مرض الاسقربوط (Scurvy) أو عوز فيتامين C

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
مرض الاسقربوط (Scurvy) أو عوز فيتامين C

قد نسمع عن مرض الاسقربوط وقد نعرف أنَّه ينتج عن فقدان فيتامين سي، لكن انحسار أعداد المصابين بمرض الاسقربوط وسهولة علاجه في الظروف الطبيعية جعلنا نفقد اهتمامنا بهذا المرض.

لكن هل نحن بأمان من الإصابة بالاسقربوط؟ هذا ما سنحاول أن نجيبكم عنه في سياق هذه المادة.

ما هو مرض الاسقربوط؟

الاسقربوط: هو مرض ينتج عن نقص فيتامين سي vitamin C في الجسم، ويمتد الاسقربوط اسمه من الاسم العلمي لفيتامين سي (Ascorbic Acid).

وعلى الرغم أنَّ الاسقربوط ليس شائعاً في أيامنا هذه إلَّا أنَّه كان منتشراً وفتَّاكاً في العصر الفكتوري وخاصَّة بين البحَّارة.

حتَّى أنَّه سمي وباء البحر Scourge of the Sea على الرغم من عدم وجود أي رابط بين الإبحار والإصابة بالاسقربوط سوى النظام الغذائي الذي اتبعه بحَّارة ذاك العصر.

فكانت الرحلات الطويلة للبحارة مع نظام غذائي خالٍ تقريباً من الخضراوات والفاكهة تؤدي إلى نقص حاد في فيتامين C.

ويشير موقع (BBC) إلى أن الإسقربوط قتل من البحَّارة البريطانيين في القرن الثامن عشر أكثر مما قتل العدو! وفي إحدى الرحلات مات حوالي ثلثي الطاقم (1300 قتيل) نتيجة الإصابة بالاسقربوط.

أعراض lvq الاسقربوط

  • تورم ونزيف اللثة، واحد من أبرز أعراض الاسقربوط، حيث يشعر المريض أن أسنانه تكاد تسقط مع تقرحات ونزيف، ويمكن أن تتعرض الأسنان للكسر.
  • يؤدي مرض الاسقربوط إلى ظهور بقع حمراء وزرقاء على الجلد تتطور مع تطور المرض لتأخذ لوناً داكناً مع نمو الشعر تحت الجلد (جراب الشعر Hair Follicles).
  • آلام شديدة في العظام والمفاصل نتيجة النزيف داخل العظام، وقد يؤدي إلى تقوس الساقين وتشوهات العظام عند الأطفال الصغار.
  • الإصابة بفقر الدم نتيجة سوء امتصاص الحديد.
  • سهولة تشكُّل الكدمات على الجلد.
  • صعوبة التئام الجروح الجديدة.
  • كما يؤدي الاسقربوط إلى شعور دائم بالتعب والإرهاق إضافة إلى فقدان الشهية.
  • في حال التأخر بعلاج عوز فيتامين سي يمكن أن يؤدي الاسقربوط إلى الإصابة باليرقان وتشكل وذمة، إضافة إلى الإصابة بالاعتلال العصبي وانحلال الدم ومشاكل قلبية خطيرة.
  • يعتبر الاسقربوط مرضاً قاتلاً ما لم يتم علاجه بالسرعة اللازمة، علماً أنَّ ما كان يحول دون العلاج سابقاً هو الجهل بالأسباب.

ما الذي يحدث في الجسم عند الإصابة بعوز فيتامين سي "الاسقربوط"؟

مرض الاسقربوط (Scurvy) أو عوز فيتامين C

عادة ما تبدأ أعراض الاسقربوط بالتعبير عن نفسها بعد ثلاثة أشهر من الانقطاع الكامل عن أخذ كمية كافية من فيتامين C، حيث يعجز الجسم عن توليد فيتامين C ذاتياً.

ولذلك يحصل عليه من المصادر الغذائية فيفقد مخزونه خلال ثلاثة أشهر من انقطاع المصادر الخارجية.

ويلعب فيتامين سي دوراً رئيسياً في إنتاج مادة الكولاجين (Collagen)، والكولاجين من البروتينات التي توجد في الجلد والعظام والغضاريف والأوعية الدموية والأوتار.

يعمل الكولاجين على منح الجلد مرونته كما يعمل على استبدال الخلايا الميتة، فيما يعمل الكولاجين كالغراء بالنسبة للعظام والمفاصل فيحافظ على قوتها وترابطها.

وهذا ما يفسر معظم الأعراض التي ذكرناها لنقص فيتامين سي أو مرض الاسقربوط، خاصَّة ما يتعلق بآلام العظام وبطء التئام الجروح ونزيف اللثة.

يُعتبر فيتامين سي أيضاً جزءاً رئيسياً من عملية امتصاص الحديد عبر السبيل الهضمي ما يؤدي بالتالي إلى فقر الدم عند الإصابة بالاسقربوط.

كما أنَّ فيتامين سي ضروري لتحويل حمض الفوليك إلى حمض الفولينيك، ويعتبر فيتامين سي مهماً لحماية الأوعية الدموية والحمض النووي والبروتين من الأضرار الناجمة عن الجذور الحرة.

علاج الاسقربوط بسيط وسريع تظهر نتائجه من اليوم الأول

يعتبر العلاج من الاسقربوط أمراً بالغ البساطة إذا ما قارنَّاه بالمعاناة التي يسببها المرض نفسه، فكل ما يحتاج إليه المريض هو تعويض سريع وكافٍ لفيتامين C في جسمه.

قديماً كان يتم الحصول على فيتامين سي لمرضى الاسقربوط من خلال شرب عصير الليمون والبرتقال، والآن أصبح فيتامين سي متوفراً بأقراص تؤخذ عن طريق الفم.

حيث تبدأ أعراض الاسقربوط بالانحسار منذ اليوم الأول للعلاج باستثناء مشاكل الأسنان التي تحتاج وقتاً أطول، كما أنَّ العلاج يستمر حتَّى يستعيد المريض عافيته.

ويقوم الأطباء بتحديد الجرعات اللازمة من فيتامين سي بالنسبة للمريض مع مراقبة حالته وتحديد مصادر الفيتامين الغذائية والدوائية.

الوقاية من الاسقربوط تتطلب نظاماً غذائياً متوازناً

من البديهي أن الوقاية من الاسقربوط تتمثل في الحصول على كميات كافية من فيتامين سي والتي نجدها في معظم  الخضراوات والفواكه.

كما يعتبر اللجوء إلى الحمضيات كالبرتقال والليمون الطريقة المثالية للحصول على حصتنا من فيتامين سي.

ونلفت انتباهكم إلى أنَّ طهي الخضراوات أو الفواكه يفقدها كمية كبيرة من قيمتها الغذائية لذلك ننصح بالحصول على الخضراوات أو الفواكه الطازجة بشكل يومي.

ويمكن الحصول على هذه الحصَّة من خلال أقراص فيتامين سي الفوارة شائعة الاستخدام.

حيث توصي إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية FDA بالحصول على 90مل غرام يومياً من فيتامين C، كما ينصح أن تحصل المرأة الحامل على 120 مل غرام يومياً من فيتامين سي.

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالإسقربوط

كان البحَّارة على رأس الأشخاص المعرضين للإصابة بالاسقربوط بسبب نظامهم الغذائي شبه الخالي من الخضراوات والفواكه.

لكن بعد أن تم التوصل إلى أسباب المرض وعلاجه ألزمت الحكومة البريطانية السفن على حمل عصير الليمون والبرتقال لتجنب الإصابة بنقص فيتامين سي.

وجد البحَّارة إذاً طريقة لتجنب الإصابة بالإسقربوط، لكن هناك من لا يزال عرضة للإصابة  بعوز فيتامين سي:

  • الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في المناطق الأكثر فقراً من العالم، ومخيمات اللاجئين.
  • الأشخاص الذين يعتمدون في نظامهم الغذائي على اللحوم أو الأطعمة الخالية من فيتامين C، وعلى رأسهم كبار السن والرجال العازبون الذين يعتمدون على الوجبات السريعة.
  • المصابون بفقدان الشهية نتيجة مشاكل نفسية أو أمراض معينة معرضون أيضاً لعوز فيتامين C.
  • كما تحتاج النساء الحوامل والمرضعات إلى الحصول على كمية أكبر من فيتامين C.
  • المدخنون والذين يتناولون الكحول أكثر عرضة لنقص فيتامين C ما لم يحصلوا على كميات إضافية منه، لأنهم يعانون من سوء امتصاص هذا الفيتامين.
  • الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات هضمية ومعوية، خاصَّة الذين يعانون من أمراض الأمعاء الدقيقة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاسقربوط.
  • كذلك يكون عرضة للإصابة بالاسقربوط من يعاني من فرط الحديد في الجسم، حيث يستهلك جسمه كميات أكبر من فيتامين C.

الاسقربوط واليوم العالمي للتجارب السريرية

مرض الاسقربوط (Scurvy) أو عوز فيتامين C

قد يبدو مرض الاسقربوط غريباً بالنسبة لنا لقلة عدد المصابين به حول العالم حتَّى أنَّ الأطباء يتعاملون معه أحياناً كمرض منقرض.

فيقومون بتشخيص خاطئ عدَّة مرات قبل الوصول إلى النتيجة "المريض يعاني من نقص حاد بفيتامين سي".

هناك على سفينة تعبر الأطلسي في القرن الثامن عشر قرر الجراح الاسكتلندي جيمس ليند (James Lind 1716-1794) أن يجري تجربة سريرية على مرضى الاسقربوط دون أن يعرف ما سبب هذا المرض المميت الذي يقتل البحَّارة.

اختار ليند 12 مصاباً بوباء البحر، وكانوا جميعاً يعانون من نفس الأعراض وفي نفس المرحلة المرضية وقد خضعوا لنظام غذائي متطابق، ووضعهم في مكان واحد لتكون ظروفهم متطابقة.

لكنَّه قسمهم إلى ستِّ مجموعات، ومنح كلَّ مجموعة علاجاً ابتكره هو دون أن يدري مدى فعاليته، لقد كان يتعامل مع موتى على كل حال!.

اشتملت العلاجات التي اقترحها ليند على:

  1. عصير التفاح.
  2. الخل.
  3. حامض كبريتي (Elixir Vitriol).
  4. التعرض لتيار مياه البحر.
  5. علاج أوصى به جراح المستشفى.
  6. الليمون والبرتقال.

كانت المجموعة التي حصلت على برتقالتين وليمونة يومياً هي المجموعة الوحيدة التي شهدت تحسناً ملحوظاً، بذلك يكون ليند قد وصل إلى علاج الاسقربوط قبل الوصول إلى أسباب المرض.

علاج الاسقربوط يعتبر أول تجربة سريرية تحت المراقبة

دخل ليند التاريخ الطبي من أوسع أبوابه، لتنسب إليه أول تجربة سريرية تحت المراقبة في تاريخ الطب، كما يحتفل العالم بيوم التجارب السريرية في العشرين من أيار/مايو من كل عام وهو تاريخ بداية التجربة عام 1747.

كما أنشأت الكلية الملكية للأطباء مكتبة جيمس ليند عام 2003 تكريماً له لإسهاماته الطبية من خلال رسالة الاسقربوط التي نشرها عام 1753.

ختاماً... كل ما نحتاجه لتجنب الإصابة بالاسقربوط هو مراقبة نظامنا الغذائي والتأكد من إدخال حصَّة كافية من الخضراوات والفواكه ضمن هذا النظام للحصول على ما يكفي من الفيتامينات وخاصَّة فيتامين سي.