بعد الجدل والانتقادات: مؤلف مسلسل معاوية يخرج عن صمته

أثار مسلسل "معاوية" جدلاً واسعاً منذ الإعلان عن عرضه ضمن دراما رمضان 2025، إلا أن العراق قرر منعه بسبب المخاوف من إثارة حساسيات تاريخية قد تؤثر على السلم المجتمعي.

وفي أول تعليق رسمي بعد هذا القرار، خرج الكاتب المصري خالد صلاح، مؤلف العمل، عن صمته ليوضح طبيعة المسلسل ورؤيته لشخصية معاوية بن أبي سفيان، مؤكداً أن الهدف الأساسي منه هو تقديم صورة أكثر إنسانية وعمقاً لشخصية جدلية في التاريخ الإسلامي.

في منشور عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، قال صلاح إن العمل لا ينحاز لأي طرف تاريخي، ولا يقدم سردية تنتصر لوجهة نظر بعينها، بل يسعى إلى إعادة قراءة الشخصية بشكل جديد، بعيداً عن ثنائية المنتصر والمهزوم، وبما يعكس طبيعة الأحداث السياسية والاجتماعية التي تشكلت في ظلها شخصية معاوية.

معاوية.. بين الحكمة والسياسة

يرى خالد صلاح أن معاوية لم يكن مجرد حاكم يسعى للسلطة أو قائد عسكري يخوض الحروب بالسيف فقط، بل كان رجل دولة شديد الذكاء، صقلته الأحداث، وكان يدرك أن النصر لا يتحقق دائماً بالقوة، وإنما بالحكمة والتخطيط البعيد المدى.

وأضاف: "معاوية لم يكن خالد بن الوليد في ساحة المعركة، ولم يكن كالإمام علي بن أبي طالب في زهده، بل كان قائداً يفكر بعقلية استراتيجية، ويدير الأزمات بالصبر والتروي. لم يكن رجل المعارك المباشرة، بل كان يفضل الانتصار بدون قتال، حيثما أمكن".

وأكد أن المسلسل يسعى إلى إظهار الصراع الداخلي الذي خاضه معاوية، حيث لم يكن مجرد رجل سلطة، بل كان إنساناً يواجه تحديات كبيرة، بين ما يؤمن به وما تفرضه عليه الظروف السياسية.

محطات فارقة في حياته

يركز المسلسل على اللحظات التي شكلت شخصية معاوية، بدءاً من نشأته في بيت العظمة والثراء في قريش، وتأثره العميق بدخول والدته هند بنت عتبة الإسلام بعد سنوات من العداء.

كما يستعرض علاقته بالخليفة عثمان بن عفان، وتأثير مقتله عليه، حيث وجد نفسه في مواجهة اضطرارية مع الإمام علي بن أبي طالب، الأمر الذي غيّر مسار الأحداث التاريخية.

كما يتناول العمل الجوانب الشخصية في حياة معاوية، ومنها:

• فقدانه زوجته الأولى وابنه عبد الرحمن، وهو ما شكّل له صدمة عاطفية أثرت في شخصيته.
• حبه لزوجته ميسون بنت بحدل، التي كانت تميل لحياة البادية وترفض أجواء القصور.
• علاقته بأخيه يزيد بن أبي سفيان، الذي كان سندًا له، قبل أن يفقده بسبب الطاعون، وهو ما دفعه لاحقاً إلى إعادة التفكير في خياراته السياسية.

العمل يطرح أسئلة أكثر مما يقدم إجابات

أكد خالد صلاح أن المسلسل لا يهدف إلى إعادة كتابة التاريخ، بل إلى طرح رؤية جديدة تتيح للمشاهد التفكير في الأحداث بعيون مختلفة.

وأضاف: "حاولنا الاقتراب من معاوية كإنسان، لا كرمز سياسي. لم نضعه في خانة الخير أو الشر، بل قدمناه كشخص واجه أقداره، واتخذ قراراته بناءً على معطيات عصره، لم يكن معصوماً من الخطأ، ولم يكن أيضاً مجرد طامع في السلطة، بل رجلاً وجد نفسه في زلزال سياسي لم يكن خياراً سهلاً لأحد".

وشدد على أن العمل لا يقدم صورة أحادية لمعاوية، بل يفتح الباب أمام المشاهدين لإعادة التفكير في الشخصية بعيداً عن الروايات التقليدية.

منع المسلسل في العراق

في المقابل، قررت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية منع عرض المسلسل خلال شهر رمضان، مبررة القرار بأن الأعمال الدرامية ذات الطابع الجدلي قد تؤدي إلى إثارة التوترات الطائفية، وهو ما قد يؤثر على التماسك المجتمعي.

وفي بيان رسمي، أكدت الهيئة أن أي محتوى قد يثير الانقسامات التاريخية أو العقائدية لن يُسمح بعرضه، داعية القنوات والمنصات الإعلامية إلى الالتزام بالمعايير المهنية في اختيار محتواها.

ورغم هذا القرار، لا يزال المسلسل يحظى باهتمام كبير، خاصة أنه يطرح شخصية تاريخية أثرت في مجرى الأحداث الإسلامية، ويعيد تقديمها برؤية جديدة تثير النقاش بين الجمهور والنقاد على حد سواء.