مستحبات الصيام

  • تاريخ النشر: الجمعة، 01 يوليو 2022 آخر تحديث: الأحد، 03 يوليو 2022
مستحبات الصيام

مستحبات الصيام أو سنن الصيام هي الأمور التي يُستحب أن يقوم بها الصائم، ومن مشروعياتها وجود نص يدل على استحبابها، أو من مفهوم النص ومقتضاه، وتشمل المستحبات المرتبطة بجميع أنواع الصيام وأيضاً صيام شهر رمضان المبارك، وخلال هذا المقال سنوافيكم بمستحبات الصيام وغيرها من الأمور أثناء الصيام.

هناك سنناً وردت عن النبي محمد صلّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ووردت أيضاً آداب ومستحبات الصيام يجب على الصائم التقيد بها، نذكر منها ما يلي:

السحور

تعتبر وجبة السحور من الأمور المستحبة في الصيام وذلك ما اتفق عليه العلماء، حيث أكدوا أيضاً أن الصائم لا يأثم على ترك وجبة السحور، لما في الصحيحين من حديث أنس بن مالك- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال النبي- صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً" رواه البخاري (1923)، ومسلم (1095). [1]

ويُقصد بالبركة في السحور أي أنها وجبة ضرورية تقوي جسم الصائم وتجعله قادراً على الصيام، وأيضاً تمده بالطاقة التي يحتاجها جسمه حتى يزاول أعماله دون أن يشعر بالخمول والكسل والفتور، لذلك ينبغي تأخير وجبة السحور قبل طلوع الفجر. [2]

تعجيل الإفطار بعد تيقن الغروب

بمجرد غروب الشمس يجب على الصائم الإفطار ولو على ثلاث تمرات أو شرب الماء ويكون الإفطار سابقاً لصلاة المغرب، لما ورد في الصحيحين من حديث سهل بن سعد: أن رسول الله -صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ" [3]، وفي المسند: "لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوا السُّحُورَ وَعَجَّلُوا الْفِطْرَ".

قال ابن عبد البر عن (باب تعجيل الإفطار): أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة. وعند عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: "كان أصحاب محمد -صلّ الله عليه وسلم- أسرع الناس، إفطاراً وأبطأهم سحوراً". [4]

الإفطار على التمر إن وُجد

يُستحب أن يفطر الصائم على التمر وإلا فعلى ما يتيسر من لبن أو ماء ونحوهما، فعن أبي هريرة- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله -صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَمْراً فَالْمَاءُ فَإِنَّهُ طَهُورٌ" [5]، وعنده أيضاً عن أنسِ بنِ مالِكٍ قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّ اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يُفطِرُ علَى رُطَباتٍ قبلَ أن يصلِّيَ فإن لم تكن رُطَباتٌ فعلى تَمراتٍ فإن لم تَكُن حَسا حَسَواتٍ مِن ماءٍ" [6].

جاء في السنة النبوية أنه يُستحب على الصائم أن يفطر على التمر نظراً لخصائصه وفوائده الصحية التي لا تُحصى، فسيدنا محمد لا يحثنا إلا على كل ما هو نافع ومفيد للجسم.

تناول الطعام والشراب باعتدال

ورد في هذا الباب العديد من النصوص التي تحث الصائم على الاعتدال عند تناول الطعام والشراب، والنهي عن الإفراط في تناول المأكولات والمشروبات.

الدعاء عند موعد الإفطار

وعد الله تعالى الصائم باستجابة الدعاء عند موعد الإفطار، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ، دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ". والحديث صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" [7].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ دُونَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ: بِعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ" [7].

يُستحب على الصائم أن يغتنم موطن الإجابة فيدعو الله عز وجل بكل خير لنفسه ولأهله ولأمته، ويستحب أن يكون لحوحاً في الدعاء.

الإكثار من الطاعات والقربات

يُستحب على الصائم أن يُكثر من العبادات التي تقربه من الله عز وجل مثل تلاوة القرآن الكريم، كما يُستحب عليه أن يتقرب إلى الله تعالى بالصدقات وصلة الرحم والإحسان، حيث تتضاعف أجر الأعمال الصالحة في شهر رمضان المبارك.

المواظبة على أداء صلاة التراويح في شهر رمضان

يستحب على الصائم أن يصلي صلاة التراويح جماعةً والمواظبة عليها طيلة أيام شهر رمضان المبارك.

كف الجوارح عما نهى الله عنه

تتعدد الآداب والمبادئ والقيم الأخلاقية التي أحثنا الإسلام عليها وخاصةً أثناء الصيام، فمنها غض البصر، تجنب الغيبة وإمساك اللسان عن الكلام الفاحش، تجنب النميمة والكذب، حفظ الفرج وحفظ القلب من التفكير بالشهوات والمعاصي.

ومن هنا وجب التنويه على أن هناك البعض يرون بأن الصيام عبارة عن حبس وحرمان في النهار؛ لكن بعد الإفطار ينطلق فكه وثاقه ما بين السهر في أماكن تحث على اللهو واللعب ومشاهدة الفنون الهابطة وجلسات الأنس التي لا تخلو من النميمة والكلام الفاحش.

حيث شرع الإسلام للصائم أن يعطي النهار حقه من الصيام من المحافظة على أداء الصلوات وضبط الجوارح وأن يكون حسن الخلق مع من حوله، وأيضاً يجب أن يعطي لليل حقه من المحافظة على أداء صلاة التراويح جماعةً وتلاوة القرآن والتهجد وصلة الأرحام، ولا مانع من المباحات التي لا تخل بالصيام.

وعلى الصائم أن يعلم بأن هذه الآداب والقيم الأخلاقية ليست خاصة في رمضان أو عند الصيام؛ بل هي أخلاق يجب أن يلتزم بها في كل الأوقات، لذلك يعتبر الصيام سبباً يساعد الصائم على ضبط النفس، فهو فرصة للتدريب والتعويد واغتنام الفرص. [8]

التقيد بالعمل وإنجاز مصالح الناس

قد يسلك البعض عادة مذمومة يجب التنبيه لها في رمضان وأثناء الصيام وقد حرمها الإسلام في رمضان وفي غير رمضان، وهي التفريط في حقوق الناس وخاصة الموظفين المعنيين بقضاء حوائج الناس، فقد يتساهل البعض من الموظفين بأداء واجبهم الوظيفي الذي يتخذون عليه أجراً وذلك بذريعة أنه صائم.

فالبعض من الموظفين قد يأتون إلى الدوام متأخرون، والبعض لا يتعاملون مع الناس معاملة حسنة، والبعض قد يتركون العمل قبل موعد الانصراف، والبعض يتسامرون مع زملائهم في العمل، بينما هناك البعض قد ينشغلون بورد قرآني. 

وقد نهى الإسلام عن التأخير في قضاء حوائج الناس، فهناك أصحاب حاجات ينتظرون ساعات طويلة حتى يتم قضاء حاجاتهم، فيمكن أن يكون البعض منهم مريضاً ولا يستطيع الوقوف لساعات طويلة، وربما يكون البعض مسافرين وربما البعض يترتب على عدم إنجاز معاملتهم ضرراً كبيراً.

ونظرًا لأن الصيام واجب شرعي فإن أيضاً إعطاء الناس حقوقها واجب شرعي، لذلك يُستحب على الصائم عدم المماطلة والمراوغة عند التعامل مع الناس وظلمهم.

ويجب العلم على أن ظلم الناس لا يسقط بمجرد الاستغفار أو ورد قرآني على الرغم من أهمية ذلك، فقد يأتي المسلم يوم القيامة بجبال من الحسنات لقاء صلاته وصيامه وقراءة القرآن وأداء العمرة والحج، لكنه قد يخسرها إذا ظلم أشخاصاً وأخذ حقوقهم أو قصر في أداء حقوقهم. [9]

مكروهات الصيام

ذكرنا سابقاً العديد من مستحبات الصيام، لكن هناك مكروهات يجب على المسلم معرفتها، حيث يُكره للصائم بعض الأمور التي يُثاب على تركها لكن إن فعلها فإنها لا تُبطل صيامه، ومن مكروهات الصيام نذكر ما يلي: [10]

  • الإفراط في الاستنشاق والمضمضة، ومن المرجح أنه لا يُبطل الصيام؛ لكن فعل ذلك عن عمد يبطل الصيام، فعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم: ((أسبِغِ الوضوء، وخلِّل بين الأصابع، وبالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً))؛ أخرجه الأربعة، وصحَّحه ابن خزيمة، ولأبي داود في رواية: ((إذا توضَّأت فمَضْمِض)). [11]
  • القبلة وغيرها من المثيرات، وذلك لأنها تُثير الشهوة، وهي تؤدي إلى إفساد الصوم.
  • النظر إلى الزوجة لوقتٍ طويل والتفكير بالجماع، فإنها تُفسد الصيام وتُثير الشهوة.
  • تذوق الطعام إلا أن كانت هناك ضرورة فلا كراهة لذلك، إذ يمكن نزول شيء من الطعام إلى الجوف أو ابتلاعه مما يفسد الصيام.
  • الصيام ليومين أو أكثر دون تناول شيء من الطعام والشراب في الليل، فهذا ما يسمى بالوصال في الصيام الذي يسبب ضعف الجسم.
  • اشتمام روائح قوية.
  • استخدام السواك بعد الزوال أي بعد الظهر.
  • جمع الريق وابتلاعه يُفسد الصيام وقد يصل إلى الجوف ويبتلعه الصائم ويفسد صيامه.
  • الحجامة، وهي طريقة استخراج الدم الفاسد من الجسم فهي تسبب ضعف جسم الصائم.
  • الانشغال باللعب واللهو فهذه أمور من الترفه التي لا تتناسب مع الصوم ولا تناسب معانيه الروحية.

أركان الصيام

توجد عدة أركان للصيام التي سنذكرها فيما يلي: [12]

  • الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس: قال الله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ"[البقرة - الآية 187]، أي يظهر بياض النهار وسواد الليل.
  • النية: وهي أن يقصد المسلم بالنية الإمساك عن المفطرات والنية على الصيام عبادةً لله عز وجل، وذلك لقوله -صلّ الله عليه وسلم- "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" (متفق عليه).
  • النية في الصيام: يجب أن يبيت المسلم نيته على الصيام من الليل إذا كان الصيام واجباً، لكن إن كان صيام نوافل فلا يجب تبييت النية، حيث يصح للمسلم أن يصوم النوافل بنية من النهار وذلك إن لم يتناول شيئاً مفطراً، وذلك لما روي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ  ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ". (رواه مسلم)
  • الطهارة: يستحب أن يكون الصائم خلال أيام صيامه على طهارة، فإذا أصبح جنبًا صح صومه لكن عليه أن يغتسل، فقد كان رسول الله -صلّ الله عليه وسلم- ربما يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم. [13]

مباحات الصيام

ذكرنا في السابق مكروهات ومستحبات الصيام، فدعونا نذكر مباحات الصيام من خلال ما يلي: [14]

  • الجلوس في الماء لتبريد الجسم، والاغتسال.
  • النخامة وبلع الريق.
  • تذوق الطعام باللسان فقط وذلك بشرط عدم دخول أي شيء من الطعام إلى الجوف.
  • اشتمام معطرات الجو والروائح الخفيفة.
  • استعمال السواك قبل الظهر أو بعده لكن يحذر الصائم بأن يكون السواك رطباً وأن يصل شيء منه للجوف لأنه بذلك يفطر، حيث يجوزُ للصائم أنْ يَستاك في نهار رمضان؛ لحديث النبي -صلَّ الله عليه وسلَّم-: ((لولا أنْ أشقَّ على أمَّتي لأمرتُهم بالسِّواك عند كلِّ صلاة))؛ (أخرجه البخاري 847 ومسلم 252، وفي رواية: ((عند كلِّ وضوء)) أخرجها النسائي وابن خزيمة، وصحَّحه عن مالك، انظر: "الإرواء"؛ للألباني 1/ 109).
    فلم يخصَّ الرَّسول -صلَّ الله عليه وسلَّم- الصائم من غيره، بل هو عامٌّ يشمَلُ السِّواك عند كلِّ صلاة للمُفطِر والصائم. ولحديث زياد بن جرير قال: "ما رأيت أحدًا أدوم سِواكاً وهو صائمٌ من عمر بن الخطاب". (رواه ابن أبي شيبة 3/ 35 بإسنادٍ صحيح).
  • الكحل والقطرة في العين فإن هذه الأمورُ لا تُفطِّر؛ حيث نصَّ عليها شيخُ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله- في رسالته "حقيقة الصيام".
    وذلك لما ورَد عن أنس: "أنَّه كان يكتحلُ وهو صائم"؛ ("صحيح أبي داود" 2/ 452، وقال الألباني: حسن موقوف، وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 47).
  • تحليل الدم وضرب الإبر لا تُفطِّر الصائم، ولكن بشرط ألاَّ تكون هذه الإبر مُغذِّية كالجلوكوز، ولكن لو كانت إبرةً عاديَّة مثل حقنة دواء فلا بأس بها.

ذكرنا خلال هذا المقال مستحبات الصيام، مكروهات الصيام، أركان الصيام ومباحات الصيام، يجب على كل مسلم ومسلمة التقيد بها لما لها من أجر كبير عند الله عز وجل وخاصة أثناء الصيام.

  1. "(تسحروا فإن في السحور بركة)" ، منشور على موقع islamqa.info
  2. "فضل السحور" ، منشور على موقع islamweb.net
  3. "(لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)" ، منشور على موقع islamqa.info
  4. "باب تعجيل الإفطار" ، منشور على موقع .islamweb.net
  5. "باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة" ، منشور على موقع islamweb.net
  6. "الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود" ، منشور على موقع dorar.net
  7. أ ب "هل للصائم عند فطره دعوة واحدة مستجابة أم أكثر؟" ، منشور على موقع ar.islamway.net
  8. "بيان كيفية صيام الجوارح" ، منشور على موقع binbaz.org
  9. "مقاصد الشريعة الإسلامية من الصيام (2 -2)" ، منشور على موقع islamonline.net
  10. "[مكروهات الصوم]" ، منشور على موقع al-maktaba.org
  11. "شرح حديث: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" ، منشور على موقع alukah.net
  12. "أركان الصوم" ، منشور على موقع alqabas.com
  13. "ما يجوز للصائم" ، منشور على موقع islamic-content.com
  14. "مباحات الصيام ومفسداته" ، منشور على موقع alukah.net
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار