الممثل العالمي عمر الشريف

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
الممثل العالمي عمر الشريف

هو حالة استثنائية في عالم السينما، إضافة إلى أنه شخص استثنائي بما يملكه من جرأة وتضحية في سبيل الفن، وفي سبيل العشق، إنه الفنان العالمي عمر الشريف، الذي حقق شهرة واسعة في السينما العربية والعالمية.

عمر الشريف ابن عائلة سورية مهاجرة إلى مصر

ولد عمر الشريف باسم ميشيل دميتري شلهوب في العاشر من أبريل/نيسان عام 1932، في مصر في مدينة الإسكندرية، لأسرة مسيحية كاثوليكية، الأب هو جوزيف شلهوب من أصول سورية، كان يعمل تاجر أخشاب، أما الأم هي كلير سعدة التي كانت سيدة مجتمع من أصول سورية أيضاً، زارت الملك فاروق عدة مرة أثناء الفترة الملكية في مصر، كما كانت تشارك الملك في لعب البوكر، على الرغم من أن الكثير من المقالات التي كتبت عن الشريف تقول أنه من أصول لبنانية، لكن عمر الرشيف نفسه يقول أنه من أصول سورية.

لميشيل أخت واحدة فقط، اسمها ماجدة، لذلك كان والده يرغب في أن يرث ابنه الوحيد تجارته وأعماله، إلا أن ميشيل الشاب لم يكن ميالاً للتجارة والحسابات، على الرغم من أنه حاول العمل في محلات أبيه لإرضائه، لكن الأب أيقن في النهاية أن ابنه لا يصلح لهذه المهنة، من جهة ثانية كانت كلير والدة ميشيل تشجعه على احتراف الفن، حيث لم تكن على وفاق تام مع زوجها فيما يتعلق بمستقبل ابنهما الوحيد، لدرجة أنها كانت تشجعه على لعب القمار ليتعلم المغامرة!، وكي يقول الناس أنه يشبه أمه أكثر من أبيه، حتى أن الأب بدل لافتة محله بمجرد ولادة ابنه لتصبح "جوزيف شلهوب وولده"، أما الأم فكانت تصرّ "ابني سيكون أجمل وأشهر رجل في العالم"، كان ميشيل الطفل متعلقاً بأمه جداً، فهي التي تحفزه على ما يحب، حتى أنه كان يختلف مع أخته وأبيه في أدق التفاصيل "أنا وأمي لم نكن نتناول الملح أو السكر، ولأبي وأختي مملحة خاصة لكل منهما!".

عانى ميشيل من الوزن الزائد عندما بلغ الحادية عشرة من عمره، ما جعل أمه ترسله إلى مدرسة داخلية إنجليزية، حيث الطعام الصحي والرياضة، فاستطاع أن يستعيد رشاقته خلال عام واحد، كما تعلم الإنجليزية من الإنجليز، ما سهل عليه العمل في هوليود لاحقاً.

من ميشيل شلهوب إلى عمر الشريف

منذ الطفولة بدأ شغف ميشيل شلهوب بالتمثيل، ما جعل والداه على خلاف دائم معه بخصوص مستقبله، كما بدأ بالمشاركة في المسرح المدرسي، إلى أن دخل كلية فكتوريا كوليدج بالإسكندرية، مع الفنان المصري أحمد رمزي الذي كان صديقاً قديماً له، كما قال بعض النقاد والمؤرخين أن عمر الشريف والمخرج يوسف شاهين كانا زملاء في الكلية، لكن الشريف نفى ذلك وقال في إحدى مقابلاته أن "يوسف شاهين يكبره بسعة أعوام وقد تخرج من كلية فيكتوريا قبل دخول الشريف إليها".

تعرف عمر الشريف إلى يوسف شاهين عندما اختاره لتأدية دور البطولة في فيلمه الجديد "صراع في الوادي" إلى جانب النجمة المصرية فاتن حمامة عام 1954، بعد أن قام الممثل الشاب بتجارب الأداء أمام المخرج، كان أمامه امتحان آخر، حيث أن القرار في قبول البطل يعود إلى فاتن حمامة، فذهب الشريف وشاهين إلى فاتن حمامة، وأدى أمامها مقطعاً من مسرحية هاملت لشكسبير بالإنجليزية، هكذا حصل ميشيل شلهوب على فرصته الأولى في دور البطولة مع أهم المخرجين والممثلين المصرين، كما حصل على اسمه الفني، عمر الشريف، إضافة إلى مشاركة الفيلم في مهرجان كان السينمائي في فرنسا.

أعجب عمر الشريف بالمغنية المصرية الإيطالية داليدا، إلا أنهما لم يدخلا في علاقة جدية بسبب سفر داليدا إلى فرنسا، فيما بعد وقع الشريف في حب الممثلة المصرية فاتن حمامة، ثم أشهر إسلامه عام 1955، ليتزوج منها في العام نفسه خلال تصوير فيلمهما (أيامنا الحلوة)، فعشق عمر الشريف زوجته بجنون، حتى أنه بقي لآخر حياته يعتبرها عشقه الوحيد، على الرغم من انفصالهما بعد عشرين سنة من الزواج في عام 1974.

قدم عمر الشريف أكثر من عشرين فيلماً في الخمسينات والستينات قبل أن ينتقل إلى السينما العالمية، من أهمها (سيدة القصر) للمخرج كمال الشيخ عام 1959، إلى جانب زوجته فاتن حمامة، كذلك فيلم (نهر الحب) المقتبس عن رواية الكاتب الروسي ليو تولستوي (آنا كارينا)، الذي أخرجه عز الدين ذو الفقار عام 1961، وفيلم (في بيتنا رجل) للكاتب إحسان عبد القدوس والمخرج هنري بركات عام 1961، وغيرها الكثير، حيث أصبح عمر الشريف من أبرز وجوه السينما المصرية خلال فترة وجيزة.

خسر عمر الشريف حب حياته وعشقه الوحيد في سبيل العالمية

حصل عمر الشريف على أول فرصة له في السينما العالمية من خلال المخرج الإنجليزي ديفيد لين (David Lean)، الذي عرض عليه دور الشريف علي في فيلمه لورنس العرب (Lawrence of Arabia) عام 1962، حيث كان هذا الدور بمثابة هدية من السماء للنجم الصاعد، فأدى عمر الشريف هذا الدور بإتقان أبهر هوليود كلها، كما رشح لجائزة الأوسكار عن أفضل ممثل مساعد، وحصل على جائزة جولدن جلوب عن فئة الوجه الجديد عام 1963 عن ذات الدور، الذي لم يكن إلا البداية، حيث قدم لاحقاً أكثر من خمسين عملاً باللغة الإنجليزية والفرنسية والعربية والإيطالية.

غادر الشريف مصر منتصف الستينات، ولم يعد إليها بشكل نهائي حتى أواخر حياته، حيث كانت الحكومة المصرية في تلك الفترة تصدر تأشيرة خروج لكل من يريد أن يسافر خارج القطر، وكان على الفنانين مراجعة مكتب الآداب للحصول على شهادة حسن السلوك، هذا ما كان يعتبره إهانة للفن، كما كان يخشى أن يمنع من السفر خارج مصر فيخسر مشروع حياته، يقول في هذا الخصوص: "كنا نقف في الطابور مع الراقصات لنأخذ شهادة حسن سلوك!" إلا أن أسفاره الكثيرة، ورفضه العودة إلى مصر بسبب هذه القيود، أدت لتوتر علاقته بزوجته فاتن حمامة، وانتهى زواجهما بالطلاق عام 1974، ولديهما ابن وحيد اسمه طارق، كما أن الشريف لم يتزوج مرة ثانية.

رجل عصبي لكنه محب ولطيف

  • كان عمر الشريف بشهادة كل من عرفه رجلاً طيباً وعطوفاً، كما كان يبحث عن سعادته في أصغر الأمور، إلا أنه أيضاً كان سريع الغضب، ما عرضه لعدة مواقف محرجة، حيث أُتهم بالاعتداء على مسؤول لكراج سيارات في بيفرلي هيلز عام 2007، كما فقد أعصابه في مهرجان الدوحة السينمائي عام 2011، عندما حاولت إحدى الصحفيات تجاوز المعجبين لأخذ صورة معه، فصرخ في وجهها وطلب منها أن تلتزم دورها.
  • كان عمر الشريف محباً لسباقات الخيول، وكتب عدداً من المقالات عنها، أما عن آرائه في المرأة، فكان يجد أن المرأة الشرقية هي المرأة المثالية، من جهة أخرى كان لعمر الشريف أصدقاء كثر من جميع الفانين حول العالم، مثل عبد الحليم حافظ، أحمد رمزي، أنتوني كوين (Anthony Quinn)، إنجريد بريجمان (Ingrid Bergman)، وغيرهم الكثير.
  • لم يكن عمر الشريف راضياً عن حياته الشخصية، حيث اعتبر أنه خسر عائلته وزواجه لصالح عمله وطموحه، كما أنه هاجم طموح الفنانين إلى العالمية، "أنا مش عايز حد يعرفني إلا الجيران"، واعتبر أن المحلية والعالمية أمران متساويين في القيمة، إنما الفائدة الكبرى من العالمية هي التعلم من أشخاص محترفين في صناعة السينما.
  • كما تعرض الشريف في آخر حياته لصدمتين كبيرتين، الأولى وفاة صديق الطفولة الفنان أحمد رمزي عام 2012، والثانية وفاة زوجته و"عشقه الوحيد" فاتن حمامة في السابع عشر من يناير/ كانون الثاني عام 2015، فقال عندها "وفاة أحمد رمزي كسرت ظهري، ووفاة فاتن حمامة قضت عليَّ تماماً" ولم يصمد إلا ستة أشهر بعد وفاتها.

أهم أعمال عمر الشريف في السينما العربية والعالمية

إضافة إلى دور الشريف علي في فيلم لورانس العرب، قدم عمر الشريف العديد من الأفلام الطويلة بلغات عدة، كما وضع صوته على العديد من الأفلام التسجيلية والوثائقية.

  • الدكتور زيفاجو (Doctor Zhivago): الفيلم من إخراج المخرج ديفيد لين، وبطولة عمر الشريف إلى جانب الممثلة جيرالدين شابلن (Geraldine Chaplin)، تم تصويره عام 1965، وهو مقتبس من رواية للكاتب بوريس باستيرناك (Boris Pasternak) صدرت عام 1957 حملت الاسم ذاته، تدور أحداث الفيلم في زمن الحرب العالمية الأولى والثورة الشيوعية 1917، جسد فيه عمر الشريف دور الدكتور زيفاجو المتزوج من تونيا (جيرالدين شابلن)، إلا أنه يقع في حب فتاة أخرى تعرضت للاغتصاب من سياسي فاسد، كما حاز الشريف جائزة جولدن جلوب لأفضل ممثل عن هذا الدور، فيما حاز الفيلم جوائز أخرى.
  • فتاة مرحة وسيدة مرحة: جسد عمر الشريف بطولة فيلم فتاة مرحة (Funny Girl) عام 1968، الفيلم من إخراج وليم ويلر (William Wyler)، بطولة الممثلة باربرة ستريساند (Barbra Streisand) حيث كان دورها السينمائي الأول، الفيلم يتعرض لقصة حياة الفنانة الكوميدية الأمريكية الراحلة فاني برايس (Fanny Brice) (باربرا سترايسند) من بداياتها الفنية مع أول عمل لها في العروض المسرحية، كما عاد عمر الشريف ليجسد نفس الدور مع باربرة في فيلم سيدة مرحة (Funny Laydy) عام 1975، هذه المرة من إخراج هربرت روس (Herbert Roos)، وهو تتمة لقصة الفيلم الأول.
  • الرولز رويس الصفراء (The Yellow Rolls-Royce): الفيلم من إخراج أنتونيو سكويث (Anthony Asquith) عام 1964، بطولة عمر الشرف إلى جانب إنجريد بريجمان (Ingrid Bergman)، ونخبة من النجوم اللامعين في هوليود، تدور أحداثه حول سيارة رولز رويس صفراء تنتقل ملكيتها بين أبطال الفيلم عبر عدة دول وتكون هي المحرك الأساسي للأحداث.
  • المحارب الثالث عشر (The 13th Warrior): الفيلم مأخوذ عن رواية بعنوان أكلة الموتى (Eaters of the Dead)، للكاتب مايكل كريشتون (Michael Crichton)، الذي كتب روايته بعد قراءته لرحلات أحمد ابن فضلان باللغة العربية، التي تتحدث عن رحلته حول نهر الفولغا في القرن العاشر، حيث لعب عمر الشريف دور أحمد ابن فضلان في هذا الفيلم، وهو من إخراج جون ماكتيرنان (John McTiernan)، وبطولة أنتونيو بانديراس (Antonio Banderas)، تم إنتاجه عام 1999.
  • السيد إبراهيم (Monsieur Ibrahim): فيلم فرنسي من إنتاج عام 2003، مأخوذ عن رواية الكاتب ايريك إيمانويل شميت (Éric-Emmanuel Schmitt)، عنوانها الكامل (M. Ibrahim and The Flowers Of The Koran السيد إبراهيم وزهور القرآن)، حيث تدور أحداث القصة في فرنسا حول علاقة صداقة متينة بين طفل يهودي (موسى)، ومهاجر مسلم تركي السيد إبراهيم (عمر الشريف)، والفيلم من إخراج فرانسوا ديبرون (François Dupeyron).
  • حسن ومُرقص: صوَّر هذا الفيلم بعد عودته إلى مصر، إلى جانب الممثل المصري عادل إمام، يتحدث الفيلم عن الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط في مصر، حيث يضطر الشيخ حسن (عمر الشريف) وعائلته إلى انتحال شخصيات عائلة مسيحية للهروب من ملاحقة المتشددين الإسلاميين لهم، فيما يضطر القس بولس (عادل إمام) مع عائلته إلى تقمص دور عائلة مسلمة، للهروب أيضاً من التهديدات التي يتعرض لها بسبب دعوته إلى التصالح بين الأديان، ويلتقي الاثنان معاً، إلى أن ينكشف سرهما، الفيلم من إخراج رامي إمام، وينتمي إلى الكوميديا السوداء، تم إنتاجه عام 2008.

كانت هذه أبز الأعمال التي قام بها الممثل العالمي عمر الشريف، إلى جانب العديد من الأفلام الأخرى، على غرار تشي جيفارا 1969عام، النمر الوردي يضرب مجدداً عام 1976، الأراجوز عام 1989، المسافر عام 2008، إلى جانب عمل تلفزيوني وحيد عام2007 بعنوان حنان وحنين.

"هوليود أعطتني الشهرة والمجد وسلبت مني حياتي"

في الثالث والعشرين من مايو/ أيار أعلن طارق عمر الشريف أن أبوه مصاب بمرض الزهايمر، حيث أصبح عاجزاً عن تذكر معظم أفلامه وتفاصيل حياته، إلى أن توفي نتيجة أزمة قلبية في العاشر من تموز عام 2015 عن عمر يناهز 83 عاماً، بعد ستة أشهر من وفاة حب حياته فاتن حمامة.

بهذا الشكل نكون قد تعرفنا على حياة الممثل الشهير عمر الشريف منذ طفولته وحتى وفاته، آملين أن نكون قد وفقنا في ما قدمناه لكم.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار