متلازمة الأمعاء المتهيجة (Irritable Bowel Syndrome)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
متلازمة الأمعاء المتهيجة (Irritable Bowel Syndrome)

يعد حصولنا على غذائنا والمواد الضرورية لأجسامنا أمراً غريزياً وبديهياً، حيث يتم هذا الأمر عن طريق تناول الأطعمة والمشروبات أولاً، وهضمها وامتصاص ما يلزم منها وطرح ما يتبقى عبر الجهاز الهضمي ثانياً، إذاً الجهاز الهضمي بمكوناته جميعها هو المسؤول الأساسي عن حصولنا على الغذاء الضروري.

تعمل مكونات الجهاز الهضمي كما كل مكونات الجسم بتناسق وتناغم، وأي اضطراب في أحد هذه المكونات ينعكس على عملية الهضم وإطراح الفضلات، والأمعاء بقسميها الدقيقة والغليظة كجزء من الجهاز الهضمي تصاب أيضاً ببعض الاضطرابات في وظيفتها وحركتها.

هذه الاضطرابات تحدث على مستوى الأمعاء في سياق الإصابة بمتلازمة الأمعاء الهيوجة أو القولون العصبي، مسببة أعراضاً مثل الألم البطني والإسهال والإمساك، لكن قبل الحديث عن سبب هذه الاضطرابات على مستوى الأمعاء في سياق القولون العصبي لابد لنا من التذكير بالأمعاء وآلية عملها.

لنفهم آلية عمل الأمعاء أولاً

تأخذ الأمعاء شكل أنبوبٍ يمتد من المعدة وحتى فتحة الشرج، كما تعتبر الأمعاء بقسميها الأمعاء الدقيقة والغليظة الجزء الأساسي المسؤول عن هضم الطعام، حيث يصل الطعام إليها آتياً من المعدة ويسلك طريقه على طولها، وأثناء هذا المرور تقوم الأمعاء بدورها، بامتصاص ما يلزم الجسم، وترك الباقي ليخرج على شكل فضلاتٍ.

طبعاً هذا الطعام الذي نتناوله والفضلات التي تنتج عنه لا تتحرك ضمن الأمعاء من تلقاء نفسها، بل هي تمشي وتعبر نتيجة تقلص العضلات الموجودة في جدران الأمعاء، هذه العضلات لاإرادية (أي أنها تتقلص بشكل غير خاضع لإرادتنا وتحكمنا وفق أسلوبٍ وإيقاع (تواتر) وشدة معينة يحددها الجسم بنفسه)، ونتيجة هذه التقلصات تتحرك المواد الموجودة في الأمعاء؛ ليتم امتصاصها وطرح المتبقي منها، تدعى هذه التقلصات بالحركات التمعجية للأمعاء، والتي تكون محصلتها النهائية التغوط وإخراج الفضلات.

ما هي أسباب تهيج الأمعاء؟

تعرف متلازمة الأمعاء المتهيجة (IBS) أو القولون العصبي بأنها حالة تصيب الأمعاء الغليظة (القولون)، تؤثر على تقلصات عضلات جدار الأمعاء الغليظة (كما قلنا سابقاً أن العضلات الموجودة في جدار الأمعاء تتقلص وفق إيقاعٍ وشدةٍ محددين للقيام بوظيفتها)، وظيفة القولون وتقلصات عضلاته تتمثل بتجميع الفضلات وامتصاص الماء منها وتحضيرها ليتم إخراجها عن طريق فتحة الشرج، هذه العملية يتم تنظيمها بشكل لا إرادي.

لكن الذي يحدث في متلازمة الأمعاء الهيوجة أن تقلصات عضلات القولون تضطرب لسبب ما، أي تصبح غير منتظمة، فتتسارع أحياناً وتتباطأ أحياناً أخرى؛ مما يسبب الأعراض التي يعاني منها المريض من إسهال وإمساك وألم بطني، تعد هذه المتلازمة حالة مزمنة (أي أن المريض يعاني منها لفترة طويلة)، وهي تحدث على شكل نوباتٍ متفرقةٍ.

