فضل يوم عرفة والأعمال المستحبة به

يوم عرفة هو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، وهو يوم عظيم من أيام الله تعالى لأنه اليوم الذي تول فيه الأرحام والمغفرة، وهو يوم ركن الحج الأكبر، وفضل يوم عرفة كبير، فهو يوم تنزل فيه الرحمات وتعتق فيه الرقاب، وتغفر فيه الذنوب، وهو أفضل الأيام بالنسبة للمسلمين سواء الذين يؤدون فريضة الحج أو لمن لم يؤدوها.

فضل يوم عرفة

ليوم عرفة على الكثير من الفضائل التي يمكن للمسلم اغتنامها والاجتهاد في العبادة وعمل الطاعات لله، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة أحد الأشهر الحرم، وهم ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، قال الله تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [ التوبة:36].

ويوم عرفة هو اليوم الذي نزلت فيه الآية التي تتحدث عن إكتمال الدين وفضل من الله سبحانه وتعالى، وذلك لما أخرجه البخاري في صحيحه عن طارق بن شهاب قال : قال رجل من اليهود لعمر : يا أمير المؤمنين, لو أن علينا أنزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)، [ المائدة: 3]،  لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، فقال عمر : "إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية، نزلت يوم عرفة". ففي هذا اليوم أكمل الله دينه وأتم نعمته على المسلمين فمن الواجب علينا أن نشكر الله على إتمام نعمته علينا والتقرب إليه بالفرائض والنوافل على ضوء ما جاء بالكتاب والسنة .

ويوم عرفة من الأيام المعلومات الذي ذكرها الله في كتابه العزيز وأني عليهم، قال تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ). [ الحج: 28]

ويوم عرفة هو وقفة عيد الأضحى، أي اليوم الذي يسبق يوم النحر، وسمي بالوقفة لأن الحجاج يقفون على جبل عرفات لإتمام ركن الحج الأعظم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحجُّ عرفةُ ، فمن أدرك عرفةَ فقد أدرك الحجَّ".  ^[1]
ومن أهم فضائل يوم عرفة، أنه يوم تُعتق فيه الرقاب من النار، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما من يومٍ أكثرُ من أن يعتِقَ اللهُ فيه عبيدًا من النَّارِ من يومِ عرفةَ، وإنه لَيدنو، ثم يباهي بهم الملائكةَ فيقول : ما أراد هؤلاءِ ؟ اشهَدوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم». ^[2]  

الأعمال المستحبة في يوم عرفة

صيام يوم عرفة

من السنن المستحبة في يوم عرفة الصيام، وذلك غير الجحاج، إذ إن الحاج لا ينبغي له الصيام أثناء وقفة عرفات.

أن رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ يصومُ ثلاثةَ أيَّامٍ من كلِّ شَهْرٍ؛ يومَ الاثنينِ، مِن أوَّلِ الشَّهرِ، والخميسِ الَّذي يليهِ، ثمَّ الخميسِ الَّذي يليهِ. ^[3]   

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية" ^[4] . 

الدعاء يوم عرفة

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". وهذا يعني أن دعاء يوم عرفة هو دعاء يستجاب له الله عز وجل.

ذكر الله تعالى في يوم عرفة

قال تعالى:(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [سورة الحج: 27-28]، وقال - تعالى -: (وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) [سورة البقرة: 203]

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام أعظم ولا أحب إليه العمل فيهن عند الله من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)). قال الإمام البخاري- رحمه الله -: " كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما".

الصدقة في يوم عرفة

الصدقة من الأعمال التي تقرب العبد إلى الله عز وجل، فهي تمحي الذنوب وترفع الناس درجات وتذهب السيئات، ولهذا فهي من الأعمال المحببة في يوم عرفة، والتصدق بنية المغفرة والعتق من النار.

وفي فضل الصدقة يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ” ما نقص مالٌ من صدقة”.  ^[5]  

التكبير في يوم عرفة

من الأمور المستحبة لإحياء شعائر اليوم هو التكبير مثل تكبير الحجاج على يوم عرفة "الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. الله أكبر.. الله أكبر ولله الحمد".

أدعية يوم عرفة

كما ذكرنا أن الدعاء من الأمور المحببة في يوم عرفة، فهناك بعض الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يمكن الدعاء بها في هذا اليوم العظيم، آملين من الله الاستجابة: 

• اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ.
• لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ.
•  اللهم اعتق رقبتي من النار، وأوسع لي من الرزق الحلال، واصرف عني فسقة الجن والإنس.
• لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
• اللهم اعتق رقابنا من النار، لا تحرمنا من فضلك وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا، وتعفو عنا.
• اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً كبيراً، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك.

في النهاية.. يوم عرفة من أفضل أيام العام لما له من فضل كبير، ففيه تتنزل الرحمات وتُجاب الدعوات وتعتق الرقاب، لذا يجب اغتنامه، بالدعاء والصدقة والذكر والصيام.