أسباب الحب أثناء الزواج لغير الشريك وعواقبه

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: السبت، 31 ديسمبر 2022
أسباب الحب أثناء الزواج لغير الشريك وعواقبه

هناك فارق كبير بين المشاعر التي تنتاب الإنسان وطريقته في التعامل مع هذه المشاعر، فنادراً ما يستطيع الإنسان أن ينتقي مشاعره، لأن العديد من الظروف النفسية والعوامل الخارجية تتحكم فيها، فيجد نفسه يفضل شيئاً ما اليوم، ولا يفضله غداً، دون أن يعرف الأسباب الحقيقية في ميله الأول أو في عزوفه لاحقاً، لكنَّ هذه المشاعر تكون مُدمِّرة إذا ما طرقت أبواب المتزوجين والمتزوجات، خاصةً إذا لم يتمكنوا من التعامل معها بشكل صحيح، فماذا عن الحب أثناء الزواج لغير الشريك؟ ذلك ما سنتناول الحديث عنه في هذا المقال.

كيفية تفسير مشاعر الحب

منذ أن بدأ الإنسان بتدوين ما يفكر فيه، عن طريق الأساطير والملاحم الشعرية، كان لديه موضوعات فلسفية كبرى احتلت معظم اهتمامه، أبرزها الحبُّ، فلم يتمكن حتى يومنا هذا، من إيجاد قواعد عامة لهذه المشاعر التي تصيب الذكور والإناث.

وذلك لأن هذه المشاعر تكاد تكون فريدة عند كل فرد، وشخصية جداً إلى أقصى الحدود، ومن هنا، لا يمكن الربط بين الحب والزواج ربطاً عضوياً، إذ لا تزال المجتمعات الشرقية على وجه الخصوص تشهد نسباً مرتفعة من حالات الزواج التقليدي، وزواج الأقارب.

لك حتى الآن لا يملك الإنسان أي من أدوات البحث المناسبة، ليتمكن من التقرير بأن أيهما أكثر نجاحاً على الصعيد العاطفي لكلا الشريكين، أو حتى على الصعيد الاجتماعي، لما تتمتع فيه العلاقة الزوجية من الخصوصية، التي تجعل من كل زوجين تجربة مستقلة، لا يمكن تعميمها، خاصة أن ما تُخفيه الجدران أكثر مما تُفشيه.

وعند الحديث عن العلاقات العاطفية للمتزوجين خارج إطار الزواج، لا يمكن الجزم أو تحديد احتمالات بأن هناك مشاعر تجاه طرف ثالث أثناء الزواج، بناءً على وجود الحبِّ من عدمه قبل الزواج، وذلك لما يطالعنا من تجارب في حياتنا اليوم، ستكون كفيلة بنفي كل القواعد العامة التي قد نقررها نظراً لفرديتها وتباين معطياتها.

نحن هنا لا نتناول الخيانة الزوجية؛ بل نتناول المشاعر التي قد تنتاب الرجل في وقت ما، حين يميل إلى امرأة غير زوجته عاطفياً، أو التي تنتاب المرأة كذلك في السياق ذاته، ولن نخوض في تطورات هذا الميل إلى علاقة متكاملة مع طرف ثالث، تدخل في إطار الخيانة الزوجية، سواء كانت علاقة عاطفية أم جسدية. [1]

إدراك الأسباب الحقيقة التي تحرك المشاعر

فجأة؛ ودون سابق إنذار، يشعر الرجل بميل عاطفي تجاه زميلته في العمل، فيتمنى لو كانت هي زوجته، أو لو كانت زوجته تشبهها، كذلك المرأة، تنتبه فجأة إلى أن صديقها أو زميلها رجل مهذب ووسيم ويحترمها، فتتمنى لو كان زوجها كذلك، أو لو كان هو زوجها.

ولا تعتبر هذه المشاعر شرطاً لتطور العلاقة، لكن هل تأتي هذه المشاعر من العدم؟ بالتأكيد لا، بل هناك العديد من المقدمات التي تؤدي إلى بحث الأزواج عن بدائل عاطفية خارج بيتهم الصغير (نتحدث هنا عن المشاعر المكتومة وليس الخيانة).

وهذه الأسباب لا تكون مفاجئة، بل تراكمية؛ فقد تجتمع على مدى 10 سنوات وربما أكثر، لكنها تعبِّر عن نفسها فجأةً، من خلال ظهور هذه المشاعر في عمق النفس، إذ يقول إيريك فروم (Erich Fromm)، أحد تلامذة مدرسة فرويد وآخر أساتذتها، في كتابه العلمي (فن الحب)، وفي فصل بعنوان (الحب جواب على مشكلة الوجود الإنساني):

"هذه الرغبة على الاندماج مع شخص آخر، هي أكبر توقان لدى الإنسان، إنها أشد عواطفه جوهرية، إنها القوة التي تبقي الجنس البشري متماسكاً، وكذلك القبيلة، والأسرة، والمجتمع، والفشل في هذا الاندماج، يعني الجنون، أو الدمار، الدمار للذات أو للآخرين...".

وبذلك؛ يمكن أن نستنتج أمراً بالغ الأهمية، وهو أن بحث الإنسان عن الحب والاندماج مع شخص آخر، هو بحث مستمر، لا يتوقف عند حد معين، وهو سؤال في اللاشعور يطرحه الإنسان على نفسه يومياً، (أين هو الحب؟)، وعندما لا يجد الإنسان الجواب عن هذا السؤال، مع أنه ينام في سرير الزوجية إلى جانب شريكه، سيفتح الباب للبحث عن حلول بديلة.

ثم ودون أن يدري، سيجد قلبه يدق أمام شخص آخر غير شريكه، وسنقف عند الاحتمالات الممكنة، لكن قبل ذلك، نزعم أن فقدان معنى الحب، والألفة، والاندماج في الحياة الزوجية، هو الدافع الخفي الأساسي الذي يحرض المشاعر على ملء الفراغ، وهنا أيضاً مسألة جوهرية.

هذه العملية النفسية المعقدة، لا تتم تحت إرادة الإنسان بل في الباحة الخلفية وراء الكواليس، أما الإرادة ستتحكم بالسيطرة على هذه المشاعر وتوجيهها، إضافة إلى التحكم بها، لكن لا يمكن تجنب الإحساس بها، ويبقى تجريم الخيانة الزوجية بأفعالٍ صريحة، تجريماً للتصرفات الناتجة عن المشاعر، وليس للمشاعر نفسها. [1]

العقد الأخلاقي بين الزوجين يمنع تطور أي مشاعر خارج علاقتهما

لا يوجد أي مبرر أخلاقي لوجود أي علاقة عاطفية أو جسدية، يدخل بها الرجل المتزوج أو المرأة المتزوجة مع طرف ثالث، لكننا هنا نذكر أننا لا نتحدث عن الخيانة بل عن المشاعر، والأخلاق تتعامل مع الوقائع الناتجة عن المشاعر والنوايا، ولا تتعامل مع النوايا والمشاعر نفسها.

كما نتحدث هنا عن الأخلاق العامة، وعن الأخلاق التي سنتها الأديان السماوية، فعن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، روى ابن عباس أن رسول الله يقول:

"من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة".

فمن أراد شراً وأمسكَ عنه كان محسناً، وفي مقامنا هذا، لا يمكن اعتبار المشاعر في حد ذاتها نية سيئة، خاصة وأن هذه المشاعر مكتومة وسرية، ما لم يفصح بها المرء بالتقرير أو التلميح، لذلك فهي لم ترقَ بعد إلى مرحلة الإضرار بالعلاقة، ويأتي دور صاحب/ـة هذه المشاعر في التعامل معها، ومنعها من إفساد الحياة الزوجية أو تطورها إلى الخيانة الزوجية، لكن كيف يكون ذلك؟ [2]

كيفية التعامل مع مشاعر الميل إلى شخص غير الشريك

لنتفق أولاً على أن الحلول غالباً ما تكمن في الأسباب، وإذا تأملنا فيما تقدم، سنجد أن السبب الرئيسي في ظهور هذه المشاعر تجاه شخص غريب هو مشكلة بين الزوجين في التواصل والتعبير في الحالات الطبيعية.

كما يمكن أن يكون السبب متعلقاً بأن أحدهما بمعزل عن الآخر، كضغط العمل، أو المشاكل المادية، أو الاضطرابات النفسية المؤقتة أو المزمنة، التي تجبر الإنسان على البحث عن حلول غالباً ما تكون ملتوية، ليتمكن من تأمين توازنه النفسي.

لذلك؛ فإن البداية المنطقية للتصدي لهذه المشاعر والتحكم بها، إضافة إلى منعها من التطور أكثر، سيكون عن طريق طرح الأسئلة على الذات، وهذه الأسئلة على مرحلتين، الأولى عن الارتباط بين المشاعر الطارئة والعلاقة الزوجية، والثانية عن الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه المشاعر تجاه هذا الشخص.

وبعد الإجابة عن هذه الأسئلة، نقدم بعض النصائح التي تساعدك في وضع هذه المشاعر أمام محكمة العقل لتصل إلى الطريق الصحيح. [2]

نصائح لتجنب أخطار مشاعر الحب لغير الزوج أو الزوجة

  1. فكر دائماً بالاستقرار العائلي، وبالنتائج الكارثية لهذه المشاعر تجاه شخص آخر، غير الزوج/الزوجة.
  2. فكر في مستقبل هذه المشاعر، فهذا كفيل بكبتها والسيطرة عليها، لأنها لا بد وأنها ستكون مسيئة إلى الأطراف المعنية.
  3. حاول أن تجدد الروتين في الحياة الزوجية، فالروتين من أهم أسباب الفتور في العلاقة العاطفية، لذا يعتبر الميل العاطفي لغير الشريك مؤشراً مهماً على الحاجة إلى كسر هذا الروتين.
  4. ابحث دائماً عن الصفات الإيجابية للشريك في هذه الحالات، وتغليبها على الصفات السلبية، وتذكر أن الكمال ليس من طبيعة الإنسان.
  5. ابتعد عن الشخص الغريب الذي أثار مشاعر الحب أو الإعجاب، لأن الابتعاد عنه سيمنع هذه المشاعر من التصريح عن نفسها بالأفعال أو الأقوال.
  6. لا تحاول أن تجد مبررات لهذه المشاعر، لأن المبررات ستساعد على تأجيج المشاعر بينكما، لذا لا تقولي (زوجي عصبي وهذا الرجل هادئ)، ولا تقل (زوجتي نكدية وهذه المرأة تسعدني)، هذه المبررات ستكون الخطوة الأولى في تدمير الأسرة، والقضاء على الاستقرار العائلي.
  7. حاول أن تجد حلولاً أخرى للخلافات الزوجية، فالحل لا يكون بالدخول في علاقات خارج الزواج، مهما كانت طبيعة هذه الخلافات، بل ابدأ في محاولة حلِّها، ثم استشارة المختصين أو أصحاب الخبرة، وإن لم يكن هناك مجال لحل هذه الخلافات، وانعدمت السبل، فوصلتما إلى طريق مسدود، سيكون الانفصال خياراً أفضل من البحث عن شريك موازٍ أثناء الزواج القائم.
  8. ينظر أغلب الأطفال إلى أهلهم أنّهم أشخاص متميزون ومثاليون، هذه الصورة ستنكسر أمام ظهور مشاعر الحب أو الإعجاب لغير الشريك، كما سيؤثر ذلك سلباً على صحة الأطفال النفسية. [2]

عواقب حب شخص آخر غير الزوج أو الزوجة

في الفقرات السابقة، ألمحنا لعدة مخاطر أخلاقية وأسرية تنتج عن تطور مشاعر الحب تجاه شخص آخر غير الزوج أو الزوجة، ومنها يمكن استنتاج العديد من المخاطر الاجتماعية، إذ إن كل ما يهدد الأسرة يهدد المجتمع كاملاً، ومنها ما يأتي: [1] [2]

  • لا يوجد ما يبرر الدخول في أي علاقة عاطفية أو جسدية، في ظل وجود زواج قائم، مهما كانت ظروف هذا الزواج، وإلا سيواجه المرتكب لهذه العلاقة محاكمة اجتماعيةً وأخلاقيةً قاسية، فضلاً عن محاكمة الضمير.
  • الحفاظ على استقرار الأسرة والسلامة النفسية للأطفال أولوية اجتماعية، يجب وضعها على رأس القائمة.
  • إذا كان الانفصال بسبب الخلافات الزوجية يمثل خطراً على الاستقرار الاجتماعي، فإن الانفصال بسبب اختراق عاطفي من طرف ثالث، يشكل كارثةً اجتماعية على أطراف الزواج، خاصة في المجتمعات المحافظة، التي تتفنن في تناقل السِّير والأخبار.
  • لا يمكن للمجتمع أن يدخل إلى عقل أحد أو إلى مشاعره، ومن هنا تبدأ المشكلة من التعامل مع المشاعر، أكثر من وجود المشاعر نفسها، ويعتبر التصدي لها وعدم السماح بتطورها واجباً تجاه الأسرة والمجتمع، بموجب العقد الضمني بين الأزواج بالوفاء والإخلاص.
  • بين تهمة الخيانة وهذه المشاعر خطوة واحدة، ستكون خطوة مدمرة للشخص وعائلته ومحيطه.

ختاماً، إن ضغوط الحياة تحرض الإنسان ليبحث عن تجارب مختلفة، قد تكون شاذة وغير أخلاقية، لكن لو رضخ جميع الناس لهذه الضغوط، لكان كل الناس يتعاطون المخدرات، ويسرقون، ويفعلون كل ما يحلو لهم، إلا أن العقل من أهم وظائفه الحفاظ على التوازن، وتقديم الحلول الملائمة لمختلف المشكلات والعقبات، لذلك يجب تحكيم العقل في وقت تطغى فيه المشاعر.