مسببات حدوث تهيج الأمعاء

حقيقةً إن سبب متلازمة الأمعاء الهيوجة غير معروف، حيث تعد مجهولة السبب الأصلي لحدوثها، هناك العديد من الفرضيات التي طرحت لتفسيرها، كحدوث مشاكل في الهضم وزيادة حساسية الأمعاء ونوعية الطعام والحمية التي يتبعها المريض، كل هذه الفرضيات تحاول تفسير سبب حدوث المتلازمة وأعراضها، لكن لم يتم إثبات المسبب تحديداً، سنعرض أهم هذه الفرضيات فيما يلي:

  • مشاكل في عملية الهضم: تكلمنا سابقاً أن الأمعاء تقوم بهضم الطعام وامتصاص المواد منه وطرح الفضلات، هذه العملية تتم عبر تقلصات عضلات جدار الأمعاء التي تكون منتظمة وبشدة محددة، تصل كما قلنا الفضلات إلى القولون الذي يقوم بتجميعها وتجهيزها للطرح، والقولون كقسم من الأمعاء يملك حكماً عضلات في جداره تتقلص بتنظيم معين وتحرك الفضلات باتجاه الشرج ليتم طرحها.

تقترح هذه الفرضية أن هذه العملية المنتظمة للأمعاء عموماً وللكولون خصوصاً تضطرب لسبب ما، هذا السبب غير محدد أي أنه قد يكون شيئاً غير واضح أو حتى غير مهم لكنه يؤثر على هذه الوظيفة للأمعاء لسبب ما وعند أشخاص معينين.

بمعنى آخر قد يكون هناك نوع طعام مثلاً يسبب هذه الأعراض عند شخص ولا يسببها عند آخر، أو قد يكون هناك خلل في تنسيق حركة الأمعاء نتيجة بطء في نقل التنبيه العصبي بين الأمعاء والدماغ وهذا يسبب الأعراض، أي أن هذه المشاكل في الهضم تختلف من شخص إلى شخص ولا يمكن تحديدها بدقة.

  • فرط حساسية الأمعاء: هناك أحاسيس مختلفة نشعر بها في الجهاز الهضمي، إحساس الجوع والشبع، إحساس ببعض المغص ووجود الغازات وطبعاً الرغبة بدخول المرحاض للتغوط، هذه الأحاسيس كلها تحدث بسبب التنسيق بين الأعصاب الموجودة في الجهاز الهضمي والدماغ.

حيث تقوم الأعصاب بنقل الإشارات والتنبيهات إلى الدماغ وهو يقوم بتفسيرها والتعامل معها، فمثلاً عند وصول الفضلات إلى القسم الأخير من الأمعاء الغليظة أو ما يعرف بالمستقيم، ينتقل تنبيه إلى الدماغ بوجود الفضلات هناك وأنه يجب الدخول إلى المرحاض.

ما تطرحه هذه الفرضية هو أن الأمعاء تصبح حساسة أكثر، أي بمعنى أنها ترسل للدماغ إشارات أكثر كلما حدث شيء سواء كان اعتيادياً أم لا، مثلاً: مغص خفيف أو تقلص مزعج في الأمعاء يكون اعتيادياً وغير ملاحظ عند معظم الأشخاص.

لكن عند الشخص المصاب بمتلازمة الأمعاء الهيوجة هذا المغص يشعر به المريض كألم بطني مزعج جداً نتيجة هذه الحساسية الزائدة، وممكن أن يجعل الأمعاء تتهيج وتضطرب كلها مسبباً إسهالاً وإحساساً بالنفخة، بكلام آخر يصبح هنا تضخيم للتنبيهات التي تحدث في الأمعاء.

  • العوامل النفسية: تؤثر حالتنا النفسية بشكل مباشر على أجسامنا وصحتها، فهي تنعكس إيجاباً في حال كانت جيدة وسلباً إذا كان العكس، أجهزتنا الهضمية عموماً والأمعاء على وجه الخصوص خاضعة لهذه القاعدة.

حيث وجد أن للخوف والقلق والحالة النفسية المتوترة تأثيراً على الأمعاء، إذ تسبب تهيجاً واضطراباً في حركتها وتجعلها غير مستقرة؛ وهذا يؤدي إلى ظهور أعراض متلازمة الأمعاء الهيوجة، وقد يكون الشخص لم يعاني من أي مشكلة على مستوى حركة الأمعاء في كل حياته، لكن الأعراض ظهرت وبدأت بعد مروره بتجربة قاسية وحالة نفسية سيئة.

السبب الغالب لتأثير الحالة النفسية السيئة على الأمعاء أنه في حالات القلق والشدة والضغط ينتج الجسم هرمونات ومواد كيميائية مثل الأدرينالين وغيره كردة فعل على هذا القلق، هذه المواد تؤثر على الجسم ككل ومن ضمنه الأمعاء فتسبب اضطراب حركتها وتهيجها.

محفزات حدوث تهيج الأمعاء والقولون

تعد بعض الأمور محفزة لحدوث متلازمة الأمعاء الهيوجة كالأطعمة والحالة النفسية وغيرها، يعتبر وجود هذه الأمور محرضاً ودافعاً لحدوث أعراض المتلازمة، هذه المحفزات تختلف من مريض لمريض ومن شخص لآخر، فمحفز عند شخصٍ معين لا يسبب بالضرورة أي عارض عند شخصٍ آخر، وسنعرض فيما يلي أهم المحفزات للحدوث:

  • بعض الأطعمة: يعد تناول أطعمة معينة عند بعض الأشخاص أمراً محرضاً لحصول نوبة وأعراض متلازمة الأمعاء الهيوجة، السبب وراء التأثير السلبي لهذه الأطعمة أهو حساسية أم غير ذلك غير معروف، وجد فقط أن أطعمة معينة كالشوكولا والحليب والمكسرات والتوابل والكحول، تقوم بتحريض الأعراض عند تناولها من قبل بعض الأشخاص، طبعاً كما قلنا قد يكون أحد هذه الأطعمة التي تسبب أعراضاً عند مريض معين لا تسبب أي مشكلة عند مريض آخر ويتناولها بشكل طبيعي.
  • الضغط النفسي (STRESS): تحدثنا سابقاً أن للحالة النفسية تأثيراً على القولون وتقلصات عضلاته، حيث أن التعرض لضغط نفسي في بعض المواقف مثل الحزن الشديد والصدمات، أو حتى التوتر الشديد قبل الامتحان أو مقابلة عمل مثلاً، ممكن أن يحرض الأعراض ويجعلها أسوأ.
  • الهرمونات: نسبة إصابة النساء تكون أعلى من نسبة إصابة الرجال بمتلازمة الأمعاء الهيوجة (IBS)، السبب في ذلك هو التبدلات الهرمونية التي تتعرض لها المرأة بشكل دوري أثناء دورتها الشهرية، هذه التبدلات تجعل الأمعاء أكثر حساسية وتتأثر بالمسببات أكثر من الرجال، وقد لوحظ أن الأعراض تزداد شدةً في فترة ما قبل الدورة الشهرية.
  • أمراض أخرى: هناك أمراض تصاب بها الأمعاء ممكن أن تحرض حدوث الأعراض بعد الإصابة بها، أهم هذه الأمراض التهاب الأمعاء الذي تسببه بعض الجراثيم أو الفيروسات، التي تسبب بحد ذاتها حدوث أعراض هضمية كالإسهال والإقياء، وبنفس الوقت تقوم بتحريض أعراض القولون العصبي.

أعراض متلازمة الأمعاء المتهيجة

تكون الأعراض المرافقة لمتلازمة الأمعاء الهيوجة ناتجة كما قلنا عن اضطراب حركة عضلات جدار الأمعاء والقولون، حيث تصبح التقلصات سريعة أكثر من المعتاد أو بطيئة أكثر من المعتاد ويسبب ذلك الأعراض التي سنتكلم عنها بعد قليل، هذه الأعراض تختلف من شخص لأخر بشكل كبير، أي أن المريض قد يعاني من الأعراض بشدة أو أن تكون خفيفة قد يكون هناك عرض واضح أكثر من غيره، تأتي هذه الأعراض بشكل نوب تشتد فيها الأعراض لتخف بعد عدة أيام، أهم الأعراض المرافقة هي:

  • الألم البطني والمغص (Abdominal pain): ينتج هذا الألم عن التقلصات المضطربة وغير المنتظمة لعضلات جدار الأمعاء، بالتالي تضطرب حركة المواد والفضلات الموجودة فيها ما يعطي إحساساً بالألم والانزعاج، يزداد هذا الألم بعد تناول الطعام ويرتاح بعد التغوط.
  • الإسهال (Diarrhea): يحدث الإسهال نتيجة زيادة سرعة وشدة تقلصات عضلات القولون، هذا يحدث في سياق متلازمة الأمعاء الهيوجة، زيادة سرعة التقلصات تجعل المواد ضمن القولون والأمعاء تتحرك بشكل أسرع، فلا تترك للأمعاء الوقت الكافي لامتصاص الماء الزائد منها؛ بالتالي تكون المحصلة خروج براز سائل وطري وهو ما يدعى بالإسهال (تحدثنا عن الإسهال بشكل مفصل في مقال سابق).
  • الإمساك (Constipation): الإمساك بشكل عام هو وجود ضعف وصعوبة في التغوط وإخراج الفضلات من القولون أو حتى توقفها بشكل كامل (تحدثنا عن الإمساك وأسبابه مفصلاً في مقال مستقل)، هذا الإمساك يحدث في سياق متلازمة الأمعاء الهيوجة نتيجة اضطراب حركة عضلات جدار الأمعاء كما قلنا، لكن هنا الحركات تصبح أبطأ وأقل فعالية وبالتالي يصبح طرح الفضلات أقل وأصعب ويحدث الإمساك.
  • الانتفاخ البطني (Flatulence): يعد من أكثر الأمور إحراجاً وإزعاجاً للمريض، فعملية إخراج الريح أو الغازات أمر طبيعي ويحدث في الجهاز الهضمي بشكل طبيعي، السبب في وجود هذا الهواء هو غالباً هواء مبتلع مع عملية تناول الطعام، لكن هنا في متلازمة الأمعاء الهيوجة يصبح الوضع مزعجاً ومحرجاً للمريض، فعند حدوث النوبة يجد المريض نفسه يشعر بنفخة كبيرة مع مغص وأصوات قرقعة أيضاً، وقد يحدث هذا الأمر في مكان غير مناسب فيحرج المريض.

السبب في هذا التجمع الكبير للغازات هو أيضاً خلل واضطراب حركة الأمعاء، فعندما تشتد حركة عضلات جدار الأمعاء يتجمع الهواء وينضغط في جوف الأمعاء، يجعل هذا التجمع جدران الأمعاء تتمدد وتعطي إحساساً بالامتلاء والنفخة في البطن، وفي كثير من الأحيان تدفع المريض ليخرج مسرعاً للمرحاض ظناً منه أنه يريد التغوط، فيجد أنه فقط يحتاج لإخراج هذه الكميات الكبيرة من الغازات.

  • أعراض متفرقة أخرى: قد يشعر المريض بالخمول والكسل وعدم الرغبة بالقيام بأي نشاط أثناء النوبة، أو قد يعاني أحياناً من ألم في أسفل الظهر يكون ناجماً غالباً عن توسع القولون بسبب الغازات الموجودة فيه فيعطي إحساساً بالانزعاج أسفل الظهر.

طرق تشخيص تهيج الأمعاء المزمن

نظراً لغياب السبب المحدد لحدوث هذه المتلازمة، وتنوع الأعراض واختلافها بشكل ملحوظ من مريض لآخر؛ فإن الوصول للتشخيص أيضاً أمرٌ معقدٌ وصعبٌ، فلا يوجد أي فحص أو اختبار ممكن أن يجرى في المخبر يؤكد وجود هذه المتلازمة، بهذا يعد التشخيص صعباً ويحتاج لجهد للوصول إليه.

غالباً ما يتم اتباع طريقة نفي وجود الأمراض الهضمية الأخرى، حيث تجرى الفحوص والاختبارات الهضمية بمعظمها، وفي حال غياب أي وجود لمرض هضمي يتم وضع تشخيص للمتلازمة اعتماداً على نفي وجود الأمراض الأخرى أولاً، إضافةً لوجود قصة مرضية من قبل المريض تدعم أعراض المتلازمة ثانياً، وسنعرض بعض الأمور التي يجريها الطبيب في سياق تشخيصه:

  • القصة المرضية: هنا يتم الحديث عن الأعراض التي حدثت مع المريض، متى بدأت؟ هل تأتي بشكل نوبات وتختفي؟ هل لها علاقة ببعض الأطعمة أو المشروبات؟ هل تتحرض بوجود ضغط نفسي وتوتر؟ هل يرتاح المريض بعد التغوط أم لا؟ كل هذه الأسئلة تساعد الطبيب في التوجه للمتلازمة.
  • الصورة الشعاعية البسيطة للبطنX-RAY: هنا يتم أخذ صورة شعاعية للبطن تظهر فيها الأمعاء ككل، سواء الدقيقة أو الغليظة (القولون)، الهدف من هذه الصورة تحري ما إذا كان هنالك تضيقٌ شديدٌ في مكان ما من الأمعاء يسبب توقف خروج الفضلات وتجمعها، كوجود كتلة أو جسم غريب ضمن الأمعاء.
  • تنظير هضمي سفلي (Colonoscopy): يتم إدخال منظار لين مزود بكاميرا متصلة بشاشة عرض ضمن القولون عبر فتحة الشرج يسمح بمعاينة المستقيم والقولون بشكل مباشرٍ، يتم التفتيش هنا عن وجود اضطراب في جدار القولون (ككتلة مثلاً أو التهاب وتبدل في جدار القولون)، الأمر الذي قد يوجه لأمراض أخرى كالتهاب القولون القرحي وغيره، يتم أخذ خزع نسيجية من جدار القولون في حال الضرورة لتحري الأمراض، يجب الإشارة إلى أنه في متلازمة الأمعاء الهيوجة المشكلة في وظيفة العضلات في جدار القولون والأمعاء وبالتالي يكون جدار القولون سليماً من الداخل.
  • فحص الدم: يتم فيه سحب عينة من الدم من المريض وإرسالها للفحص، حيث يمكن من النتائج أن يتوجه الطبيب فيما إذا كان هناك إنتان معين أو حالة التهابية في الجسم أو الأمعاء مسببة لهذه الأعراض.
  • فحص البراز: هنا تؤخذ عينة من البراز، ويتم فحصها في المخبر عن طريق المجهر لتحري وجود عوامل ممرضة مسببة للأعراض كالطفيليات مثل الجيارديا، أو يتم عليها فحص يدعى بالزرع الجرثومي يقوم بتحري أنواع الجراثيم الموجودة في هذا البراز، يعرف الطبيب عن طريقه ما إذا كانت الأمعاء مصابة بالتهاب جرثومي بأحد الجراثيم الممرضة للأمعاء.

بعد استبعاد كل هذه الأمراض والاضطرابات، تم وضع معيارين يتم الرجوع إليهما في سياق التشخيص، يستخدم هذان المعياران لتشخيص أمراض الأمعاء الوظيفية، والمقصود بالوظيفية هنا أن الأمعاء طبيعية من حيث المظهر وخالية من أي مرض لكن وظيفتها مضطربة، ومتلازمة الأمعاء الهيوجة من هذه الأمراض الوظيفية؛ لذلك يتم الرجوع إلى هذين المعيارين اللذين يوجهان بشكل كبير للتشخيص، وهما معايير روما ومعايير مانينغ سنعرضهما فيما يلي:

  • معايير روما (Rome criteria): وفق هذه المعايير يجب وجود أعراض وعلامات قبل وضع التشخيص، العرض الأهم في التوجه هو وجود ألم بطني وعدم راحة لثلاثة أيام في الشهر على الأقل، مترافق مع تزايد أم تناقص للألم بعد التغوط، أو تغير في عادات التغوط من حيث عدد المرات زيادةً أو نقصاناً، أو تبدل في قوام الغائط.
  • معايير مانينغ (Manning criteria): تركز هذه المعايير على الألم الذي يتزايد أم يتناقص بالتغوط، والإحساس بالإفراغ غير الكامل للأمعاء، ووجود مخاط أو تبدل في بنية الغائط، فكلما كانت هذه الأمور أوضح كلما كان تشخيص المتلازمة مرجح أكثر.

علاجات ونصائح حول تهيج الأمعاء

أسباب حدوث المتلازمة مجهولة وغير محددة بدقة كما قلنا، هذا يعني أنه لا يوجد علاج محدد لحل المشكلة والشفاء منها، لذلك تركز المعالجة في سياق متلازمة الأمعاء الهيوجة على علاج الأعراض والتخفيف منها قدر الإمكان، هذا الأمر يحسن وضع المريض ونوعية حياته.

فكما قلنا يكون المريض بهذه المتلازمة بصحة جيدة لكن الأعراض التي يعاني منها في كل نوبة تؤثر على نمط حياته، إذ من الممكن أن يغيب عن العمل بسبب الإسهال أو الإمساك والغازات المرافقة وحتى أن يتوقف عن الخروج من المنزل، لذلك تخفيف هذه الأعراض يجعل نمط الحياة أفضل.

تستخدم بعض الأدوية في تخفيف الأعراض والأفضل أن توصف من قبل الطبيب لا أن تؤخذ عشوائياً، أهم الأدوية التي توصف هي ما يلي:

  • الأدوية المضادة للإسهال: تعمل هذه الأدوية على إيقاف الإسهال المرافق للمتلازمة وتنظيم تقلصات عضلات جدار الأمعاء، أهم الأمثلة عن هذه الأدوية هو ما يعرف باللوبراميد (loperamid).
  • الأدوية المضادة للتشنج: تكون تقلصات العضلات في جدار القولون - كما قلنا - في سياق المتلازمة مضطربة، تشتد في أحيان وتضعف أحياناً أخرى، فعندما تكون مشتدة ومتقلصة تسبب ألماً وإزعاجاً، هذه الأدوية تقوم بإرخاء هذا التشنج الحاصل في سياق نوبة متلازمة الأمعاء الهيوجة وهذا يريح المريض ويخفف أعراض التشنج، من هذه الأدوية الديس كلومين (Dicyclomine).
  • مضادات الاكتئاب: تستعمل هذه الأدوية بشكل أساسي عند المرضى الذين يعانون من ضغوطات نفسية، قلق وتوتر مرافق للأعراض، وحتى من الممكن أن يكون لديهم اكتئاب مرافق لأعراض متلازمة الأمعاء الهيوجة ومحرض لها، تعمل هذه الأدوية على تحسين الحالة النفسية للمريض وتهدئته وهذا يجعل الأعراض أخف، أيضاً تقوم بإراحة وتخفيف تهيج وتقلص عضلات جدار القولون عن طريق آلية عملها التي تقوم على تثبيط وتخفيف نشاط الأعصاب التي تعصب الأمعاء، هذه الأدوية قد تسبب آثاراً جانبية مزعجة لذلك يجب أخذها حصراً بعد استشارة الطبيب.

لا يحتاج معظم المرضى هذه الأدوية في الحالات الخفيفة والمتوسطة، حيث من الممكن التحكم بالأعراض والسيطرة عليها من خلال القيام ببعض الأمور وتغيير بعض العادات في نمط الحياة، هذه التغييرات تساعد كثيراً في تجنب الأمور المزعجة خلال النوبة.

نصائح تساعدك على التخلص أو التخفيف من تهيج الأمعاء والقولون العصبي

  • تجنب الأطعمة والمشروبات المزعجة: كما قلنا هناك العديد من الأطعمة والمشروبات التي تزعج بعض المرضى وتسبب لهم اشتداداً في الأعراض، لذلك من المهم مراقبة الطعام الذي يتناوله المريض وأن يقلع عن كل ما يسبب له الإزعاج، كالكحول والقهوة والبصل والشوكولا وغيرها، وذلك وفقاً لكل مريض وما يزعجه.
  • تناول الألياف: الألياف عبارة عن مكونات طبيعية موجودة في غذائنا، توجد في الخضراوات والفواكه بنحو أساسي، لها دور في تسهيل عملية التغوط وتنظيم عملية إفراغ الأمعاء، فتجعل البراز ليناً وتسهل حركته ضمن الأمعاء بالتالي تسهل إفراغها، العديد من الناس يكون نظامهم الغذائي فقيراً بهذه الألياف، لذلك ينصح بتناول كميات أكبر منها.
  • شرب السوائل: السوائل مهمة لأجسامنا بشكل كبير للعديد من الوظائف ومن ضمنها الأمعاء، فالماء يسهل حركة المواد ضمن الأمعاء ويجعلها لينة وسهلة الامتصاص والإخراج، تقدر الحاجة الوسطية للسوائل عند الإنسان بحوالي 2 إلى 3 ليتر في اليوم، نحصل عليها من شرب الماء والسوائل المختلفة.
  • ممارسة الرياضة: يعلم الجميع أهمية ممارسة الرياضة في تنشيط الدورة الدموية والقلب والتنفس والعضلات، فهي تحسن حالة الجسم كله ومن ضمنه الأمعاء والقولون، فهي تجعل التقلصات منتظمة وتنشطها، إضافةً لتحسين الحالة الجسدية فالرياضة تؤثر إيجاباً على الحالة النفسية، فهي تخفف من التوتر والقلق وتساعد على تخفيف الضغط النفسي، وهذا يحسن ويخفف أعراض متلازمة الأمعاء الهيوجة.
  • نظم وجباتك: من الأمور المهمة لمريض القولون العصبي موضوع تنظيم الوجبات، بمعنى آخر تناول الطعام بأوقات محددة ومنتظمة قدر الإمكان كل يوم، ما يجعل حركة الأمعاء منتظمة أكثر ومتأقلمة مع هذا النظام في الوجبات، وهذا أمر يخفف من الأعراض، أما في حالة العشوائية في تناول الطعام يكون الأمر فوضوياً ومضطرباً بالنسبة للأمعاء وتقلصاتها مما يجعل الأعراض أشد.

ختاماً.. في حال كنت تعاني من متلازمة الأمعاء الهيوجة لا تقلق ولا تخف، فهذا الاضطراب سليم ولا يحمل أي خطورة، اتبع بعض العادات الصحية وابتعد عما يزعجك واتبع نصائح طبيبك وستكون بخير.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار