أنواع الغضب عند الأطفال وكيفية التعامل معه

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
أنواع الغضب عند الأطفال وكيفية التعامل معه

عندما نغضب أو نثور قد نبطش بمن أمامنا أو نحطم الأشياء من حولنا، ربما هذه هي الطريقة التقليدية التي يلجأ إليها البشر للدفاع عن مصالحهم أو التعبير عن حاجاتهم المكبوتة أو إثبات وجودهم، ويحدث الأمر ذاته أيضاً عند الأطفال، ففي حال تعرض الطفل لموقف مثير للإحباط من أحد والديه، كتأخره في تنفيده وعده له بشيء ما أو عدم شرائه للعبة التي يرغب بها، نجد أن الطفل يصدر استجابة سلوكية عنيفة يعبّر  عن استيائه ورفضه لهذا الموقف، في هذا المقال نوضح لك تعريف الغضب عند الأطفال وأنواعه وأسبابه وكيفية إدارة الغضب عند الأطفال.

الغضب عند الأطفال

يمكن أن نعرّف الغضب عند الأطفال بأنه حالة من التوتر يتبعها انفجار شامل وانفعال شديد أو ثورة عارمة بجميع المشاعر المصاحبة لها في نفس الطفل، وعادةً ما يصاحب هذا الانفعال سلوكاً عدوانياً قد يعبّر عنه من خلال الصراخ والبكاء أو الضرب والاعتداء اللفظي أو الجسدي وغيرها. [1]

وتعتبر مواقف الفشل والإحباط أو وجود عقبة ما تمنع الطفل من تحقيق رغباته وأفكاره من أهم الأسباب الأساسية للغضب عند الأطفال. [1]

ومن أبرز مظاهر الغضب عند الأطفال؛ البكاء والصراخ، ومجادلة الكبار والشجار معهم، والسرقة بدافع الانتقام، وتخريب ممتلكات الآخرين أو الممتلكات الشخصية أو التكسير، والاعتداء اللفظي والجسدي، والمشاحنات الكلامية وقذف الشتائم، والعناد وعصيان الأوامر، وكبت مشاعر الكراهية تجاه شخص أو موقف معين. [1]

ومن المهم أن نشير إلى أن أشكال استجابات الغضب والسلوكيات العدوانية تعتبر متغيرة بفعل مجموعة من العوامل، منها: عمر الطفل والثقافة السائدة في الأسرة والمجتمع المحلي، والخصائص النفسية التي يتميز بها كل طفل عن الآخر. [1]

أنواع الغضب عند الأطفال

غالباً ما تتعلق ردة الفعل الغاضبة الصادرة عن الطفل بنوع الهدف الذي يريد تحقيقه من خلال السلوك العدواني أو مضمون الرسالة، التي يريد إيصالها لمن حوله عن طريق إشهار سلاح الغضب. [1]

وإذا أجرينا تحليلاً بسيطاً للمواقف المختلفة التي يستجيب لها طفلك بانفعال الغضب، يمكن أن نلاحظ أن هناك عدة أنواع للغضب الذي يشعر به، إذ إنه يختلف بحسب الدافع الذي أدى له: [1]

  • الغضب الدفاعي: قد يشعر الطفل بأنه مظلوم في بعض المواقف، مثل: اتهامه بشيء لم يفعله، مما يؤدي إلى استجابته بطريقة عدوانية وغاضبة بهدف الدفاع عن نفسه.
  • الغضب بدافع فرض القوة والسيطرة: بعض الأطفال وبسبب ظروف نفسية واجتماعية معينة لديهم نزعة نحو السيطرة على الآخرين وفرض قوتهم في بعض المواقف، وهم يتصرفون بغضب أو ربما بعدوانية نحو الأشخاص أو الأمور التي تمنع تحقيق سيطرتهم، هذا تماماً ما يحدث مع الأطفال المشاكسين الذين يعتدون على زملائهم في المدرسة.
  • الغضب الانتقامي: يحدث هذا النوع عندما يشعر الطفل بأن هناك شخصاً ما قد أضر به ويرغب بالانتقام منه، لهذا قد يعتدي على زميله الذي وشى به أمام المعلم، أو يخرب ممتلكات المنزل لأنه انزعج من والديه، أو يسرق ممتلكات أخيه الذي يغار منه.
  • الغضب المتعلق بعدم تحقق الرغبات: جميع الأطفال يغضبون عند شعورهم بالإحباط بسبب وجود شيء ما يمنعهم من تحقيق رغباتهم والوصول إلى أهدافهم، وهذا ما يفسر نوبات الغضب التي تنتاب الطفل عندما يمنعه والداه من الخروج ليعلب مع رفاقه.
  • الغضب المفتعل: وفي هذا النوع لا يشعر الطفل بالغضب فعلاً، وإنما يُظهر غضبه، لأنه اعتاد على أن الغضب سلاح ناجح يمكّنه من تحقيق رغباته، فالطفل الذي يلاحظ أن رفاقه أو أخوته الأصغر سناً يخافون منه عندما يكون غاضباً، سيفتعل الغضب دائماً كي يضمن رضوخهم لرغباته.
  • الغضب المحوّل: وهو النوع الذي يحوّل فيه الطفل مشاعر استيائه نحو موضوع أو شخص ما لعجزه عن إبراز غضبه تجاه الموضوع الأساسي، وهذا ما يحدث عندما يكبت الطفل انزعاجه من المعلم في المدرسة ويعود ليصب مشاعره المكبوتة في المنزل أمام الوالدين.

أسباب الغضب عند الأطفال

بما أن غضب الأطفال هو استجابة شعورية لموقف معين أزعج الطفل، فإن نوع هذه الاستجابة من حيث الشدة أو الشكل يختلف بحسب الأسباب التي أدت لحدوث هذا الموقف المزعج، ومن هنا يمكن أن نحدد أبرز الأسباب التي قد تثير الغضب عند الأطفال: [2]

  • الفشل في تحقيق الأهداف أو الرغبات: فعندما يسعى الطفل لتحقيق هدف معين، ويناضل للوصول إليه ويضع الخطط والأفكار التي سينفذها عند بلوغ هذا الهدف، وفي النهاية يفشل في تحقيقه لأن هناك حائل ما يمنع تحقيق رغباته؛ سيُصاب بالإحباط ويشعر بغيظ شديد وغضب حاد، فالطفل الذي يخطط مع أصدقائه لما سيفعلونه خلال الرحلة التي تقوم بها المدرسة، وربما يحضر أغراضه ويتحدث كل يوم مع أصدقائه في هذا الأمر، ويجد أخيراً أن والديه لن يسمحا له بالخروج في هذه الرحلة من الطبيعي أن يشعر بالاكتئاب ومن ثم الغضب.
  • الغيرة من طفل آخر: إذ إنه يمكن ملاحظة زيادة غضب الطفل وسلوكياته العدوانية عند قدوم مولود جديد إلى الأسرة واستئثاره برعاية واهتمام الجميع، أو عند مقارنة الطفل مع أحد من أقرانه بهدف تحفيزه على تقليد سلوكه، مما يثير الغيرة عند الطفل.
  • الشعور بالنقص: قد يستخدم الطفل الغضب والعدوان بهدف إثبات وجوده وتعويض النقص الذي يشعر به بسبب اعتقاده بأن الآخرين أفضل منه ولديهم ما يميزهم عنه، ويحاول بعض الأطفال إزعاج إخوتهم الأصغر سناً، بحجة أنهم الأخوة الكبار ويحق لهم فرض سيطرتهم على إخوتهم الأصغر، ولكن الدافع الحقيقي يكون ناتجاً عن شعورهم بالنقص، لأن أخوتهم يتمتعون بإمكانيات أكثر ويحظون برعاية أكبر من الوالدين.
  • المعاملة السيئة من الوالدين أو المعلمين والمربين: بعض الآباء والأمهات والمعلمين والمربين يعاملون أطفالهم بطريقة قاسية أو بقدر غير كافٍ من الاهتمام، وهذا ما يتسبب في خلق شخصية متوترة وغاضبة عند الطفل ويجعل منه شخصاً حاد الطباع ويعامل الآخرين بقسوة.
  • الرضوخ لرغبات الطفل عند استخدامه سلاح الغضب: مما يدفع لإعادة الكرة مرة أخرى بهدف تحقيق ما يريد، لأنه رأى في الغضب طريقة فعالة للضغط على الكبار.
  • تحديد حركة وحرية الطفل وكثرة الأوامر والنواهي: تتميز مرحلة الطفولة بفرط النشاط والمستوى العالي من الحيوية وكثرة الرغبات والأمور التي يرغب الأطفال بتجريبها، وفي حال المبالغة في تحديد حرية الطفل وحركته أو محاصرته بالنصائح والإرشادات وكثرة الأوامر والنواهي، تدفع الطفل للشعور بالتذمر والضيق، وبالتالي الاستجابة لهذه الأمور بعدوانية وغضب شديدين.
  • المحاكاة والتقليد: ويحدث هذا عندما يلاحظ الطفل أن الشخصية التي تعجبه ويعتبرها قدوة كأحد والديه أو شخصية كرتونية أو أحد أقرانه، تعالج مشاكلها عن طريق الغضب والسلوك العدواني، حينها يحاول الطفل تقليد هذه الشخصية والاقتداء بتصرفاتها، ننصحك بتعلم كيفية التعامل مع التقليد عند الأطفال.
  • طلب مهام معينة من الطفل قد تكون أكبر من قدراته: إذ إن عجز الطفل عن النجاح في تأدية ما يُطلب منه، يثير لديه الشعور بالغضب والعدوانية لتغطية عجزه، وهذا الذي يحدث في حالة التلميذ ضعيف المستوى الذي يطلب منه المعلم وظيفة أكبر من إمكانياته ويعجز عن القيام بها، ما يجعله يذهب ليصب غضبه أمام الوالدين عن طريق الصراخ وشتم المدرسة أو المعلمين.
  • التدخل في الأمور التي يعتبرها من خصوصياته: هناك بعض الأمور التي يعتبرها الطفل خاصة به وحده ولا شأن للآخرين بها، كالملابس التي يرغب بارتدائها أو اللعبة التي يريد اقتناءها أو سر ما يرغب في إخفائه عن الجميع، وعندما يتدخل أحد في هذه الأمور قد يرى الطفل في هذا اعتداء على عالمه وحياته الخاصة، ويستجيب لذلك بالغضب تجاه هذا التدخل، لذلك يجب على الوالدين والمربين إعطاء الطفل حريته في بعض الأمور غير الضارة من جهة وإيجاد وسائل جيدة لإقناعه بتعديل بعض قراراته الخاصة إذا كان فيها خطأ ما من جهة أخرى.

كيفية إدارة الغضب عند الأطفال

من غير الممكن أن تتعامل مع غضب طفلك واستجاباته العدوانية بردود فعل نمطية تتمثل في قمع ثورته وإجباره على كبت مشاعره الغاضبة بالتهديد أو القوة، أو التسامح التام والتغاضي عن تصرفاته غير المقبولة أو الامتثال لرغباته. [3]

وعوضاً عن ذلك، يجب أن تتصف ردة فعلك تجاه غضبه بالمرونة والتناسب مع الموقف الذي أدى لغضبه، وأن تستخدم كذلك الأسلوب الوقائي من خلال تعليمه كيفية إدارة الغضب والطريقة المناسبة للتعبير عن انزعاجه، إذ يمكن أن تحقق هذا من خلال اتباع الخطوات الآتية: [3]

  1. تقبّل حقيقة أن طفلك في بعض الأحيان قد لا يتمكن من السيطرة على سلوكه وتصرفاته؛ فهو لا يتمتع بقدرة الكبار على ضبط النفس وكبت المشاعر، لذا فإن شعوره بالغضب تجاه بعض المواقف أمر طبيعي ولا يحتاج للقلق.
  2. ابتعد عن الأسباب التي قد تثير الغضب عند الطفل، من خلال ملاحظة الأشياء التي قد تثير غضب طفلك وتحاول تعليمه كيفية السيطرة على مشاعره وإدارة غضبه، عن طريق تجاهل موضوع الغضب وإشغاله في شيء آخر عند شعوره بالتوتر ، ومن جهة أخرى يجب إبعاده عن مشاهدة النماذج العدوانية المتمثلة في بعض الشخصيات الكرتونية وألعاب الفيديو أو بعض الأفراد الموجودين حوله.
  3. يتمتع الأطفال بقدر كبير من الطاقة والحيوية والنشاط وهم بحاجة لتفريغها، ومن هنا تبدو ضرورة توجيهك لطفلك نحو بعض أنواع الأنشطة المفيدة المحببة لديه كممارسة الرياضة أو تنمية مواهبه كالرسم أو العزف على آلة موسيقية.
  4. أعطِ طفلك قدراً أكبر من الحرية ولا تحاول المبالغة في تحديد تصرفاته أو كبت مشاعره أو التدخل في شؤونه الخاصة من دون مبرر، دعه يلعب ويجرب ويكتشف أخطاءه، فكبت الحرية من أكثر الأشياء التي تثير غضب الأطفال واستياءهم.
  5. ساعد طفلك كي يتعلم حل مشكلاته بهدوء عن طريق التفكير فيها وتحليل عناصرها وفهم أبعادها، كي يعرف أن كل مشكلة لها حلها بدلاً من استسلامه لنوبات الغضب الحادة مع كل عقبة تعترض طريقه، فبعض الأطفال ينتابهم الغضب لأتفه الأسباب دون إجراء أي محاولة لحل مشاكلهم، فيغضبوا لأنهم فشلوا في حل مسألة رياضية، أو لأن والديهم رفضوا طلباً ما، أو لوقوع خلاف مع أحد الأقران.
  6. انتبه لعدم إفشال مخططات طفلك وإحباط توقعاته، ففي بعض الأحيان يمكن أن تعد طفلك بأنك ستأخذه في رحلة كي تشغله عنك، بالنسبة لك ربما ستنسى الأمر بعد دقائق، لكن الطفل سيفكر طوال اليوم في هذه الرحلة، ما الذي سيفعله فيها وربما سيتحدث مع أصدقائه عنها، لذلك عندما تفاجئه بأنك لن تنفذ ما وعدته به، فمن الطبيعي أن يدخل في نوبة من الغضب الحاد.
  7. كما ذكرنا تعتبر الغيرة من أكثر الأسباب التي تثير الغضب عند الأطفال والسلوك العدواني لديهم، لذا يجب على القائمين على رعاية الطفل الانتباه لهذه المسألة عند التعامل معه أو مع من يغار منهم، بالإضافة لإعطائه القدر الكافي الذي يتوقعه من الرعاية والاهتمام والحب والتقدير، كذلك عدم مقارنته مع أحد بهدف تحفيزه على شيء معين.
  8. من الضروري أن تعمل على ملء أوقات فراغ طفلك ببعض الأنشطة المحببة له والمفيدة في الوقت نفسه، كمشاهدة بعض برامج التلفزيون المفيدة له، وتشجيعه على اللعب مع أقرانه أو ممارسة هواية جديدة، فالطفل الذي يشعر بالفراغ سيزيد بالطبع تفكيره واهتمامه بالمشاكل بطريقة سلبية؛ وبالتالي تزداد احتمالات شعوره بالغضب والتوتر على أتفه الأسباب.
  9. انشر أجواء الاستقرار والتفاهم والتعاون والمحبة في المنزل أو غرفة الصف، كذلك قلل أسباب التوتر والخلافات الأسرية؛ بعدم معالجتها أو مناقشتها أثناء وجود الطفل، فهو كثيراً ما يتعلم الغضب من خلال تقليد ما يلاحظه على أحد والديه.
  10. لا تكبت انفعالات الطفل بصورة مبالغ فيها؛ فهذا قد يؤدي إلى زيادة العناد أو اعتياد الطفل على عدم التعبير عن مشاعره وعن رغباته، ولجوئه لأساليب أخرى قد تكون أكثر خطورة من الغضب لتفريغ مشاعره كالسرقة مثلاً أو تخريب الممتلكات بشكل سري، ومن جهة أخرى يجب عدم مسايرة الطفل أو الرضوخ لرغباته عند استخدامه لسلاح الغضب، فسوف تؤدي الاستجابة لطلباته في هذا الموقف إلى اعتبار الغضب وسيلة ناجحة للضغط على الوالدين بهدف تحقيق رغباته، وبالتالي سيعيد الكرة دائماً.

وبذلك، نكون قد أوضحنا لك في هذا المقال تعريف الغضب عند الأطفال وأنواعه وأسبابه وكيفية تعليم الطفل إدراة غضبه وسلوكه العدواني، فاحرص على التعامل مع طفلك بالطريقة المناسبة لكل موقف، ولا تبالغ في رد فعلك أو تنفعل بشدة نتيجة لسلوكه الخاطئ، لأن الأطفال يكتسبون مشاعرهم ممن حولهم، ويقلدون تصرفاتهم.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار