الأنوثة.

أعراض الدهون الحشوية وشكلها

من الصعب اكتشاف الدهون الحشوية بالعين المجردة لأنها تختبئ في أعماق البطن، لكن هناك بعض المؤشرات التي يمكن أن تساعدكِ على معرفة ما إذا كنتِ تعانين منها. قياسات الجسم، شكل توزيع الدهون، والفحوصات الطبية الحديثة كلها وسائل فعّالة لتحديد وجود هذه الدهون. في ما يلي طرق سهلة وبسيطة تساعدكِ على معرفة إذا كان لديك دهون حشوية.

1. محيط الخصر (Waist Circumference): إذا كان محيط خصركِ أكبر من 88 سم للنساء، أو 102 سم للرجال، فقد يشير ذلك إلى تراكم الدهون الحشوية. كما تحسب نسبة الخصر إلى الورك (WHR)، وذلك من خلال قسمة محيط الخصر على محيط الورك؛ والقيم الأعلى تدلّ على تراكمٍ أكبر للدهون في منطقة البطن.
2. شكل الجسم: تراكم الدهون حول البطن (شكل التفاحة) غالباً ما يدل على زيادة الدهون الحشوية.
3. الفحوصات الطبية: مثل الأشعة المقطعية أو تحليل تركيب الجسم (InBody) تعطي نتائج دقيقة، وتوفر دقةً عاليةً في قياس حجم الدهون الحشوية، إلا أنها مكلفة ومحدودة الاستخدام سريرياً.

العوامل التي تُحفّز تراكم الدهون الحشوية

تراكم الدهون الحشوية ليس أمراً عشوائياً، بل ينتج عن مجموعة من العوامل التي تؤثر على طريقة تخزين الجسم للدهون. بعض هذه العوامل يتعلق بنمط حياتنا مثل النظام الغذائي وقلة الحركة، بينما يرتبط بعضها الآخر بالوراثة أو التغيرات الهرمونية مع التقدم في العمر. إليكِ أبرز العوامل التي تُحفّز تراكم الدهون الحشوية والتي يجب الانتباه لها لتجنب مخاطرها.

• العمر: تزداد بشكلٍ ملحوظ بعد سن الأربعين، لاعتبارات هرمونية.
• الجينات: تختلف قابلية تخزين الدهون حسب البُنية الوراثية للفرد.
• النظام الغذائي: الإفراط في السكريات البسيطة والدهون المُشبعة يُسرّع من تراكم الدهون الحشوية.
• قلة النشاط البدني: نقص الحركة يكبح حرق السعرات الحرارية ويُفضّل التخزين على الاحتراق.
• التوتّر المزمن: يرفع هرمون الكورتيزول المسؤول عن التخزين الدهني في منطقة البطن.
• قلة النوم: يؤدّي إلى اضطراب هرمونات الجوع والشبع (الجريلين واللبتين)، ما يعزّز الإقبال على الطعام.

كيف اتخلص من الدهون الحشوية؟

حرق الدهون الحشوية يحتاج إلى خطة شاملة تشمل النظام الغذائي الصحي، النشاط البدني، إدارة التوتر، وأحياناً الاستعانة بالمكملات تحت إشراف طبي. ليس هناك حل سحري سريع، لكن تبني عادات صحية متكاملة يساعد على حرق هذه الدهون تدريجياً والحفاظ على نتائج طويلة الأمد. فيما يلي نستعرض أهم الاستراتيجيات الفعّالة للتخلص من الدهون الحشوية بخطوات واضحة وبسيطة.

تعديل النظام الغذائي

• الحدّ من السكريات: استبدلي المشروبات الغازية والعصائر المعلبة بالماء أو الماء المنكه بشريحة ليمون.
• الاعتماد على الحبوب الكاملة: كالشوفان، الأرز البني، والكينوا، لما فيها من ألياف تُبطئ امتصاص السكر.
• البروتينات عالية الجودة: كالسمك المشوي، صدور الدجاج، البقوليات؛ فهي تشعركِ بالشبع لفترة أطول.
• الدهون الصحية: زيت الزيتون، الأفوكادو، المكسرات النيئة، لما فيها من دهون أحادية ومتعددة غير مشبعة تُساعد على تحسين حساسية الإنسولين.
• الخضروات والفواكه: أشبعي طبقكِ بالخضروات الورقية كالسبانخ والجرجير، والفواكه قليلة السكر كالتوت والليمون.

ممارسة التمارين الرياضية

• التمارين الهوائية (الكارديو):

1. المشي السريع، الركض الخفيف، السباحة، ركوب الدراجة.
2. يُوصى بمعدل 150 دقيقة أسبوعياً على الأقل.

• تمارين القوة:

1. رفع الأوزان الخفيفة أو تمارين وزن الجسم (القرفصاء، الضغط، البلانك).
2. تُساعد زيادة الكتلة العضلية على رفع معدل الأيض في الراحة.

• تمارين اليوجا والبيلاتس: تقلل التوتّر وتحسّن المرونة، مما يخفّض الكورتيزول ويسهم في السيطرة على الدهون الحشوية.

السيطرة على التوتر والنوم

• تقنيات الاسترخاء: جلسات التأمل (Meditation)، التنفّس العميق، تدريبات اليقظة (Mindfulness).
• النوم الجيد: احرصي على 7–8 ساعات نوم هادئ كل ليلة، بإيقاع منتظم حتى في عطلة نهاية الأسبوع؛ فقلة النوم تُعقّد توازن الهرمونات المخصصة للتحكّم في الوزن.

الدعم الطبي والمكملات

• استشارة الطبيب: في الحالات القصوى، قد يُنصح بمراقبة مستويات الكورتيزول والسكر والدهون في الدم.
• المكملات الغذائية: مثل زيت السمك (أحماض الأوميغا-3) وحمض اللينوليك المترافق (CLA)، التي أظهرت أبحاثها قدرةً على تقليل الدهون الحشوية عند استخدامها ضمن نظام غذائي متوازن.

نصائح أخيرة لتحقيق أفضل النتائج

في نهاية رحلتكِ للتخلص من الدهون الحشوية في البطن، هناك بعض النصائح الذكية التي تساعدكِ على الاستمرار وتحقيق نتائج ملموسة دون عناء أو ملل. فالأمر ليس سباقاً قصيراً، بل هو نمط حياة صحي ومتدرج يضمن لكِ صحة أفضل على المدى الطويل. فيما يلي أهم النصائح الأخيرة لتحقيق أفضل النتائج بطريقة سهلة ومستدامة.

• التدرّج لا القسوة: لا تفرضي على نفسكِ حميةً قاسية؛ بل ابدأي بخطوات صغيرة تُستدام.
• المتابعة الدورية: قيّمي محيط الخصر مرة كل أسبوعين لتلاحَظ النتائج وتشعري بالحافز.
• التنوع في التمارين: بدّلي بين الكارديو وتمارين القوة لعدم الشعور بالملل ولتحفيز شدّ العضلات.
• شريك في الرحلة: شاركي صديقاتكِ أو أسرتكِ تحدّياً أسبوعياً في المشي أو الطبخ الصحي لزيادة المتعة والدعم.

وفي الختام، تذكري دائماً أن الدهون الحشوية ليست مجرد مشكلة شكلية، بل هي مؤشر مهم لصحتكِ. التخلص منها يتطلب التزاماً بنمط حياة متوازن يجمع بين الأكل الصحي، التمارين، النوم الجيد، وإدارة التوتر. كل خطوة تقومين بها نحو تحسين نمط حياتكِ ستعود عليكِ بفوائد هائلة، ليس فقط على مستوى الشكل، بل على صحتكِ ونشاطكِ أيضاً.

مواضيع ذات صلة