كيف أتعامل مع حماتي؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 08 مارس 2023
كيف أتعامل مع حماتي؟

تعتبر العلاقة بين الكنة والحماة من العلاقات النمطية، حيث تناولتها السينما العالمية في قوالب مختلفة، منها الكوميدي الذي تناول المفارقات المضحكة في علاقة الزوجة مع والدة زوجها، إضافة إلى تناول هذه العلاقة في قالب تراجيدي يصوِّر معاناة الطرفين من المشاكل العائلية، فما أسباب الخلاف الدائم بين الكنة والحماة؟ وهل يمكن التوصل إلى حل له؟ هذا ما يجيبك عنه المقال الآتي.

هل الخلاف بين الكنة والحماة أمر لا بد منه

في مقال بحثي نٌشر على واشنطن بوست (Washington Post)؛ نجد إشارة مهمة إلى وجود جذور تاريخية بعيدة لهذا الخلاف الكبير بين الزوجة وعائلة زوجها، خاصةً والدة الزوج ثم أخواته.

فقد ذكر الكاتب المتخصص في شؤون الأسرة تيري أبتر (Terri Apter) أن هناك نحو 60% من النساء المتزوجات يعشن تجربة مجهدة مع أمهات أزواجهن، في مقابل نسبة 15% من الرجال يعانون من مشكلات مع حمواتهم.

ووفقاً لما جاء في المقال، فإن هذه الخلافات موجودة في مجتمعات الشمبانزي وسلالة القردة العليا أيضاً! حيث تميل أنثى الشمبانزي إلى قطع علاقتها تماماً مع عائلة زوجها، كما تتعرض أنثى الشمبانزي إلى الاضطهاد في مجتمعها الجديد.

وبعيداً عن القردة، وعن الدراسات العامة، هل حقاً لا بد أن تكون هناك مشكلة بين الكنة والحماة؟ وهل هذه العدائية لدى الطرفين توجد لأسباب منطقية أم أنها مجرد موروث لا بد من التمسك به وتوريثه؟ [1]

الاستعداد للمشاكل قبل التعارف بين الكنة والحماة

فعلياً؛ فإن الكره المتبادل بين الكنة والحماة يبدأ قبل التعارف بينهما، أو حتى قبل أن تتعرف الفتاة على زوج المستقبل، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال الحياة اليومية، والملاحظة البسيطة، حيث تحضِّر الفتاة سيناريوهات عديدة للتعامل مع حماة المستقبل (العدو) في مراحل مبكرةٍ جداً، كذلك تفعل الأمهات عندما يقترب أبناؤهن من سن الزواج.

ولهذا الأمر دلالة خطيرة، كأننا نقول إن العلاقة المتوترة بين الكنة والحماة تنتج عن نظرة نمطية مسبقة (بالإنجليزية: Stereotyping) أكثر من كونها ناتجة عن ممارسات أو سلوكيات سيئة تمارسها أطراف المعادلة، وهي في ذلك لا تخرج عن سياق العلاقات الاجتماعية العنصرية، كالتوتر بين أتباع الأديان أو التيارات الفكرية أو المكونات العرقية المختلفة.

هذا يعني بالتالي أنَّ التصدي لهذه المشكلة سيكون أمراً معقداً، بما أن أطراف المشكلة يملكون تصوراً مسبقاً عن أحقية كلٍّ منهم في السيطرة مقابل الآخر، دون النظر بعين الاعتبار إلى سلوكيات أو ممارسات بعينها، بل إن هذا التصوُّر والاستعداد يحفز على القيام بتصرفاتٍ عدائية غير مبررة. [1]

أسباب المشاكل بين الكنة والحماة

قبل الخوض في المقترحات والنصائح التي من شأنها أن تخفف من التوتر بين الكنة والحماة، لا بد لنا أن ندرك سبب هذا الخلاف وحقيقته، ويمكن أن نعتبر السبب الأول والمركزي هو ما ذكرناه في الفقرة السابقة عن النظرة المسبقة، حيث تتشكِّل عند الفتيات نظرة عدائية تجاه والدة زوج المستقبل في سنٍ مبكرة.

وذلك نتيجة ما يعرض عليهن من تجارب مباشرة (الأم والجدة)، إضافة إلى التجارب المفترضة التي تقدمها الدراما والسينما والأدب، وهذا ما يجعل اللقاء الأول معقداً بين زوجة الابن المستقبلية ووالدة الزوج؛ فهو لقاءٌ مبنيّ على سلسلة من التوقعات والإجراءات الاحترازية، لنجد أن كلا الطرفين يستعد لمعركة لم يفكر بإمكانية تفاديها.

أما الأسباب الأخرى فيمكن استعراضها كالآتي: [1]

الصراع على الأهمية بين الكنة والحماة

"إنَّه ابني قبل أن يكون زوجكِ" هكذا تفكر الأم دائماً، ربما تصرح بهذا الهاجس الكبير الذي يتعلق بسباق الأهمية بينها وبين الزوجة، فيما تفكر الزوجة "إنَّه ابنكِ لكنَّه زوجي الآن"، هاتان الجملتان كفيلتان بتوليد صراع كبير بين الأم وزوجة ابنها.

إذ تفضل الزوجة أن يتخلص زوجها من سيطرة والدته عليه، وأن يكون واقعاً تحت سيطرتها أو مستقلاً على الأقل، فيما تحاول الأم أن تثبت وجودها وأحقيتها في ابنها دائماً، ما يجعلها تقوم بالكثير من التصرفات المزعجة التي تعتبرها دفاعاً عن حقها في مشاركة ابنها بقراراته وتخطيط حياته.

فنادراً ما تتخلى الأمهات عن دور المربية، فيما يبقى التعامل بشكلٍ صحيح مع هذا الدور الذي تتمسك به الأم الكبيرة هو مفتاح الحل.

اختراق الخصوصية هاجس كبير عند الزوجات

يفضِّل الإنسان عموماً أن يحصل على أكبر قدر ممكن من الحرية والاستقلالية، وهذا ما ينطبق على الزوجات بشكلٍ كبير، باعتبارهن ربّات البيوت، حيث تبني الزوجة منظومة من الخصوصية العائلية التي تعتبر من أبسط حقوقها.

لكن غالباً ما تتعارض هذه المنظومة مع رغبة والدة الزوج باختراقها بشكل دائم، ابتداءً من أدق التفاصيل المتعلقة بطريقة صنع الطعام أو ترتيب أثاث المنزل ونظافته، وليس انتهاءً بطريقة تربية الأطفال واختيار ثيابهم، بل حتى ثياب الزوجة والزوج، وهذه بؤرة صراعٍ يصعب التعامل معها.

فرق السن والثقافة بين الكنة والحماة

تنتمي الجدة إلى ثقافة مختلفة عن ثقافة زوجة ابنها، وذلك نتيجة طبيعية لفارق السن والخبرات المكتسبة، كما أننا سابقاً كنا نحدد الفرق بين كلِّ جيلين بنحو 30 سنة، أما الآن؛ نحن نشعر باختلافاتٍ ثقافيةٍ كبيرةٍ بيننا وبين من يصغرنا بـ10 سنوات فقط.

ويعتبر الصراع بين الزوجة والحماة نتيجة هذا التطور الكبير والمستمر في المفاهيم والأفكار، كذلك تطور الذوق العام في كل المجالات (الثياب، الطعام، الأثاث، الترفيه، الموسيقى...إلخ)، حيث لا تتأخر الحماة في إبداء اعتراضها على معظم تصرفات زوجة ابنها.

بل إنَّها تبدي حساسية مضاعفة تجاه هذه التصرفات، لأنها صدرت عن كنتها بالتحديد، إنه الصراع بين الكلاسيكية والحداثة مدعوم بالعداوة الأزلية بين الكنة والحماة.

وتعد هذه الأسباب هي المداخل الرئيسية لحدوث المشاكل بين الكنة والحماة، لكن دعونا نستعرض الأفكار التي تجول في رأس كل منهما!

ما الذي تريد أن تقوله الكنة لحماتها

من خلال الجمل التي سنذكرها فيما يأتي؛ سنحاول تلخيص الأفكار التي تدور في رأس الزوجة، والتي تتمنى أن تقولها لحماتها، ربما تصرح ببعض هذه الأفكار وتحتفظ ببعضها الآخر لتترجمه بالتصرفات والأفعال: [2]

  • ابنكِ أصبح رجلاً! لا يمكن أن تفرضي رأيكِ عليه، أنا زوجته الآن، وأنا معنية أكثر منك في التأثير عليه ونقاشه في قراراته.
  • لو كنتُ ابنتكِ لما فعلتِ هذا! اعتبريني ابنتكِ.
  • أنا أجيد الطبخ والتنظيف والعناية بالأطفال، سأطلب نصيحتكِ إن احتجت لها، لكن لا أريد أن توجهيني بشكل دائم دون أن أطلب ذلك.
  • أنا لا أريد سرقة ابنكِ منكِ! هو اختار هذا الزواج، وهذا هي الحياة، فأنتِ أيضاً كنتِ زوجةً يوماً ما!
  • إذا أخطأ زوجي هذا لا يعني أنني المسؤولة عن أخطائه، هو لم يكن مثالياً قبل الزواج، ولا يمكن لأحد أن يكون مثالياً في يوم من الأيام.
  • كلُّ ما أرغب به هو أن أعيش حياتي بسلام.

ما الذي تريد أن تقوله الحماة لكنتها

كما أنَّ لدى الكنَّة أفكار واعتراضات على سلوك والدة زوجها، كذلك تتحفظ الحماة على بعض سلوكيات الكنة، وقد تصرح بعدد من الأمور، وذلك كما يأتي: [2]

  • أنا ربَّيت هذا الشاب، وأنا أعرف مصلحته، هو ابني قبل أن يكون زوجكِ.
  • لو كنتُ أمكِ ربما تقبلتِ ملاحظاتي! ستكونين في مكاني يوماً ما وستعلمين ما الذي أقوله.
  • لا يمكن أن تقارني نفسكِ بي.
  • يجب أن تشعري بالامتنان أنني أمنحك من خبرتي في تربية الأطفال والعناية بالمنزل.
  • لا أحبُّ أن تتعاملي معي بشفقة! أفضل أن تتعاملي معي بمحبةٍ واحترام.
  • كل ما أرغب به أن أعيش ما تبقى من حياتي بسلام.

كيفية تفادي المشكلات بين الحماة والكنة

من الصعب أن يتمكن الإنسان من تغيير طباعه بعد التقدم في السن، لذلك تتحمل الزوجة الجزء الأكبر من المسؤولية في التخفيف من حدة التوتر، إضافة إلى الحصول على حياة مستقرةً وهادئة، وفيما يأتي نستعرض معاً بعض النصائح والمقترحات لتجنب النزاع والمشكلات بين الحماة والكنة: [1]

  • حاولي أن تحاصري المشكلة قبل أن تتطور، فأنتِ أقدر على استيعاب الموقف وأكثر مرونة للسيطرة عليه.
  • يجب الحفاظ على احترام جدة أطفالك مهما كان الأمر، لأن أي تقليل من احترامها أمام الأطفال يعتبر خطأ فادحاً بحقها، كما سيفقد الأطفال احترامهم لجدتهم ولكبار السن بشكل عام.
  • حاولي أن تعثري على قنوات الاتصال المناسبة لمناقشة الأمور مع حماتكِ، لا بد أن هناك طريقة ما للوصول إلى التفاهم.
  • يجب أن يكون هدفك هو إشراك والدة زوجكِ بحياتكِ الأسرية دون أن تخترق عالمكِ الخاص، لذلك ابتعدي عن التعامل معها بعدائية، وحاولي أن تمسكي العصا من المنتصف.
  • ابتعدي عن الغضب دائماً؛ فإن إظهار غضبك من أمر ما هو ما يخلق الصراع حوله، إذا شعرتْ حماتكِ أنكِ تقبلتِ الملاحظة برحابة صدر ستكون سعيدة، وسعادتها تعني سعادتكِ مع زوجكِ.
  • ربما تحتاجين للاقتراب من جدَّة أطفالكِ أكثر، حاولي أن تتشاركي معها بعض الاهتمامات والهوايات، سيساهم ذلك في تقليص الفجوة بينكما.
  • يجب أن تُجنبي الأطفال الدخول في صراعات الكبار، لا تستخدميهم في التجسس أو الابتزاز العاطفي، يمكن أن يساعدوكِ على حمل رسائل إيجابية إلى جدتهم لا أكثر من ذلك.
  • حاولي أن تفكري جيداً بالنصائح أو الملاحظات التي تقدمها حماتكِ، ربما يكون بعضها مفيداً لكن النزاع بينكما يصمُّ أذنك عنها.
  • لا تضعي زوجكِ أمام خيارات عاطفية قاسية، يجب أن تسعيا معاً إلى تجنب النزاعات لا إلى الانتصار في المعركة.

ختاماً، إن لخلاف بين الكنة والحماة يؤدي إلى توتر العلاقة بين الزوجة وزوجها، وقد تتطور هذه المشكلات الصغيرة لتصبح خلافات جوهرية قد تقضي على مستقبل الأسرة بالكامل، لذلك لا بد للزوج أن يكون متفهماً لكلٍّ من والدته وزوجته، كذلك تحتاج الزوجة إلى إثبات جدارتها ومحبتها أمام هذا الامتحان الصعب.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار